فوق خشبةِ الحياة، نعيشُ كواليسًا لن ننساها أبدًا. يومٌ كبقيةِ الأيام تسيطرُ عليهِ روتينيَّة الحياة اليوميَّة، و في لحظةٍ من اللحظات التي شهدَها ذلك الشَّارع تصحو العِبرة في قلبي، ليصبحَ هذا اليوم فاجعة ستظلُّ عالقة في ذاكرتي إلى الأبد. ذلك الملاك الصغير الذي كنتُ أستبشرُ بهِ خيرًا من أعلى السطحِ كل صباح، يضاهي العصافير في أغاريدهِا و يفوقُ البلابل في أناشيدهِا،كان عائدًا من المدرسةِ يحملُ افتخارهِ على ظهرهِ، وشهادةٍ فيها انطوَت أحلام لم تكتب بعد،كان يهرولُ مُسرعًا ويبدو عليهِ نشاط
كم من القهر يمكن أن يخفيه صمت عابر؟
خلال فترة تدريبي في إحدى الصيدليات، دخل رجل في أواخر الثلاثينات، وجهه مشبع بتجاعيدِ الزمن، كانت ملابسه البسيطة تنبئُ بحياةٍ يوميةٍ تطاردُها هموم لا تنتهي، لكن، على الرغم من كل ذلك، كانت هناك ابتسامة خافتة لكنَّها دافئة، تضيءُ وجهه. تقدَّم نحونا، أنا والدكتورة المناوبة في ذلك اليوم وقال بصوتٍ مهذبٍ: (السلام عليكم، بدي أوتريفين وبروسبان وزيرتك) وهي أدوية خاصة بالزكامِ والسُّعال. بدأتُ بتجهيز الأدوية التي طلبها دون الحاجة لوصفة؛ كان من الواضح أنه يعرف جيدًا ما يحتاج إليه، ربما بحكمِ
ما هي الغاية من الاستمرارِ في ورطةٍ مكشوفةٍ؟
أأسى على فتاةٍ لا تصن قيمة قلبها ولا تتدارك قرارتها بعد انكشافِ حقيقة من حولها أأسى على حبٍّ جائع يقتاتُ على شعورها و غفرانها وعلى أملٍ زائفٍ أن الأشخاص يتغيّرون بعد شلال الفرص أُشفق على عودةٍ ملتوية لكي لا يقول الناس: (أخفقت في الإختيار..) وعلى تصبُّر يجب أن يحل موضعهُ الإرتياح والذي يقول لي أن كل العلاقات تطولها المشاكل سأحاكمه شبرًا بشبرِ وعاطفةٍ بعاطفة. في مساحةٍ ضيقةٍ للغاية من العالمِ نعيشُ صراعات سببها الناس و لجج كثيرة مصدرها الناس و
ماهي أكثر حقيقة مطلقة موجعة في الحياة؟
ما أغلَظَ العُـمرَ كُلَّما مضى بِنا ساعةً اتجهنا معهُ أكثر نحو المَوّتِ وكلما اقتربنا من الموتِ فرَّ عنَّا الوَهم و وضحتِ الحقيقة وكلما شسِعَت الحقيقة كلَّما عَظُمَت قيمةَ العيونِ إنَّ العيونَ التي ينزاحُ أجلَها للرقودِ الدائِمِ تُوجعُ المُبصِرين من حولِها أن تنظرَ في وجهٍ لم يهِنْ عليهِ يومًا مطالبكَ و لا يعودُ على نحيبكَ بالجوابِ أن تمسحَ على جبينٍ كانتَ كفوفهِ ضمادكَ وأن يضيعَ طريق يديكَ ضياعٌ ما بعدهُ رشدٌ ولا صواب أن يَحضرون لكَ فراشًا هامدًا عليهِ آثار العُمر
أعذبُ ما يُعبّر عن يوم الميلاد... آرائكم؟
