هذا الصباح تركتُ غيومَ الماضي فوق نافذتِي
وابتسمتُ ليومٍ جديدٍ يخصُّني للغايةِ
لا شيء يعطّلُ بداياتي
لا شيء يعكّرُ ذكرى وجودي
جميعُ أبوابي مؤصدةٌ لكن من أينَ يجيءُ كل هذا الهُبوب؟
همهمةٌ قديمةٌ يبدو أنها آتية من زمنٍ بعيدٍ لكنَّه على الأكيدِ زمنٌ صَقَلَني و كَوَّنَنِي.
تسمرّتُ مكاني وأسدلتُ مسمعي كي أصغيَ لهذه الهمهمات
أينَ حطّت هذه الروح رِحالها ؟
أينَ صارَ مقامُها وهل سَكَنَت؟
أم مازالت ترتحلُ من قلبٍ إلى قلبٍ ومن ذاكرةٍ لأخرى
وتعبرُ تواريخ البشر و تشاركُ في بطولاتهم؟
هل أدركتْ جنائنَ خوفِها؟
هل باسلتْ كي تستردَّ شجاعتها من عيونِ الأيام؟
أم أنَّها فضَّلت الفِرار من أسوارِ مخاوفِها؟
هل آذنت شمس حريّتها ؟ هل عرفتْ يقينّا قيمتها؟
أم أنَّها لا تزالُ مخدوعةّ بتماثيلِ أوهامِها؟
هل صنعت أمجادها ورفعتْ نخبَ وصولِها؟
أم أنَّها خابتْ وخابَت مساعيها؟
هل صبرت و ساومت الحياة بإيمانها؟
أم أنَّها قدَّمت قُنوطها قربانا ليأسِها؟
هل استطاعتْ أن تبنيَ ضحكةً عنيدة ًوسط سعيرِ دموعها؟
أم أنها اختارت أن تقعَ في شراكِ بؤسِها؟
ويقول ويقول…
ويستمرُ في مقالهِ
وأستمرُ بدوري في التنقيب عن الإجاباتِ
وإِذْ بصوتِ - أمي- يلتقطُني من هَذياني
أمي إنَّها الكائن الوحيد الذي يعرفُ أصلَ الحِكاية
تعرفُ من أين جئتُ وإلى أين أمضي
الوحيدة التي أستطيعُ أن أضيع بكامل الرضا لأني أعرفُ أنها تحفظ خُطاي.
لقد كنتُ طِوال حياتي محظوظة وأعتذر بالنيابةِ عن نُدرةِ الحظِّ لأيّ إنسانٍ لا يمتلكُ بحياتهِ - أصدقاء -
أصدقاء بكلِّ ماتحملها هذه الكلمة من رقَّةٍ ومعانى
و إنَّها لمرارةٍ بل و تعاسةٍ طاغيةٍ أن لا يكون لديك بريدًا حفيظًا تضعُ فيه كل خواطرك دونَ أن تكونَ متوجِسًا من قُدرته على إفشائها ضدَّك يومًا.
عائلتي و رِفاقي
على مرِّ السنين
وجودهم يُرخي أوثقَ الأشياء
وبدونِهم أصيرُ كسيّافٍ يُناضلُ ويُناضلُ
ولكـن بدونِ سيوفِ.
التعليقات