الألم هو كالمحرك لديناميكية الوجود ساكن في أنفسنا ووقعه على ذواتنا أعمق بكثير من أي شعور أخر وما التحديق في الهاوية إلا هو تحديق في فراغ حياتنا الذي لطالم جهدنا في ملئه بشتى أنواع المتع والملذات ولكن لم تزدنا هذه العقاقير إلا ألم أكبر وفراغ أوسع لذلك علينا تقبل المعاناة والألم وعذبات الحياة ومحاولة مقارعتها بالعلم والمعرفة والرقي بالذات والسمو بها عن ضجيج الغوغاء وتفاهة مجتمعاتنا السطحية
الألم من منظور فلسفي
بالنسبة لي أعشق الألم السقراطي وفهمه للألم، على أنّه يُعد فهم قديم جداً إلى أنّهُ أنجح ما قد أقنعني إلى هذه الساعة، حيث يفهم الألم النفسي على أنّهُ لم يكن المعاناة الجسدية بل ألم عدم المعرفة، كان يعتقد أن السعادة الحقيقية والوفاء لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال المعرفة والفضيلة ومن ناحية أخرى كان الجهل مصدر للارتباك والخوف،وفي نهاية المطاف والبؤس، أي فهم الألم على أنّه العلاقة بين الجهل والمعرفة، وقال حينها عبارته الشهيرة: "الحياة غير المدروسة لا تستحق العيش"، مسلطاً الضوء على اعتقاده بأن الوعي الذاتي ضروري للتغلب على الألم النفسي، فمن خلال التساؤل والتفكير النقدي يمكن التخلص من أغلال الجهل وتحقيق حالة من التنوير الفكري وبالتالي كنتيجة للتخلص من الألم، وهنا وقع في معضلته، حين أدرك، أنّ الإحاطة بعلم الدنيا أمر غير قابل للتحصيل وبالتالي الألم غير قابل للتفادي أيضاً!
"الألم مدرس صارم، يعلمنا دروس الصبر والقوة، ورغم مرارته يمكنه أن ينقلنا إلى آفاق جديدة من النضج والتفاعل مع جوانب عميقة من حياتنا."
قد ينظر للألم كوسيلة للتعبير عن الوجود البشري، وابراز معانات الإنسان ومعركته الدائمة مع الظروف والواقع المتقلب، وإضافة إلى ذلك، تتساءل بعض التيارات الفلسفية عن إمكانية تحقيق النضج والحكمة من خلال مواجهة الألم وتجاوزه، حيث يمكن أن يكون للتحديات والمحن دور في تشكيل مسارات حياتنا وتعزيز فهمنا الفلسفي والروحي وتحقيق الوعي بمكانة الظروف والمواقف اليومية في تطور قناعاتنا.
التعليقات