أصبح المجتمع الان يعاني من أزمة اخلاقية في حقيقة الأمر، فهي ليست ازمة اقتصادية ولا سياسية، وانما هي في مبدأها ازمة أخلاق، تسللت لتدخل كل بيت منه، ومن ثم الي كل غرفة، حتي استحكمت في قلوب ساكنيها، فأسفرت عن ازمة في مختلف الجوانب.
برأيك ما هو السبب الرئيسي لتفشي الأزمات وخاصة الأخلاقية منها، وأي الأزمات أولي بالمعالجة؟
الأزمة الأخلاقية الأوْلى بالمعالجة هي تتبع أخطاء الآخرين والسهو أو تجاهل أخطائنا الشخصية.
فلو أن كل شخص صار قيّمًا على نفسه وانشغل بها، وركز في معرفة واجباته وحقوقه ونقاط قوته ونقاط ضعفه والتحديات التي تواجهه وكيفية مواجهتها لتغير الحال.
لكننا نشهد العكس، تدخل الجميع في حياة الجميع، كل شخص ينصب من نفسه حكمًا على غيره ويعطي لنفسه الحق في إصدار الأحكام والتوجيهات، ويغفل عن نفسه بل والأدهى من ذلك لا يتقبل التوجيه ولا النقد.
صحيح لا بد من ان يهتم كل واحد بمشكلاته، وان يكون قيما علي نفسه وينشغل بها.
لكن في نفس الوقت أ فاطمة لابد من تقديم النصائح لبعضنا البعض، واعتقد ان هناك فرق بين تقديم النصيحة، وبين التدخل في شؤون الاخرين، وهذا يرجع الي الاسلوب في النقاش أو الاعتراض.
لا يمكن أن يخرج البناء سليمًا إلا إذا اهتممت بكل لبنة توضع فيه، وكذلك المجتمع لا يمكن له أن يستقيم إلا إذا كانت الأسرة نفسها كذلك؛ لأنها هي وحدة بنائه. كل شيء هو مسؤولية الأب والأم. نحن الآن نرى بنات وشباب يتزوجون ولكنهم غير مؤهلين للتربية ولا مقدّرين لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
المشكلة الأخلاقية تأتي كذلك من محاولة التشبه بآخرين في ثقافاتهم وأسلوب حياتهم، وفقدان الإحساس بالهوية. المشكلة أننا نضع رداءًا لا يخصنا لمجرد أنه يبدو الأفضل شكلًا، ولكنه في الحقيقة أقل قيمة.
لا أتفق على الإطلاق يا أحمد. لا أرى أن الأزمة التي يعانيها المجتمع أزمة أخلاق. وإنما هي أزمة وعي، والوعي هنا أمر له صلة باتخاذ القرارات المناسبة لصحّة الاقتصاد والوضع الاجتماعي وخلافه. إن الأخلاق نسبيّة، وبالتالي لا أرغب في تطبيق منطق يبدو بدائيًّا بعض الشيء، يتمثّل في اعتبار الحيد عن التقليدي والعرفي أمر مخالف للأخلاق، أو يعتبر البعد عن الأخلاق لعنة تقع على عاتق المجتمع. إن بحثنا هنا عن نظام سياسي واقتصادي قادر على تحديد أولويّاته بدقة وخلفية معرفية، مما يؤهله لوضع نظام صارم لا يسمح بالفساد. لكن الأمر لا صلة له بالأخلاق في رأيي.
لأول مرة تقريبًا أختلف معك تمامًا في الرأي يا علي لأنني أرى أن هنالك أزمة حقيقية في الأخلاق يعاني منها المجتمع بكل تأكيد والدليل على ذلك إدمان البعض على المنكرات بالرغم من وعيهم بتحريمه ومدى خطورة فعله .. الأمر لا يتعلق بمدى وعيه وإدراكه ولكن انتكاسته الأخلاقية في أن يتمسك بذلك .. كيف تفسر ذلك من خلال الوعي وليس الأخلاق وهو مدرك لما يفعله؟
كلامك صحيح أ علي، لكني أختلف معك قليلا، ذلك لأنك إذا نزلت الشارع وركبت المواصلات وغير ذلك في مجتنعنا تدرك حجم الازمة التي تمر بنا وحينما تحاول فهمها علي حقيقتها، تعلم انها أزمة أخلاق.
اتفق معك أن الاخلاق نسبية، لكن اعتقد أن لكل مجتمع قواعد أخلاقية إذا حاد عنها أصيب المجتمع بهذه الأزمة.
الجهل وقلة الوعي والفقر والبطالة وادمان المحرمات والمنكرات قد تكون من الاسباب الهامة في تفشي الازمات الاخلاقية.
برأيي الأزمات الأخلاقية تكون نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية جداً و افقر وقديما قال الامام علي كرم الله وجهه: لو كان الفقر رجلاً لقتلته! فمثلاً، عندما لا يجد الموظف راتب يكفيه حتى نصف الشهر و يشعر بالغبن في بلاده فإنه قد يمد يده للرشوة. ليس هذا فقط، الأزمات الاقتصادية الطاحنة تقود إلى تردي أخلاقي كبير نشهده حتى على منصات مثل التك توك وغيرها بغرض الكسب السهل الرخيص! كذلك، ما نشأت المهرجانات في بلادنا إلا لكسب المال فقط لا غير؛ فهو ليس في الحقيقة فناً يرتقي بالذوق ويهذب المشاعر ويوصل معاني رقيقة جليلة.
اعتقد ان الأمر متشابك لحد ما، وذلك لأنك تجد أشخاص أغنياء والازمة الاقتصادية لا تؤثر فيهم ومع ذلك تجد أن الاخلاق عندهم لا تكاد تذكر.
لا، هؤلاء ليس لديهم أزمة أخلاقية؛ لأنهم لا يعترفون أنهم في أزمة. فقد يقولن لك: هذا نمط حياتنا و اعتقادتنا و الذي تراه أنت أخلاقي أراه أنا غير أخلاقي و العكس بالعكس. وإنما يكون التردي الاخلاقي لدى هؤلاء الذين كانوا مقتنعون بسلوكيات معينة ثم ينحرفون عنها رغماً عنهم لظروف قاهرة؛ فعندها يمكن ان نسمي ذلك تردي أخلاقي.
حدد أي أزمة أخلاقية بالتحديد يعاني منها مجتمعك ، فالأزمات الخلاقية ليست بالمصطلح الجديد فقد بزغت منذ بزوغ المجتمعات البشرية !
التعليقات