لماذا كلما تقدّم بنا العمر ناءت بنا أحمال الهمّ فأثقلتنا عن إدراك السعادة في كل مبهج، وعجزنا عن الضحكة، وتثاقلنا البسمة، واصطنعنا البشاشة، هل ماتت مشاعرنا قبل حلول الأجل! إن فقدان الدهشة وغياب الشغف، وشعورنا ببهوت الأيام والليالي والأحداث والشمس والقمر والسماء والأرض والبحر والسهل والجبل أمارة لا على تقدّم في العمر ولكن على تضاؤل في الأمل.

وإذا طلبنا السبب لنَصِف العلاج وجدناه متصلاً بثلاثة أسباب:

الأول: إحاطة البهجة بألوان قاتمة من البؤس والألم والأحزان والمخاوف، بحيث صار الإنسان وهو في وسط البهجة مستحضرًا لتفاصيل حياته التي تنغص حاضره الزاهي.

الثاني: تكرر نفس تفاصيل البهجة بحيث صارت أمرًا روتينيًا لا يطرب ولا يؤنس.

الثالث: تحميل هذه البهجة بتكاليف جعلت ميزان المشقة فيها يفوق ميزان البهجة، فمصروفات العيد تعلو على أفراحه.

ودواء الثلاث السابقة ما يلي: أما الأولى، فالبهجة إجازة من شقاء الحياة، فإذا أعملت عقلك في العيد في تذكر الشقاء، فأنت في عمل لا في إجازة، وأما الثانية فداؤها التجديد، وأما الثالثة، فعلاجها العفوية.