هذا الصباح تركتُ غيومَ الماضي فوق نافذتِي وابتسمتُ ليومٍ جديدٍ يخصُّني للغايةِ لا شيء يعطّلُ بداياتي لا شيء يعكّرُ ذكرى وجودي جميعُ أبوابي مؤصدةٌ لكن من أينَ يجيءُ كل هذا الهُبوب؟ همهمةٌ قديمةٌ يبدو أنها آتية من زمنٍ بعيدٍ لكنَّه على الأكيدِ زمنٌ صَقَلَني و كَوَّنَنِي. تسمرّتُ مكاني وأسدلتُ مسمعي كي أصغيَ لهذه الهمهمات أينَ حطّت هذه الروح رِحالها ؟ أينَ صارَ مقامُها وهل سَكَنَت؟ أم مازالت ترتحلُ من قلبٍ إلى قلبٍ ومن ذاكرةٍ لأخرى وتعبرُ تواريخ البشر و تشاركُ
لا تلتفـتْ
لا تلتفـــتْ ولا تُصغي لصوتٍ يؤججُ المواجِع لا تلتفتْ حتّى ولو توقّدت حولك الأشياء يستثيرك دخانها تُناديكَ لرحابها استغنِ بما أنت بهِ نافع لا تلتفتْ تؤرّخ الندوب أوسامها على جلودكَ وتاريخُ الصبر قد قطعت فيهِ ألاف الشَّوارع لا تلتفتْ لو كان الصوت أثيلًا لما تأخر حتى الآن لا تبرر له ولا تستسلم للذرائع ما حيلة الجمرة المشتاقة؟ تُهطِلُ عليها أكواب دموعك وتنمو بها العجافُ والسوابع كان للحنينِ سطوةً لا تكن لهُ بعد ضِمادِ الفلقِ تابع كان للذكرى نأمةٌ
الـمِيلاد
وأقولُ في حضرةِ الميلادِ لقد حملتُ همَّك كأنَّما أردتُ أن أسجَّل حضوركَ في كل عامٍ أردتُ أن يستريح كفنك المؤجّل أنِّي قد حظيتُ بنجاةٍ جديدةٍ من الموت من النسيان من العدمِ وأنّي هُنا اليوم لأحصي أكثر مما فقدت وأن أفقد كل ما أحصيتْ. تُولدُ أشياءنا قبلنا اسمائنا التي اقترعوا لها أهالينا ملابسنا ورائحة الانتظار التي سكنتها و صور خيالات أمهاتنا لنا في الدّار نحبو ثم نسقطُ ونكملُ الخُطى ندهسُ الطعامَ نعضُّ على ألعابِ الليغو نرجدُ الهاتفَ أرضًا ونمشي نحو الشَّارعِ
الاحــترام
عند إلتقائِك بشخـصٍ ما أيّ شخص سواء كانَ صديقًا,حبيبًا,أو شريكًا في الحياةِ لا شك بأن يكتمل هذا الإلتقاء بالإيفاء بالعقدِ. عقدٌ تعقدهُ معهُ حول صفقةٍ شُركائها أنت وهو,ميثاقُها "الاحتـرام " وبالحديث عن الاحترامِ يعتقدُ البعض أننا نقصدُ الحواراتِ المُنقّحة من الشتائمِ والسبِّ,أو التحفُّظ حدّ الحدود في التعامل مع الآخر بلا إهانةٍ أو ذِلّة. -لكن؟ لن يقتصر هذا العُرف إلى غايةِ هنا فللاحترام معانٍ أخرى,كما الاحترام في الغيابِ وهي أن ترعَى الفراغ الذي أتركهُ كحُريّةٍ لكَ وتصون الودّ وتحفـظ سرّي ولا
هل استطعتَ أن تعرفَ نفسك أم لا زلت في طريقكَ نحو ذلك؟
صدّقْ قد يستغرقُ الأمرُ عُمرًا بأكملهِ حتى يعرفُ الإنسان نفسهُ وقد يستغرقُ الأمر رسالةٍ كونيةٍ تأتيهِ بغتةً،صدفةً،بلا تهيأة وقد يستغرقُ الأمرُ أربعةَ الآف جرحًا مُرصعًا بمحبةٍ كاذبةٍ أو ركلاتٍ من سنينٍ متعاقبةٍ وقد يعرفُ الإنسانُ مكنونَهُ بدونِ عناء الوقت ولا وشومِ الدنيا. قد يعرفها وهو في طريقهِ لعملهِ قد يصطدمُ بنفسهِ وهو ينهِجُ بكلالةٍ ليلحقَ ورقة التوقيع. وهو يناولُ عامل النظافة في الصَّباحِ ويعينُه. وهو يمسكُ على أوتارهِ كي لا تخرقُها نوبة هلع من الإمتحانِ الذي أوشك على أن يبدأَ
