تفصلنا أياما قليلة على انتهاء رمضان واستقبال العيد الصغير كما نسميه في مصر ويبدأ الناس عادة في استقبال العيد ببعض العادات المميزة التي تبدء من الأمهات في تحضير وترتيب المنزل لاستقبال الزوار من الأقارب وإعداد المؤكلات أو الحلوى المرتبطة بهذا العيد وهي الكحك والبسكويت المعد منزليا فعلى الرغم من أن العديد من محلات الحلوى تصنعه إلا أن إعداده منزليا له ميزته الخاصة التي تشعرنا بقدوم العيد بالإضافة إلى شراء الملابس الجديدة التي تعطي الفرد الشعور بالفرح، ومن هذه العادات أيضا في مصر هو خروج العائلة بأكملها لصلاة العيد في ساحات الجوامع الكبرى والاحتفال بشراء الألعاب للأطفال والبالونات التي تتطاير في كل مكان وأما أكثر عادة هي العيدية التي يعطيها الكبار للصغار التي تعد بمثابة ثروة بالنسبة للأصغر سنا تحديدا لأن الجميع تقريبا يعطيه العيدية من اخ أكبر ووالد وجد وجدة وبقية الأهل. هذا بالنسبة لمصر، وأعتقد أن هنالك عادات مميزة مختلفة في باقي البلدان أتطلع لمعرفتها منك والتي تشعركم بالعيد.
ما هي العادات الخاصة المميزة بالعيد في دولتك؟
في الحقيقة أنا لن أستطيع أن أقدم عادات بشكل عام لأني بالأساس من مصر لذا أتشارك معك نفس العادات التي قمت بذكرها ، ولكن أحب أن أجيب هذا السؤال بطريقة مختلفة فبدلاً من التركيز على ذكر العادات بشكل عام كبلد سأقوم بالمقابل بالقيام بالتركيز على ذكر بعض العادات الأسرية الحميدة التي تجعلني أشعر بالسعادة والتي أحب أن أشيد بها بوالدي بشكل خاص لكوني أكتشفتها مؤخراً بالمصادفة ، وهو أسعدني للغاية ، في المعتاد بسبب ظروف عملي التي تجبرني عادتاً في السنوات الأربعة الأخيرة بالقيام بعملي ليلاً ، مما أدى بي أغلب الوقت للسهر في ليلة العيد وصلاة الفجر ثم النوم بعدها وبالتالي كنت أفقد كثيراً صلاة العيد في وقتها أو صلاة العيد في أي مسجد قريب يحمل خطبة سريعة أو يقيم الصلاة سريعاً بشكل يمنحني الفرصة لأداة الصلاة والعودة بعدها للمنزل مفوتاً علي الكثير من مظاهر الأحتفال المميزة بالأخص تلك التي ترتبط بمساجد محددة حيث تشتهر الأحياء عادتاً بمسجد خاص بها يجتمع كل أهل الحي للصلاة فيه بسبب كونه يمتلئ بمظاهر الأحتفال المرتبطة بالعيد ولكونه يحتوي على سعة إستعابية كبيرة لا تتوفر في غيره من المساجد ، وبالطبع تذهب أسرتي لتلك المساجد وأنا أذهب لمسجد قريب كما ذكرت سلفاً ، ولكن في العيد الفائت .. كنت غير مرتبط بأي عمل سبب لي سهر حتى الفجر فحصلت على قسط من النوم حتى الفجر وقمت لصلاة الفجر والاستعداد مع أفراد أسرتي لحضور العيد وهكذا أتفقنا معاً على التجمع في واحد من تلك المساجد المشهورة بعض الصلاة ، وبعدها ذهبت وحدي بشكل متأخر نسبياً وقمت بأداء الصلاة ثم الشروع في البحث عن عائلتي كما هو متفق ، وهنا وجدت والدي دون أن يعرف منهمك وسط الجموع في توزيع عدايا وحلويات بسيطة على الأطفال جميعهم وهو بمثابة جد لهم في مظهر يجعلني أتذكر شخصية سانتا كلوز ، أبتسمت ورغماً عني أخرجت الهاتف وقمت بتصويره دون أن يدري ، فهو كان دوماً يعود متأخراً فهو يذهب أول شخص ويعود آخر شخص لمقابلتنا .. وهنا كشفت سره الصغير الذي نجح في أخفائه على مدار سنتين أو أكثر بحسب الوقت الذي قرر فيه ممارسة تلك العادة ، المدهش في الأمر أنني أكتشفت أن الأطفال وبعض الأسر تعرفه بالفعل وتناديه بجدو أنت جبت لي كذا يا جدو .. أو فين الحاجة الحلوة بتاعتي يا جدو .. في الحقيقة تلك المشاهد البسيطة كانت مؤثرة حتى أنني ضحكت عندما كان يوزع أحياناً قطع حلوى على أهل الأطفال أيضاً مما كان يسبب لهم سعادة فائقة ، ولكن كنت أنا أسعدهم لكوني أكتشفت جانب خفي من والدي لم أكن أعرفه من قبل ، جانب سبب لي سعادة حقيقية ، فكرت بعدها بأن أقوم بنشر صورة من تلك الصور التي ألتقطها له على الفيسبوك تعبيراً عن سعادتي بهذا السلوك ولكنه رفض ذلك رغم محاولتي أقناعه المستمرة ولكنه رفض أن أنشر صوره وأحترمت رغبته و وافق أن أحكي تلك القصة التي حكيته بالفعل على حساب الفيسبوك الخاص بي العام الفائت.
