لا أرغب في الدخول في جدال شخصي.
ولكن علي طرح فكرتي و نظريتي عنها
أولًا، هناك ظاهرة ألاحظها في المجتمع وتستحق الدراسة
وأنا سأتحدث بموضوعية باحثة وإنسانة تلاحظ ما يحدث.
الظاهرة هي أنه يتم إلصاق العاطفية بالنساء، والعقلانية بالرجال، ويتم اعتبار العاطفية شيئًا سلبيًا، ويتم استغلال الصورة النمطية لعاطفية النساء كذريعة لمعاملة النساء ككائنات بلهاء لا تحسن التصرف، أو كذريعة لإرضاء الأنا الزائفة لبعض الرجال.
أريد أن أقول فقط من واقع تعاملي مع الكثير والكثير من الفئات في المجتمع، إن أغلب البشر سواء كانوا رجالًا أو نساءً، هم عاطفيون، ولديهم مغالطات واضحة في التفكير العقلاني والمنطقي
وقد أدركت ذلك عندما كانت تواجهني مشكلة حقيقية في التواصل مع أغلب الناس، لأنني إنسانة تميل إلى العقلانية.
وقابلت أيضًا عددًا كبيرًا من الرجال العقلانيين الذين يتمتعون بالحكمة، من بينهم والدي
وقابلت عددًا كبيرًا من النساء العقلانيات بل ويمكنني الجزم أن عقولهن تزن بلدًا بأكمله
ولكن ما زلت غير قادرة على فهم هذه الظاهرة الإجتماعية على مر التاريخ.
لماذا يتم وصم العاطفية؟ ولماذا يتم محاولة إلصاقها بالنساء، ونفيها عن الرجال بكل الطرق؟
رغم أن العاطفة جزء من التكوين الوجداني للإنسان، وإذا كان هناك إنسان ينقصه عاطفة فتعتبر مشكلة كبيرة، لكن لا أحد ينتقد فكرة نقصان العاطفة عند البشر بقدر ما ينتقدون فكرة نقصان العقلانية.
ونريد أن نتفق أن العاطفية و العقلانية مكونان أساسيان لأي إنسان، ويجب أن يكون هناك توازن بينهما، وإذا طغى أحدهما على الآخر نوعًا ما فهذه ليست مشكلة، المشكلة الحقيقية تكمن في خروج أحدهما عن السيطرة تماما.
فمثلًا لو خرجت العقلانية عن السيطرة وابتلعت عاطفية الإنسان بالكامل، فأصبح بلا عاطفة، حينها يكون الإنسان أشبه بالشخص السيكوباتي أو المكيافيلي الذي لا يحترم أو يقدر مشاعر الناس، ويؤذيهم ويستغلهم ويرتكب فيهم جرائم أخلاقية بمبررات منطقية
ولو ابتلعت العاطفية عقلانية الإنسان
فسنحصل على شخص متهيج مستثار طوال الوقت،غير قادر على اتخاذ قرارات سليمة، صعب المراس، ومؤذي تمامًا لمن حوله.
هكذا وضعنا أيدينا على المشكلة الحقيقية
يظل السؤال
أليس الرجال عاطفيون؟
من الغريب جدًا أن ينشر المجتمع فكرة أن الرجل رمز الحكمة والعقلانية مع أن الظواهر المجتمعية والتاريخية من حولنا تنفي هذه الفكرة أو على الأقل تناقضها.
فمثلًا هل يمكننا أن نعتبر "الغضب" ليس بعاطفة؟
أليس الغضب المدمر لبعض الرجال دليلًا على كونهم عاطفيين جدًا؟
بالتأكيد الغضب عاطفة، ولأن العاطفة المسيطرة على النساء هي الحزن، والعاطفة المسيطرة على الرجال هي الغضب، يتم إعتبار الرجال أفضل بل ويتم إحترام وتقدير غضبهم وإحتقار حزن النساء، ولا يتم تفسير الغضب كعاطفة، بل كقوة وحمية وغيرة ونخوة وعلامة على الفحولة والرجولة إلخ
ويتم إعتبار عاطفة حزن النساء، ضعف، هشاشة، درامية، و هرمونات.
ولكن أليس هذا تناقض واضح؟
نحن نحدد الأسوأ بناءً على الآثار المترتبة على هذه العاطفة
فمثلًا الحزن ليس مثل الغضب
الغضب مدمر ومؤذٍ للإنسان ولمن حوله، لكن الحزن يدمر صاحبه أكثر من أي شيء.
وكلاهم عاطفة
والإنسان الذي يتملكه الحزن أو الغضب بغض النظر عن جنسه، هو إنسان عاطفي.
حسنًا لقد تحدثنا عن نقطة الغضب
وهي عاطفة شديدة غالبة على معظم الرجال
نعم الغضب عاطفة وعدم السيطرة على الغضب يعني أنك إنسان عاطفي طبعًا وينقصك العقل
نأتي لشق آخر
هل الشهوة على الرغم من كونها دافعًا لسد حاجة فسيولوجية،ولكن أليس يقودها عاطفة؟
هل الشهوة التي تدفع الرجال لارتكاب سلوكيات غير منطقية وغير أخلاقية وأبعد ما تكون عن العقلانية، لا تعتبر عاطفية؟
بل إن الشهوة عاطفة حيوانية تمامًا، وتعتبر من العواطف البدائية أيضًا، أي أنها ليست عاطفة سامية مثل الحب عند النساء مثلاً.
الشهوة عاطفة تقود وتوجه نسبة كبيرة من الرجال
لدرجة ارتكابهم لأفعال حمقاء تمامًا تحت تأثيرها.
نأتي الآن للنقطة الأهم
وهي عاطفة جماعية نابعة من الغضب لكنها ترتدي رداءًا أخلاقيًا اجتماعيًا، سنقول أن الغضب تسامى ليصبح مقبولاً أكثر في المجتمع وتحول إلى شيء آخر ألا وهو التعصب
التعصب القبلي،التعصب الديني، التعصب الجندري، التعصب الكروي، التعصب العرقي.
كل أشكال التعصب التي تجعل الإنسان يندفع ويتنازل عن العقل والمنطق ويتحول إلى كائن غوغائي تمامًا.
أليست هذه عاطفة؟
أن تتعصب وتقتل إنسانًا بسبب لعبة،أليست هذه عاطفية؟
وعاطفية مجنونة أيضًا
أن تتعصب وتقوم بمذابح، وحروب وإبادات
أليست هذه عاطفية؟
كيف تعتبر الكائن الذي يقوم بكل هذه التصرفات عاقلاً
وتعتبر كائنًا آخر لأنه حساس أو يبكي ويتأثر بسهولة كائنًا غير عاقل؟
يعني عاطفية النساء
تعني أنهن فاقدات للأهلية وفي حاجة للوصاية الدائمة عليهن لأنهن غير قادرات على إتخاذ القرارات
وعاطفية الرجال هي التي تجعلهم قادة وحكامًا يقودون جيوشهم إلى الهلاك ويعثون في الأرض الفساد
هذه هي العقلانية؟
وهل هذا الحكم سليم؟
أنا لا ولن أعمم، المجتمع هو الذي عمم لذلك أحاول التحدث بلسانه وبنفس منطقه لأوضح تناقضه.
ما يضحكني ويبكيني هو مدى لا منطقية العالم
لكنني لست متفاجئة
لأنه نظرًا لكون غالبية البشر تنقصهم القدرة الصحيحة على الحكم على الأمور
فمن الطبيعي أن تكون الأحكام العامة المنتشرة في الوعي الجمعي متناقضة وفيها أخطاء واضحة.
التعليقات