كُن انسانًا أو مُتّ وأنت تحاول
نحنُ أيضا سجّلنا أهدافًا وأشواطًا في ملاعبِ الحياةِ ماذا أقولُ لكَ .. أشياءًا لا تُذكَر مثلاً ، نَجونا من رصاصات القدرِ ومِن فَجيعة أخبار الفجر خيباتِ الأصدقاء و مناظيرُ الحسدِ في عيونِ الأعداءِ صمدنا أمام مكالمات أقلُّ ما يعبّر عنها أنَّها نذيرٌ بالشؤمِ و ابتسمنا في وجوهٍ مَصبوغةٍ باللؤمِ سعينا بأيامٍ كنَّا فيها مفلسي القوة وخارت الرُّوح ورَزَحَ الجسدُ وأكملنا نهاراتنا بالابتسامات العريضة بسلسلةٍ من المجاملاتِ مع نفوسٍ مريضة وأُخرى يسقطُ العالم فوق أكتافنا نفتحُ التلفاز وهنا قمة الإشمئزاز كلّ
اصغِ لصوتِ قلمك قبل أن تصغيَ لأصوات المنتقدين..حرِّرْ قلمك
•كتبنا في الألمِ فازردؤا منَّا أصحاب النظارة الورديَّة زادهم سُحام الدُّميّعات الناهضة من بِئارنا نكدًا و كمدَا. •كتبنا في السَّعادةِ فـوُسِّعت مناظير الغِيرة على معيشنا حَسدًا وحِقدا. •كتبنا في العائلةِ فلم نُنصفْ مشاعر الذين فقدوا أحد أفراد عائلتهم بل أزخرناهُم في الكتابةِ حنينًا وفقدا. •كتبنا في الفراقِ غُمَّت المحلِّقات في صدورِ الأحبةِ وحسبُوها علينا مبالغةً و تشدُّدا. •كتبنا في اللِّقاءِ فناحتِ القاهرات في غَصَّةِ الحُلوقِ تتمنَّى ذواتها مكاننا وصلًا وسعدا. •كتبنا في المَوتِ فقالوا "الحيّ أبقى من الميتِ" وكُثر العويل
في وصفِ لحظةٌ تُعطيك رسوخًا للعِبرة و سيولًا للعَبرة..!
ما أغلَظَ العُـمرَ كُلَّما مضى بِنا ساعةً اتجهنا معهُ أكثر نحو المَوّتِ وكلما اقتربنا من الموتِ فرَّ عنَّا الوَهم و وضحتِ الحقيقة وكلما شسِعَت الحقيقة كلَّما عَظُمَت قيمةَ العيونِ إنَّ العيونَ التي ينزاحُ أجلَها للرقودِ الدائِمِ تُوجعُ المُبصِرين من حولِها أن تنظرَ في وجهٍ لم يهِنْ عليهِ يومًا مطالبكَ و لا يعودُ على نحيبكَ بالجوابِ أن تمسحَ على جبينٍ كانتَ كفوفهِ ضمادكَ وأن يضيعَ طريق يديكَ ضياعٌ ما بعدهُ رشدٌ ولا صواب أن يَحضرون لكَ فراشًا هامدًا عليهِ آثار العُمر
عندما تغيبُ كلماتنا فإمَّا أنها متعبة أو أنّ وقودها قد نَفَذْ
خَبَت شُعلة الشغف لدي في أن أسطِّر حرفًا واحدًا فكل الكلام أصبح عندي صعبَ الطَّرح وعسيرُ الشَّرح وكلما اصطدتُ فكرةً لألصقَها على الورقةِ منِّي تبْرح أعاقتني أعاقتني! عللٌ في البدن و كللٌ ورزْح أهِمُّ في التدوينِ ولكن أسفاري طويلة بعدتُ عن دواويني اليوميَّة الجميلة بعدتُ عن سرد حوادث اليومِ وشعوري فيها بعدتُ عن المكان الذي يألفني وأألفهُ وأتساءلُ هل كل ذلك يشفعُ وينفعُ؟ في غيابكَ القسّري عن ما تهواهُ وبدمِّك يسرّي في ظروفِ حياة تُلهيك حتّى عن نفسك وتجرّعك مذاقات