هنيئا لأطفال الحي به وهنيئا لك بهذا الأب الذي يضيف شيئا ساحرا لا يذهب من العقل بسهولة، كنت حتى سنين أذهب إلى جدي لأخذ منه العيدية على الرغم من أنه كان يعطينا ربع جنية أو جنية فقط ولكنها كانت بمثابة كنز فهو حريص على أن يكون الجنية جديدا محافظ على قوامه، ومع الوقت أخذت منه هذه العادة أن تكون أي أموال عيدية تكون جديدة وهذا أفعله اليوم مع أبناء أخي، فهذه العادات ولو كانت بسيطة ولكنها تدخل السرور علينا وتشعرنا بالعيد بالفعل.
في الماضي عندما كنت أعمل في السعودية كنت أفتقد بشدة الأجواء المصرية بالإحتفال من تكبيرات للعيد تصدح في الميكروفونات والملابس الجديدة للأطفال، وأيضا في دول أحرى عربية عشت بها مدة من الزمن، أعتقد لكل دولة مذاق خاص بها ولكن مصر لها طعم خاص في الإحتفال هذه ليست شهادة مني فحسب بل لكل من عاصر هذه الأيام
بصراحة في مصر في هذه الاوقات لم يعد هناك الكثير من المظاهر الدالة على الأعياد سوى صلاة العيد والاحتفالات التي تقام للأطفال بعدها، وأعتقد أن ممارسة مثل العيدية مثلًا أصبحت تختفي بمرور الوقت وتعقد الظروف الإقتصادية لمعظم فئات وطبقات المجتمع، لكن المؤسف من وجهة نظري ان الكثير من الشباب أصبح يتعامل مع هذه المناسبات أنها فرصة للذهاب للتجمعات والقيام ببعض الممارسات السيئة كالتحرش وغير ذلك، وللأسف أجد مثل هذه التصرفات تنتشر وتزداد بمرور الوقت.
الكثير من الشباب أصبح يتعامل مع هذه المناسبات أنها فرصة للذهاب للتجمعات والقيام ببعض الممارسات السيئة كالتحرش وغير ذلك
للأسف هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الكثيرون يفضلون قضاء إجازة العيد في المنازل، وأرى أن نشر أكبر عدد من أفراد الشرطة في كل مكان خلال هذه الأيام هو أمر لا بد منه، ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن أن تمنعنا مثل هذه الأمور من الاستمتاع بالعيد حتى مع وجود إمكانات بسيطة وظروف اقتصادية عصيبة، فالقليل من العادات مثل: توزيع زكاة عيد الفطر وأداء صلاة العيد وتوزيع البالونات والألعاب الصغيرة على الأطفال الصغار من شأنها أن تجعلنا نشعر ببهجة العيد لا محالة.
هذا ما نبحث فيه فنحن نبحث عن الفرحة حتى في أسوأ وأحلك الظروف، والسعادة تأتينا بقدوم العيد وأكرر لو فعل الجميع وقفة واضحة تجاه الأفعال الخاطئة التي تحدث من الشباب الغير واعي سنهتم ونركز أكبر على السعادة ونشرها فيما بيننا حتى لو بتوزيع الابتسامات أو الحلوى الصغيرة على الأطفال كما يفعل العديد من الناس وأيضا يطلقون البالونات من المنازل.
