بعيدا عن روسيا و أوكرانيا و الأسلحة النووية و المفاعلات و كل ما يَسدُّ النفس، سأتتحدث قليلا عن شيء يفتحُ النفس، و أي شيء يفتح النفس و يحسِّنُ المزاج كالأكل...لموهيم في بحر هذا الأسبوع ذهبتُ لمطعم شعبي لتناول وجبة الغذاء، دخلتُ و جلست و طلبتُ ملفوفا ونقانق مشوية...بعد قليل و ضع صاحب المحل الطبق امامي..تأملتُ ذلك الصوصيط و الدخان يصعد منه، و قطرات الزيت تتساقط منه...كان يبدو شهيا بطريقة غير عادية و مطهو بطريقة مثالية...لم أسأل نفسي عن مصدره، هل هو كلب مخنوق أم حمار مغدور أو حتى فُقمةً مذبوحة بطريقة سرية...لا يهمني ...حينها كنت فقط منتشيا بمذاق النقانق.

بعد دقائق قليلة، توقفتْ سيارة فارِهة من طراز بريطاني قرب المطعم الشعبي و نزل منها رجل بملابس أنيقة، و رغم أنّ يدي كانت حينها منغمسة و مُلطخةً بِزيتِ الصوصيط لكن فضولي الغبي أجبرني على البحث عن ثمن السيارة، وجدتُ ان ثمنها يفوق 80 مليونا. على أيٍّ...جلس الرجل بزاوية داخل المطعم، و طلبَ ما طلب، توقعتُ أن يطلب نصف خروف مشوي (هذا إن تواضع معنا هههه)...بعد قليل أحضر له صاحب المحل طَلبيته، عبارة عن صحن حمص ميَدمْ و كرعين البڭري (في المغرب هاته وجبة دسمة تحضر بأرجل البقر). سامحني الله اختلستُ نظرات خفيفة فرأيتُ الرجل يأكل بِنهم و شهية جد مفتوحة، لم يترُك لحمةً واحدة تَكسو عظمَ الكرعينين...لعقَ أصابعه و ترك صحنه بدون حاجة لأن يُغسل و انصرف...

كخلاصة و بغض النظر عن فضولي و تطفلي، جعلني هذا الموقف أتأمل حال الدنيا...أغنياء يصيبهم حنين مفاجئ للتغماس و التغلاق و الأكلات الشعبية في مطاعم شعبية...و فقراء كرهوا حياة التغماس و المرميطة و ينتشون لدى طلبهم بيزا في مطعم و يصرون على أكلها عنوة بالفرشاة...

رجاء سيد بوتين، نحن قوم نعشقُ الحياة و الوجبات الدسمة، فرجاءً أبعِد أصبُعكَ عن الزر النووي...