هل برمجة العقل الباطني تقودُنا نحو قرارات خاطئة أم أنها تحمينا من الوقوع بنفس الخسارات؟
كائنٌ في عقلِك.. لا يهمّ ماهو اسمهُ أو جنسهُ أو هيئتهُ يصفقُ أبواب تفكيرك.. بابًا وراءَ باب ليترُكك في باب كأنّه قبو كأنّه سرداب لا تعرف هل هو أنت ؟ أم من سيكون وراء هذا الحِجاب؟ شيئًا بداخلك يقول لك أنَّك "هو" وآخر يقول لا داعي للــجواب تستمع لأحاديثهِ..لنكاتهِ..وبعض انتقاداتهِ..تشاهد صراعاته وبلا حيلةٍ -تذعنُ لأوامره ِعلى مضضْ- تراقبهُ بصمتٍ..بحذرٍ..بارتيــاب تارة يهدأُ فتيلهُ تارة يثور ويضطرم مثل الصريع إنه أنت وأنا ونحن وهؤلاء .. وكلٌّ من على الأرض من دوابْ إنه
ماذا تعني لك الكتابة..ولماذا تكتب؟
أحجارٌ على صوتي ولكنِّي استغرقتُ عامًا كاملًا لأصنع صوتي وأبني الجمل فكمْ عانيتُ كثيرًا منذ الصغر لألفظَ كلمة "بابا" و"ماما" ولأُخرج حرف السين بدون أن يخرج كحرفِ الشِّين..لقد تعبتُ حتى كتبتُ اسمي..والآن بعدما حصلتُ على صوتٍ وقلم لن أصمتْ. سأكتبُ من أجلِ أن أتنفسَ لأسطِّر الذكريات التي صارت تاريخي والندوب التي أصبحت نديمًا يُشاركني تعويلي وتعاليلي لأشهدَ مرتين مرةً على ولادتي ومرة على وفاتي لأستدلَّ بشعوري حتى لا أعود لما كنتُ فيه وعليهِ لأعرفَ أنني إذا تكلَّمت دُميعتي فحتمًا في
عندما يئِنُّ القلم وتصحو الذاكرة..رأيكم؟
تأتي سِهامُك مُتأخرةً حتَّى تَضعَ الحقيقةَ في الواجهةِ تأتي كجبينِ الشَّمسِ ساطعةً ما بها إِفكٍ ولا تقليدْ ساميةً كمعالِيكَ و لــكنْ لا عَليْك فظهري أنا من حديدْ كمْ مِن ضَربةٍ عَليَّ صُوِّبَت وسُيَّل الدَّمعَ وقُرِّحَ الصَّديدْ وظلَّ الجوادُ مِطواعًا للرفعةِ دومًا صعيدْ كم من كِذبةٍ على جِلدي بها مَسَحْتَ وظننتَنِي بها مُصدِّقًا و سعيدْ كم ظلَّ الصِّدق يُلاحقُني في مَناماتِي حتَّى الصدقَ فيكَ ثاوٍ وبعيدْ لا يرتجيكَ في منامٍ ولا في يقظةٍ دعْه منَّك دعْك منه وارجعْ حيثُ عاهدتني وتذَّكرْ
ما هي الاشياء التي يضطرُّ من أجلها الإنسان أن يتغير؟ وهل تُنسيه سجيته الأولى؟
بكلتا يديّ وبإِبتسامةٍ رطبةٍ ألوّحُ لصورةٍ هي منّي لكنّها صارت بالماضي عامٌ واحدٌ كان باستطاعتهِ تغييرِ الكثير! أنا التي أظنَّني النصَّ الأثيلَ الذي لا يقبل التغيير! تغيرتُ حتى أنني أجهل أي شخصٍ قد أكونْ! بالحقيقةِ ليسَ بالهيّنِ أن يعتادَ المرء على أن يكونَ طريًّا حتى فجأة تُستحكم أفرعهُ أو أن يذرفَ بالساعةِ دوارقًا من دموعٍ وتصيرُ بعدها دموعهُ في الزيارةِ منقطعةً! أما عنّي فقد أصبحتُ بين أصدقائي البتلة النحيلة التي يحرصُون على عدمِ جذبِها بخشونةٍ إنْهم يعلمون أنها بأيِّ وقتٍ
