بعد يومين من المفترض أن يتنهي العالم في نظر بعض الدجلين والمستنيرين الكاذبين، كما كان 12/12/2022 من المفترض أن يكون هو أيضا آخر يوم للأرض و قبلها10/10/2010، وسنة2000، وغيرها الكثير، لكن السؤال لماذا يستمر البشر في الاعتقاد بأن هذا التكرار العددي له علاقة بنهاية التاريخ؟ كيف تسللت فكرة العدد إلى المستقل وأصبحت تتحكم في توقعاتنا حول العالم والمصير؟ ثم لماذا يمكن أن يكون للتاريخ نهاية نهتم لها أصلا؟

فكرة نهاية التاريخ تعود حسب الدراسات الأنثروبولوجية إلى الإنسان الأول، الذي آمن بفكـرة نهاية العالـم التي ترتبـط بالتاريخ من منطلق سحري خالص، حيث لعبت النبوءة والسحر دورا أساسيا في بلورتها، إضافة إلى عامل الغموض والخوف إزاء العالم، لتحتضنها أساطير الشرق فيما بعد، فبداية من جلجامش وفشله في أكل عشبة الخلود تعززت الفكرة أكثر، لتنتقل إلى الميثولوجيا اليوناني بعدها، ثم تدخل للأنساق الفلسفية الكبرى بدأ بالفيثاغورية التي ربطت نهاية التاريخ بالعدد ومبدأ الكثرة الذي يكون الكم المتصل والكم المنفصل، ثم الفلسفات الهيلينسيتة، وبالضبط مع أفلاطون الذي ثبت فكرة نهاية التاريخ بفكرةالجدل الصاعد والنازل، وأرسطو القوة والفعل، ثم فلسفات العصور الوسطى، وبالتحديد مدينة الإله للقديس اوغستين والمدينة الفاضلة للفارابي، ثم تشبعت الفكرة أكثر مع هيجل في العصر الحديث، من خلال مبدأ الديالكتيك ثم ماركس ونظريته في الجدل المعكوس.

اليوم يعاد إحياء هذه الفكرة في فلسفة السياسة والتاريخ، خصوصا بعد ظهور الكتابين المثيرين للجدل " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" لفرانسيس فوكوياما، وكتاب "صراع الحضارات" لصامويل هنجتينتن، والذين أعادا تأجيج هذه الفكرة على نحو مخيف تم من خلالهما تشويه فكرة التاريخ وأسطرته بطريقة فجة، واستغلالها سياسيا لصالح القوى العظمى، والكارثة أنه تم تثبيت هذه الفكرة في مخيلات العامة على أنه نهاية حقيقية للتاريخ مع أن المراد من الكتابين كان مختلف تماما.

ما رأيك في فكرة نهاية التاريخ؟ هل تعتقد أنها فكرة صحيحة فعلا؟ وماهي أضرارها على المدى البعيد على الفكر الشعبوي؟ وكيف يتم استغلال الفكرة لإخضاع الشعوب اليوم؟