الجنون مغري لأنه معرفة...! هكذا يصف الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو ظاهرة الجنون، كنوع من المعرفة المضادة لكن غير معترف بها من قبلنا ... السؤال هو كيف ذلك كيف يمكن أن يكون الجنون معرفة؟
في كتابه " تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" يقدم الفيلسوف دراسة مفصلة عن فكرة الجنون وتاريخه، وكيف تحول المجنون من انسان عادي إلى شخص منبوذ وغير مقبول اجتماعيا؟ فالجنون حسب فوكو، ضرب من المعرفة تتميّز بصعوبتها وانغلاقها وباطنيتها، حيث تجتمع هذه العناصر الثلاثة لتكوّن معرفة نقيضة للمعرفة السائدة ، فالجنون يأخذ بعداً أخلاقياً بالدرجة الأولى، على اعتبار أن المجنون هو الشخص الذي يعجب بنفسه ويجن بها، أو هو ذلك الشخص الذي يفقد القدرة على التحكّم بسلوكه، فتبدو عليه آثار اللامعقول في مشيته وحركاته.
المثير في تحليل فوكو انه يقر بأن الجنون ليس ظاهرة نفسية واجتماعية ثابتة عبر العصور، بل هي ظاهرة معرفية خالصة، إذ يربط فوكو بين المعرفة والسلطة، فالخطابات المعرفية السائدة في أي عصر هي من انتاج السلطة، والسلطة في العصر الحديث خلقت نوع معين من الخطاب حول فكرة العقلانية بالشكل الذي يناسبها واختصرتها في شكل محدد من العقلانية وأقصت كل ما يعاكسها، وبما أن الجنون يختلف عن شكل العقلانية الحديثة فقد اعتبرته الخطابات الحديثة أمرار شاذا وعرضته للإقصاء والنبذ فقط لأنه لا يتوافق معها، ليصبح الجنون نوع من أمراض العقل يستحق النبذ والتجريم .
المجنون في رأي فوكو ليس أقل عقلا من غيره بل لديه عقلانيته الخاصة التي تختلف عن العقلانية السائدة والمتعارف عليها في المجتمع وهذا ما يجعلها تبدوا غير مقبولة بينما هي فقط نوع من الاختلاف لا اكثر.
وأنت: ما رأيك في تحليل فوكوا لظاهرة الجنون؟ هل تتفق معه بأن المجنون شخص عادي بعقل مختلف ويستحق الحياة بمساوات مع غيره من العاقلين؟ ثم ما رأيك في مقولة أن الحكمة تخرج من افواه المجانين؟
التعليقات