نسترجع في رحاب هذا الشهر الفضيل بعض دروس الفضيلة الرواقية لعلنا ننتفع من تطبيقها في هذه الحدث الروحاني الجميل، وأول درس نأخذه اليوم من الفيلسوف إبكتتيتوس، بحكمته القائلة: يمكنك أن تقتلني ولكن لا يمكنك أن تؤذيني، فمالذي كان يقصده بذلك؟

يُعلمنا ابكتيتوس أن ليس ثمة أذى حقيقي يمكن أن يقع لنا، إلا الأذى الذي يحدثه عقلنا فينا، فالضرر لا يأتي من الخارج، بل من ذواتنا، وأنه لا يمكن للمرء أن يكون ضحية أبدا لغيره، بل يكون ضحية لنفسه دائما !

يبدوا هذا كلاما غير واقعي ومناقض للمنطق والحقيقة أليس كذلك؟

في الحقيقة لا، فإبكتتيوس يعتقد أن الشر والخير لا يوجدان خارج الإنسان وأن كل ما يقع في الحياة وما يوجد فيها من أشياء لا يمكن أن يكون خير أو شر، لكن الشر أو الخير هو ما يترتب عن أفعالنا نحن فقط، ولفهم هذه المسألة يجب أن نعرف بأن الرواقيين عموما، يقولون بأن الحياة كلها مقسمة إلى قسمين: ما يمكن التحكم فيه وهو أنفسنا وقراراتنا ورغباتنا، ومالا يمكن التحكم فيه وما ليس في قدرتنا مثل المال، المنصب، الصحة، الزوج والأولاد...الخ، لذلك أي شيء يجري على مالا ليس في قدرتنا فهو ليس خير أو شر ، مثل أن يموت أحد أحباءنا، الموت هنا ليس شر، لأن الحياة أصلا ليست ملك لنا وليست في قدرتنا ، لكن الشر والخير نابع من نوايانا وأخلاقنا الداخلية .

لذلك يمكن أن تقتلني لأن الحياة ليست بيدي وخارجة عن قدرتي وقدرتك، لكن لا يمكنك أن تؤذيني لأنني لا أعتبرك شر ولا خير، أنت مجرد شيء خارج عني ولا يمكنك ايذائي إلا إذا حكمت عليك بأن ما تفعله لي هو يُسمى أذى.