نشر "إيريك فروم" كتابًا بعنوان (Escape from freedom) "الهروب من الحرية"، لكنه أبدل عنوانه في الطبعات اللاحقة فأصبح (الخوف من الحرية)، ويتناول هذا الكتاب النظرة إلى الحرية على أساس أنها نظرة نفور منها!
يدور محتوى الكتاب حول التساؤل الذي طرحه "فروم" في مستهله: هل الحرية مشكلة نفسية؟
قبل البدأ في عرض طرح "الخوف من الحرية"، علينا ربما أن ننطلق من اتفاق هو أن الحرية هي المسعى الذي يقترن بأي غاية أخرى بالنسبة للإنسان، الحرية تقع على قائمة الأولويات بحيث يكون الإنسان سعيدا شرط كونه حرا قبل ذلك ويكون مبدعا مع ذات الشرط، وكذا اجتماعيا ومنتجا وفعالا..، كلها تحل بعد الشرط الأساسي وهو أن يعتبر نفسه حرًّا.
فالحرية غاية وضرورة.. لكن، أيمكن حقا أن نتصور الإنسان يرفض الحرية؟
في الواقع فإن فكرة رفض الحرية لم تكن وليدة فكر الإنسان المعاصر، إذ نجد أن أفلاطون عبر تلك الإشكالية بقوله:
« لو أمطرت السماء حرية لوجدت بعض العبيد يحملون مظلات »
فالتسليم هنا ليس أن الحرية مسعى فحسب، بل من جانب آخر لا بد من التسليم بالنفور منها كظاهرة حاصلة!
بخصوص نظرة "إيريك فروم" للخوف من الحرية فهي نظرة محلل نفساني لمريض، أي أنه يعتبرها علة نفسية لدى الخائف من الحرية، فهو يرجع الأسباب إلى النكبات التي يمر بها الفرد في سبيل تحقيقها (دمار أوطان، فقدان أقارب، خسائر..) فيعتبر أن نتائج الحرب من جهة هي ما تخلق لدى الإنسان نفورا من فكرة الحرية كونها لم ولن تكون غاية سهلة التحقيق بل تقتضي على الدوام تضحيات جمة.
ومن جهة أخرى فبحوثات "فروم" قد تمت في مرحلة شهد العالم خلالها الحرب العالمية الثانية، وهو ربما ما يجعله يفسر نتائج الحرب كعامل نفسي يجعل من شهد تلك الوقائع يخشى الحرية.
ويضيف إيريك لفكرته، أن عديد الأنظمة الشمولية -كالنازية والفاشية مثلا- تجعل بتسلطها الفرد يخشى على نفسه من أن يكون حرا أو حتى أن يفكر في أن يكون كذلك بالنظر لكونه قد حُكم بالنار والحديد.
أما بالنسبة لأفلاطون؛ فهو لا يرى لدى الإنسان أي عذر في أن يرفض الحرية، بل يعتبر ذلك جبنا واختيارا للعبودية على حساب الحرية، فعبر أنها حتى لو مُنحت للجميع -بطرق يسيرة وبدون تضحيات- فإن العبيد سيرفضونها لطبعهم في أن يكون عليهم جلادًا يحكمهم.
ماذا عنكم؟ هل فكرة الخوف من الحرية منطقية بالنسبة لكم؟
ثم هل برأيك يُعذر الخائف من الحرية أم أنك تتفق مع اعتباره جبانا ليس إلا؟
التعليقات