هل ترى تطبيق فكرة العين بالعين والسن بالسن نضوج ام صبيانية؟

هناك فرق بين الغريب والقريب، فالغريب لا تغافل معه، العين بالعين والسن بالسن، أما القريب فالتغافل أولى، فإن زاد من أذيته فالابتعاد عنه وترك البيت له مع الحفاظ على صلة الرحم، مع التعبير عن أن كيف تصرفاتهم تضايقنا وتزعجنا وتؤلمنا ويجب أن يتوقفوا عنها.

فإن لم يتوقفوا فالتجاهل مع الهجر وليس التعامل ااعين بالعين والسن بالسن.

هل أكيلهم بنفس المكيال وأجعل كيدهم في نحرهم أم لا؟

في البداية لم أكن اعمل بهذه الطريقة، كنت أتجاوز وأتغافل كثيرا، لكن في فترة من حياتي تعرفت على شخصين أقل ما اصفهم به أنهم مرضى نفسيين، لم يفلح اسلوب التغافل معهم وانما اسلوب المكيال والمرآة، كما تفعل أرد عليك، هذه الطريقة فقط تمكنت من كف أذاهم عني والتفوق عنهم الحمد لله.

طريقة التعامل بالنسبة لي تكون على حسب الشخص المقابل وليست كل الحالات متشابهة، هناك من يفهم عفوك انه خوف منه ويكون عليك في مثل هذه الحالة التعامل الند بالند حتى يفهم.

أنا من الأشخاص الذين لا يلجأوون إلى هذا الأسلوب نظرًا لأنّه أسلوب انتقامي لا يؤدّي إلى أي نتائج مرجوّة. فماذا أستفيد إن أنا انتقمت؟ ما هي الإضافة التي أحقّقها بذلك؟ أنا أفضل أن ألقن الطرف الآخر درسًا من خلال صمتي، فإن لم يتلّقى الدّرس فهذا يعني أنّه شخص ميؤوس منه أصلًا. وبرأيي أيضًا، ما لا يحققّة الترفع والتجاوز لا يحققه مبدأ العين بالعين والسن بالسن. وطبعًا ذلك لا يعني أن أهرب من المواجهة بل على العكس عليّ أن أواجه ولكن أبتعد عن تكرار نفس الأمر فقط لكي ألقّن الطرف الآخر درسًا. فماذا إن تعرّضت للخيانة، هل أخون؟ وإن سُرقت فهل أسرق؟ أهكذا يُحل الأمر؟ أعتقد أنّه علينا أن نبتعد عن هذا الأسلوب لأنه في كثير من الأحيان يختبر قيمنا ومبادئنا.

موضوع شائك صراحة ويحتاج إلى كثير من التفصيل والتعقيدات، لكن لو أردت التعليق من منظوري وكيفية رؤيتي للأمور فأنا أجد الأمور شبه نسبية في التعامل مع الفئات التي اقترحتها، حيث أنه لن يكون هناك تعامل بكامل النضوج ولا كامل الصبيانية في ذات الموقف.

وحيث أننا قد تربينا على مبدأ أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف في كثير من الأحيان، أجد أن التعامل بالعين بالعين ومقابلة الإساءة بمثلها يدعو للتنافر وخسارة كثير من أعز الناس.

الإنسان بمفهومه المسالم يميل للين مع من يحب وإن أخطأوا في حقه وتجاوزوا حدودهم.

دعنا نختصر القول بأن تمام النضج أن تعامل كل موقف على حدة حسب ما يتطلب، وأن قمة الصبيانية معاملة الكل بنفس الشاكلة وباتباع نفس الأسلوب الذي قد يضطرك إلى مبدأ العين بالعين والسن بالسن.

الحياة معتركٌ طويل لا بدَّ فيه من كسبِ القلوب بدون إفراط ولا تفريط.

هناك تفصيل ألجئ إليه في الحقيقة للبت في هذا الأمر، أول شيء لو كنا نتحدث فردياً فأنا بالتأكيد أدرك بأن مسألة العين بالعين والسن بالسن كسألة يمكن أن يتم التغاضي عنها سواء أخلاقياً أو دينياً حتى، أي يمكننا أن نعفوا عن حقوقنا لتكون هذه الأكور فرصة لكي نتحصل على مراتب أعلى في تهذيب النفس وترقيتها فعلاً، هذه المواقف فرصة لذلك، لكي يتصيدها من يريد فعلاً الصلاح لنفسه وتهذيب وتشذيب سلوكياته، مهما بلغت مرحلة الأذى التي نتعرض لها فردياً أتوقع الأفضل أن نعفو. أما دولياً ومجتمعياً فالأمر مختلف كل الاختلاف برأيي، يجب أن نتحصّل على حقنا بالقوة، عين بعين وسن بسن وبادي أظلم وحتى بزيادة على ذلك أحياناً إن تطلب الأمر لإن بهذا الأمر لا علاقة له بالسلوكيات بل بهيبة الدولة ذاتها وموقعها وفرصها بالنماء، لذا الأفضل عدم التهاون نهائياً.

هذا المفهوم يعود إلى العصور القديمة وقد تم استخدامه في العديد من الثقافات والمجتمعات، أما من يستخدمه اليوم فهو جاهل بأتم معنى الكلمة، فأصحاب المستوى الثقافي العالي الأولى أن يترفعوا عن هذه السلوكيات، وأيضا تثير الكثير من التساؤلات. فهل يجب علينا الاعتماد على الانتقام لتحقيق العدالة؟ أم أن هناك طرق أخرى أكثر بلاغة وفعالية لحل النزاعات وإحلال السلام؟ برأيك؟

أنا اليوم اعتمد طريقة الانسحاب والسعي إلى تحقيق الهدوء الذاتي، وأفضل أن أكون مظلومة عن أكون ظالمة، يكفي أن يكون القريبين منا يعلمون معدننا جيدا، فما فائدة أن أرد السيئة بالسيئة و أجد نفسي أرهق ذاتي في لا شئ.