إذا خيرت بنسخةٍ سعيدة لكنها غافلة ونسخة تعيسة لكنها يقظة فأيهما تختار؟
لماذا لا ينتهي الكلام؟ لماذا لا أزالُ أسمع أزيز الحروف وهي تصّطَكُ بين أسناني تريدُ أن تتنفسَ! لماذا بعد أن روّضنا طفلنا الصغير على السُّكوتِ عادَ يبكي من جديد؟ بعد أن ردمتَ التراب وزرعتَ الزُّهور وسقيتَها من دموعٍ حارقةٍ و وقفتُ على أطلالها تستمعُ لسُعارها و دفنتَ آمالك بالذينَ غابوا لا تزال تحملقُ في الصورةِ وكّلما فلحتَ في الخروج من شرنقةِ الماضي عدتَ تحملقُ في ذات الصورةِ يرحلُ الصيفَ ويزحفُ الخريف على الطرقات وما بين آهٍ وآهات تعود تحملقُ في
كل شخص يشاركُ في مسرحيتك يخدمُ رسالتك في الحياة
مما أتيتُ من حصيدةِ الأيام التي قادنا بها الوعي لا الغفلة واليقظة لا السبات أرسمُ صورةً منطقيًّة عن مكامن الحقيقة وراء ظهورِ الأشخاص في حياتنا ومن ثم تواريّهم عنّا. حتى أني لوقتٍ قصيرٍ قد اتضحتْ لي بصيرة المعاني وتفكفت أعذاق الفكرة وبدى لي الظاهر بخلافهِ وارتأمت الروح وهي تدركُ أن لكل قصةٍ أبطالها ولكل بطل موعدًا للظهورِ وموعدًا للدبورِ. شبيهٌ بالذي يسطِّرُ رواية يعرفُ في أدراجه الزمنيّة المرتّبة في عقلهِ متى سيُظهِر ومتى سيُخفي كل بطل من أبطال روايتهِ التي
ماذا لو تجاهلتَ ذلك الصوت؟
كائنٌ في عقلِك.. لا يهمّ ماهو اسمهُ أو جنسهُ أو هيئتهُ يصفقُ أبواب تفكيرك.. بابًا وراءَ باب ليترُكك في باب كأنّه قبو كأنّه سرداب لا تعرف هل هو أنت ؟ أم من سيكون وراء هذا الحِجاب؟ شيئًا بداخلك يقول لك أنَّك "هو" وآخر يقول لا داعي للــجواب تستمع لأحاديثهِ..لنكاتهِ..وبعض انتقاداتهِ..تشاهد صراعاته وبلا حيلةٍ -تذعنُ لأوامره ِعلى مضضْ- تراقبهُ بصمتٍ..بحذرٍ..بارتيــاب تارة يهدأُ فتيلهُ تارة يثور ويضطرم مثل الصريع إنه أنت وأنا ونحن وهؤلاء .. وكلٌّ من على الأرض من دوابْ إنه
حتَّامَ ستظلُّ قلوب الفاقِدين نازفةً ؟
عندمـا استفاقَ العقلُ من غيبوبتِه,وعادَ مُتبصرًا لما حولهُ,عندما أدرك أنَّه طيلة تلك الأيام كانَ يُداري بالألمِ ليتفادى الإصطدام بهِ,فهِمَ أن قصّته مع المعاناة لم تبدأ حتّى الآن. العائلــةُ التي فقدتْ إحدى أركانها,ملعقةٌ زائدةٌ على منضدةِ المائدةِ,صورةٌ على دفترِ العائلةِ, غرفةٌ مهجورةٌ في البيتِ أبادتها أغبرةَ الحنينِ, صوتٌ ذو رنّة و وداعٌ أخيرٌ ذا غصّة. تُشاهدهم الحياة بصمتٍ ثقيلٍ,ما بوسعِ الحياة أن تقدمَ للّاطمِ شيئًا,لكنَّ اللّاطمَ بمزيدٍ من التذكّرِ يمنحُ لنفسهِ العديد من الصفعاتِ. كم هو شاقّ على القلب أن يكونَ
لقطةٌ أخيرة...!
