ونحن نقلب من صفحات الماضي أو بالأحرى في مشاهدات طفولتنا، لامسنا الكثير من التغيرات التي طرأت واختفت متأثرة بتغير الحياة البشرية نتيجة التطور التكنولوجي الذي قلب الموازين في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، هذا الأمر ساهم في السطو حتى على مناسباتنا الدينية وتظاهراتنا المجتمعية، اليوم العيد الأضحى المبارك وربما كلنا لاحظنا بعض من التغيرات التي طرأت فيه وبعض من العادات التي بدأت تختفي تدريجيا، على سبيل الذكر لمة العائلة بدأ يطغى عليها نوعا من الجفاء العاطفي، الكل حاضر جسديا غير أن فكره ليس مرتبط بجو تلك اللحظة، الكل ممسك هاتف لتبادل التهاني مع الأصدقاء ومتناسي القيمة التي يحظى بها في ذلك المجمع العائلي، فكم من يتيم و محتاج يتمنى لو كان يعيش نصف تلك اللحظة التي أنت تنعم بها الأن.

لو عدنا ببوصلة الزمن الجميل لنجد فجوة بين الماضي وبين حاضرنا وثمة فرحة غائبة أو مغيبة لا ندري بالضبط ماهي، لكن نتمنى أن تعود بتلك القيمة التي اعتدنا عليها " فرحة الأطفال بثيابهم الجديدة واستعدادهم لتجميعهم "للعيدية"، ولقاء الجيران، واجتماع الأقارب في بيت العائلة و وتبادل التهاني.." ، لماذا اختفت بعض العادات والتقاليد القديمة لأعيادنا ومناسباتنا؟ أين الخلل، الظاهر أن لم نفهم ديننا جيدا أو أن التطور التكنولوجي أنسانا في القيمة التي تحظى بها هذه المناسبة، الحقيقة التي لابد من ندركها أن عيد الأضحى لا يقتصر على ذبح الأضحية لإحياءٌ لسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر بل زيادة على ذلك هي شعيرة يتعلم المؤمن من خلال فعلها الصبر، فكلما تذكر صبرَ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارَهما طاعةَ الله تعالى ومحبتَه على محبة النفس والولد كان ذلك كلُّه دافعًا إلى إحسان الظن بالله، وأنه تولدُ المنحةُ من رحِمِ المحنَةِ، وأن الصبر سبب العطاء ورفعِ البلاء. هذه المناسبة الدينية بمثابة فرصة لتجديد النفس وتوطيد صلة الرحم وتأزر العائلي.

 أما اليوم فقد تغير كل شيء تقريبا لاحظنا أن القيمة أصبحت تقاس بعدد التهاني والمجاملات التي لا تتعدى المكالمة الهاتفية وفي أغلب الأحيان رسالة قصيرة أو ما يعرف بـ "المسج" من خلال الهاتف الخلوي أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وصحيح أن التكنولوجيا لم تكن وحدها اليوم سببا في إحداث هذا التغير، بل زاحمها في ذلك شريكها فايروس القاتل كوفيد-19 الذي لا يرى حتى بالعين المجردة زاد في تأزم الأمر والحد من تجمعاتنا العائلية وعلاقاتنا بين الأشخاص.

لكن السؤال الأهم مما ذكر سلفا، هل التكنولوجيا و فيروس كورونا هما السببان الوحيدان في التغير التي طرأ على مناسباتنا الدينية والاجتماعية اليوم؟ أم هناك أشياء أخرى متحكمة في الأمر؟ وما الذي افتقدته في هذا العيد، أتحدث عن كل شيء.