"تقول الكنيسة: الجسد خطيئة، يقول العلم: الجسد آلة، تقول الإعلانات: الجسد مشروع تجاري، يقول الجسد: أنا مهرجان"..

هكذا عبر الكاتب اللاتيني إدوارد جاليانو، عن الجدل الدائر حول طبيعة الجسد الإنساني بمختلف الإتجاهات والعصور، وذلك بکتابه (Walking Words).. وأضيف لعرضه أيضا،

تقول المثالية: الجسد حجاب العقل.. تقول الصوفية: الجسد سجن الروح.. تقول النفعية: الجسد هو الحَكَمْ والأهم!!

فلطالما شغلت ثنائية الروح أو العقل/الجسد معظم المفكرين على اختلاف ميولهم الفكرية.. لكن ما يهمنا هنا هو طريقة النظر المعاصرة للجسد الإنساني.. فغالبا ما نجدها منتهجة أسلوبا تجاريا تسويقيا يعتبر الجسد مجرد سلعة يمكن الترويج لمزاياها ومعايير جودتها بمعظم المجتمعات!! بل إن الجسد نفسه يستخدم أحيانا كوسيلة ترويجية لبعض المنتجات.. وكالعادة نال الجسد الأنثوي النصيب الأكبر من تداعيات تلك النظرة..

فمثلا يمكننا ملاحظة ثقافة الترويج لمعايير جسدية بعينها، يجب على كل أنثى الإلتزام بها حتى يعتبرها المجتمع جميلة! فما أكثر المنتجات "التجميلية" التي يتم تسويقها والترويج لقدراتها السحرية على تغيير طبيعة الجسد، ما بين تفتيح بشرة، وتغيير لون شعر وعين، وإنقاص الوزن أو زيادته، ناهيك عن نوعية ونمط الملابس وملحقاتها،.. وغيرها الكثير من الأشياء التي قد يلجأ إليها البعض ـ ليس النساء فقط ـ حتى ينالون القبول والرضا المجتمعي عن أجسادهم!! وقد يصل الأمر لإتهام من لا يلتزمون تلك المعايير بدقة، بالإهمال والتقصير في حق أنفسهم وحق المجتمع!

نؤمن جميعا أن لأبداننا علينا حق؛ لكن يجب علينا إدراك طبيعة ذلك البدن أولا، ومن ثم منحه حقه المادي والمعنوي، دون إفراط أو تفريط..

برأيكم ما الأثر النفسي والمجتمعي الذي قد تتركه مثل تلك المعايير على أفراد المجتمع؟.. وإلى أي مدى تلتزمون بالمعايير المقياسية "الجمالية" الموضوعة بمجتمعاتكم؟