يميل الإنسان بطبعه إلى التطلع نحو المستقبل بأمل وتفاؤل، ونرى ذلك جليًّا في أحلامنا وطموحاتنا ورغباتنا في حياة أفضل، لكن هل نقع أحيانًا ضحية هذا التفاؤل ونقيّم المستقبل بشكل أكثر إيجابية مما هو عليه في الواقع؟ وهنا قد ينشأ التناقض بين تقييمنا للمستقبل وبين ما هو عليه في الواقع.

فقد نجد أنفسنا أكثر تفاؤلًا مما ينبغي، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل كبيرة عندما لا تتحقق توقعاتنا، يذكرني ذلك بأحد الشباب الذي تحمس وقام بافتتاح مشروع دون دراسة جدوى، واعتقد أنه يمكنه تحقيق أيّ شيء دون بذل أي جهد، مما عرضه لخسائر كبيرة نتيجةً لتفاؤله غير الوقعي أو المتحيز، وقد يكون تقييمنا للمستقبل مبنيًّا على تجاربنا الشخصية الإيجابية، مما قد يجعلنا نعتقد أن الأمور ستستمر على نفس المنوال، وقد نتأثر بتفاؤل الآخرين، مثل العائلة والأصدقاء ووسائل الإعلام، مما قد يجعلنا نرى المستقبل بشكل أكثر إيجابية على غير الواقع مثل الدعوة للاستثمار في الشركات أو المشاريع المغرية ذات العائد الكبير دون التحقق من مصداقية هذه المشاريع، قد نرغب بشدة في تحقيق شيء ما، ولكن يجب أن ننتبه عندما لا تتحقق توقعاتنا!، قد تكون الصدمة كبيرة، مما قد يؤثر على صحتنا النفسية والجسدية، وقد يجعلنا هذا التفاؤل المفرط غير مستعدين لمواجهة التحديات التي قد نواجهها في المستقبل.

وبالتالي يدفعنا التفاؤل المفرط إلى اتخاذ قرارات خاطئة وكارثية، لذلك من المهم أن نحافظ على توازننا بين التفاؤل والواقعية عند تقييمنا للمستقبل، فهذا يساعدنا على التخطيط بشكل أفضل واتخاذ قرارات أكثر حكمة. كما يجب أن لا يكون تحيزنا للتفاؤل على تقييم تجاربنا الإيجابية فقط، بل علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أيضًا تجاربنا السلبية، مما يساعدنا على توقع التحديات التي قد تواجهنا في المستقبل، ووضع خططٍ قابلة للتحقيق مبنية على الإمكانات والقدرات المتاحة، كما يجب أن نضع في الاعتبار أن التفاؤل شعور إيجابي ضروري لمواجهة صعوبات الحياة، ولكن من المهم أن نحافظ على التوازن بينه وبين الواقعية عند تقييمنا للمستقبل.