واحدٌ اثنان .. ثلاث اثبتْ في مكانِك لألتقطَ لكَ صورةً أخيرةً وابتسمْ من أجلي ابتسامةً أخيرة و أَومِئْ لي بطرفِ يديك بالتلويحةِ الاخيرةِ وأنْهِ الجملَ التي أعاقتها فاصلةِ الظروفِ خاصرةُ طريقي تنزفُ فلا تأتي -ولا عليكَ ولا حَزَن ولا خَوْفَ- أودعتُ عمري في نقطةٍ فهِمَّ بها وابعثْ بها وحرّك بها ستائر القلق -إن كانت هناك أصلًا- أريدُ أن أقبضَ على شرودي وفي جرمهِ المشؤوم أستجوبهُ كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ متى أُغْشِيَ بصري وسهوتُ عن الحقيقة سهوتُ عنِّي هذه برقية أسفي لقلبي
ماهو الدرس الذي لقَّنتك إياه الحياة ثم عادت واختبرتك بهِ مرة أخرى؟
في الآونةِ الاخيرةِ أخرستني الأيامُ عُنوةً وأمرتني بالسكوتِ والإصغاءِ لها وقفتُ هكذا مُمتعضةً بدونِ حتى هزَّة رأس مُنصاعةً لأوامرِها مُنقادةً وراء خطواتِها متتبعةً آثارها في حكمِها وأسرارِها وفجأة حتَّى يظهرَ أمامي وميضٌ سريعٌ لم أستطع أن أتمعن بهِ جيدًا لكنه كان قريبًا منّي في آن وبعيدًا في آن آخر حقًّا كان سريعًا تبًا لو تمكنت من الإمساك بهِ لعلَّي فهمتُ فحوى الرسالة! ____ مرَّة أخرى تطلبُ مني الحياة الصَّمت و سدلِ أُذناي لهُتافٍ سيصلُني منها وقلتُ في نفسي : هذه
لقاءٌ بلا شروط...!
للتوِ كنتُ قد خرجتُ من أفضل مقابلة عرفتها البشريّة والإنسانية جمعاء. لقاءٌ يبلسمُ كل أركان البدن المهجورة والمعلولة لقاءٌ حيث لا أهمية لما ترتديه وبما بيديك تحويه لا حرجَ للتعلّثُمِ أو للخوفِ والتكتُّم لا تعرِفْ في ضجيج حياتك سواهُ لأنَّه ليس بحاجةٍ لموعدٍ و لتوقيتٍ معيّنٍ بابٌ مفتوحٌ على مصراعيه لكَ دائمًا لستَ بحاجةٍ لطرقةِ باب لوسيطٍ لمندوبٍ لصوتٍ أحقَّ منكَ في الحصول على الجواب. في جِلسةٍ أصدق ما فيها دموعك وهي تُحاكي أقدارها وتواجهُ أعمالها وتلومُ نفوسها وكل
ما هي الأشياء المحتجبة خلف ستار القلوب؟
مـــا وراءِ الكواليسِ خلف قُضبانِ القُلوبِ مشاهدٌ محذوفةٌ فيها •تنمو الدُّموعُ التي لم نَبكِها •الكَلماتُ التي لم نَحكِها •السَّعادةُ التي لم نَحمِها •الصفحةُ التي لم نَطوِها •الأيْمانُ التي لم نُوفِها •الأَخبارُ التي لم نُوشِها •الحُزنُ الذي لم نُنّهِهِ •الخوف الذي لم نُربّهِ •الحِلمُ الذي لم نُلبّهِ •القلقُ الذي لم نَقضِهِ •الغضبُ الذي لم نُخفِهِ •الصَّبرُ الذي لم نَفْنِهِ •الذِّكرى التي لم نُبيدْها •القسوةُ التي لم نُجِيدْها •العَبرةُ التي لم نَنسَها •العِبرةُ التي لم نَأبَها كُل شيء في الدَّاخلِ سيبقى في