لعبة استُحدثت لتسلية الملوك، وجُعلت أهم قطعة فيها باسم “الشاه” وتعني الملك، وحتى بعد شيوعها في صفوف “العامة”، ظلّت لصيقة بالنخبة وسمّيت برياضة الأذكياء.

أكثر البحوث العلمية موثوقية تمنح هذه اللعبة عمرا مساويا لعمر الإسلام، حيث كانت الفتوحات التي قام بها المسلمون لإمبراطورية كسرى أنو شيروان، فرصة لخروج هذه اللعبة من بلاد فارس إلى العالم.

كان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي يهوى اللعبة، ويفضل أن يكون الطرف المقابل له شاعرا أو أديبا أو قائدا عسكريا. كما تروي كتب التاريخ أن الشطرنج كانت لعبة أثيرة لدى الخليفة المعتضد، ولعبة الخليفة هارون الرشيد المفضلة، بحسب كتاب “الأغاني”. كما عرف عن الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك ولعه بهذه اللعبة، وكان يعتبرها من أهم الركائز الأساسية في حياته اليومية، ويخصص لها جزءا كبيرا من وقت فراغه، ويرى أنها حرب مصغرة يخوضها كما يخوض المعارك الحقيقية.

تُعد لعبة الشطرنج واحدة من أشهر وأقدم الألعاب اللوحية التي يلعبها لاعبان على لوحة مرقعة باللونين الأسود والأبيض غالباً، بواسطة قطع مخصصة لكل لاعب مختلفة باللون تستخدم لمهاجمة وأسر قطع الخصم، وللدفاع عن بعضها البعض لتحقيق الهدف من هذه اللعبة وهو محاصرة ملك الخصم بوضعية لا يمكنه الفرار بعدها، كما يمكن أن تنتهي اللعبة بعدة نتائج، إمّا الفوز وإما الخسارة وإما التعادل، وكل ذلك وفقاً لقواعد معينة وثابتة، وفي المباريات التي تتنافس فيها الفِرَق، يتم تسجيل الفوز كنقطة واحدة، والتعادل بنصف نقطة، والخسارة بلا نقاط.

وهي لعبة كان يلعبها الملوك و قادة الجيوش للتخطيط و نصب الفخاخ فهي لعبة للأذكياء و بأصحاب الذهاء

حاز العرب اللعبة كما يحوزون بقية الغنائم، وطوّروها وأطلقوا عليها أسماء وأشكالا تطابق خصوصياتهم الثقافية والدينية، ثم حملوها معهم إلى أطراف العالم التي فتحوها بالدعوة والسيف، ليصلوا بها إلى بلاد الأندلس، حيث شهدت طفرة جديدة من التجديد والانتشار.

لعبة عابرة للإمبراطوريات

رقعة مربعة الشكل مقسّمة إلى 64 مربعا صغيرا، تتحرك فوقها 32 قطعة منقسمتين بين فريقين، أسود وأبيض، لكنها أكثر من مجرد رقعة للعب والتسلية، بل يرى فيها جل من يعرفها منطقة تتكاثف فيها ألغاز التاريخ والاقتصاد والسياسة والأدب.

وعبر التاريخ، تأثرت لعبة الشطرنج بتعاقب الامبراطوريات وتأثرت بخصوصياتها. ففي عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد مثلا، عكست لعبة الشطرنج تعاليم الإسلام وتأكيده على أن الفكر أقوى من الحظ.

هذا التأثير العربي، هو ما يرجّح أن القطعة الأقوى والتي كانت توصف عند الفارسيين بمستشار الملك، بات تحمل اسم الوزير.