هذا التصرف المشين والغير أخلاقي بالفعل يدمر المعنى الكامل للعيد وفرحته لا أنكر هذا، ولكن في أوقات كثيرة كنا نقف نحن الشباب لإيقاف هذا الأمر بالعقل ودون اللجوء إلى العنف ولو فعل بقية الناس مثلنا ووقف كل شخص أمام هذا التصرف موقفا شجاعا سننهي على هذا الأمر، أما جهة العيدية وأنها تقترب على الاندثار فبسبب أن الناس تعتقد أن العيدية في قيمتها المادية وهذا غير صحيح فقيمتها لا تهم، حتى اليوم لدى أحد أقربائي عادة يومية مثلا وهو أن يعطيها والده يوميا جنية مصري واحد، وهو يعلم انه ليس له قيمة بل أن هذا الجنية نفسه يتركه هذا الابن لأبيه كل يوم ضمن أمواله ليستيقظ ليعطيه الأب هذا الجنية فهنا قيمة هذا الجنية لها مردود نفسي على أن الأب ما زال قادرا على اعطاء المصروف لابنه الذي كبر الأن وكذا بالعيدية فهي بنفس المعنى هنا لها قيمة أخرى.
من المظاهر المميزة للعيد في المكان الذي أسكن به، هو مظهر استعداد الكل للإجازة. قبل العيد بأيام (منذ بداية هذا الأسبوع) يبدأ الجميع في حمل حقائبهم والانتقال إلى منازلهم الريفية أو بالمدن الأصغر لقضاء العيد مع عائلاتهم، وهذا بالنسبة لي من المظاهر المبهجة، ربما لأن المدينة تصبح شبه فارغة وتأخذ شكلًا مختلفًا على غير عادتها تمامًا.
يبدأ الجميع في حمل حقائبهم والانتقال إلى منازلهم الريفية أو بالمدن الأصغر لقضاء العيد مع عائلاتهم،
هذا بالفعل ما يحصل في مناسبات الأعياد عادة، ولهذا الجانب نظرة أخرى، قد أفكر كيف سيشعر ألاءك الناس الذين لا يملكون أقارب للذهاب إليهم أو أهلا لمشاركتهم فرحة العيد، لبد وأن يوم العيد سيتسم بالخواء والوحدة.
العيد الصغير في الجزائر أصبح مع الاسف يوماً من ايام السنة ، فقد بريقه وجمالياته، ويقتله أثر مقارنته بالاعياد القديمة في الصغير ، والصورة الطوباوية المثالية للعيد التي رسمت في أذهاننا في الطفولة وما لبتث تضمحل وتختفي كلما كبرنا أكثر.... كل الققوس والممارسات التي ذكرتها يا حمدي نفعلها اليوم ولكن بدون روح أو بهجة.
لو تحدثنا عننا بالفعل قد فقدت بهجتها لا اعتراض على هذا، ولكني حينما أرى الأطفال حتى اليوم فرحون بهذا يعود إلي هذا الاحساس ربما لأن في عائلتي العديد من الأطفال فاستمد منهم هذه الروح الطفولية الباحثة عن الجمال في أبسط الأشياء فهذا ما يجدد هذا الاحساس داخلي، ويصبح لا معنى للعيد لو لم أراهم وخاصة في أول يوم حتى لو لم يأتوا إلى منزل العائلة اذهب لزيارتهم والتحدث معهم واللهو.
واستقبال العيد الصغير كما نسميه في مصر
كنت أظن أننا وحدنا في المغرب من يسميه بهذا الاسم، العيد الصغير، لكنه كبير جدا في أعيننا وخاصة عندما كنا صغارا، أذكر أننا في ليلة العيد نجتمع مع الوالد ليحصل كل منا على كسوته الجديدة ولبد وأن تبيت عند رأسنا ونحن متشوقون جدا للغد وننتظر الصباح بفارغ الصبر بل قد لانرقد من شدة الشوق، لأن العيد بالنسبة لنا هو لبس الجديد وأخذ العيدية والتنقل بين بيوت الأقارب والجيران لمباركة العيد ونحن نردد قول "مبروك عواشركم"
فعلا فالعيد فرحة أدامها الله على الجميع.
🔦
أفضل من جميع العادات القديمة تكوين عادات جديدة تهدف لاسعاد الكبار في السن و الصغار لخلق ذكرى عظيمة لا تنسى فالعيد فرصة لتحسين العلاقات و تجديد الإبداعات.
التعليقات