تنتشر في الأعوام الأخيرة صور ميمز مضحكة تسخر من حب عنتر وعبلة أو قيس وليلي من خلال إظهارهما بصور بشعة- هذا الحب المزعوم كله بين شخصين بهذه الخلقة-، وأجد نفسي أتسائل : ماذا لو كان فعلا عنتر وعبلة بهذه البشاعة لكنهما أحبا بعضهما بصدق، أين المشكلة؟ لماذا نسخر من حب شخص متواضع الجمال؟ أيعقل أننا نحن من لا نفهم الحب الحقيقي؟
في كتابه " الحب السائل وهشاشة الروابط الإنساني" يقول الفيلسوف زيغمونت باومان بأن طبيعة الحب قد تغيرت في عصر الحداثة السائلة، فيشبهه بالسائل المائع غير المستقر، دائم التدفق والتغير، عكس حب الأجداد في المجتمعات القديمة الذي كان حبا صلبا متماسكا لا يتغير ولا يتزعزع، فالناس في الحداثة لا يأبهون بمخاطر الحب وعواقبه ولا حتى لمعناها الحقيقي، إذ يلهثون وراء الدخول في علاقات متجددة دون الاستعداد للالتزام الطويل بها.
يستعمل باومان عبارة خطيرة ومهمة جدا وهي استهلاك الحب، إذ اصبح البشر ينظرون للحب على أنه سلعة يمكن شراءها وبيعها أو على الأقل مقايضتها بشيء ما( االجمال مقابل الغني ، السلطة مقابل الصغر مثلا)، بل ان بعض الناس يستعملونه كوسيلة لتحقيق غاياتهم الخاصة( الانجاب، الترقيات، القبول والسمعة...).
الكارثة أن هذا النوع من الحب هش ومعرض للانهيار لأوهن الأسباب، والناس أصبحوا متقبلين فكرة استبداله بحب آخر، عكس الحب الصلب للأجداد الذي كان يستمر مدى الحياة، لكن غرضي في هذا المقال أن نذهب أبعد منن هذه النقطة، ونسأل: هل نحن اليوم مضطرين إلى عيش هذا النوع من الحب وهو مفروض علينا لا محالة؟ أم أننا يمكن أن نختار الحب الصلب بدل السائل ؟ وإذا اخترنا البحث العيش في حب صلب هل سنكون أسواء حقا أم سنبدوا مجانين في هذا العصر؟ ماهي خسائر أن نكون في حب صلب في رأيك؟
التعليقات