مرعبة مناظر الأطفال وهم يحملون الهواتف الذكية في سنٍ صغيرة. حتى لو كان لذلك فوائد فأعتقد أن ضرره عليهم أكبر،
برأيكم أنتم، ما هو السن الذي يمكن للطفل أن يقتني هاتف عندما يصل إليه؟
المشكلة في نقطة السيطرة على المقارنة بين الطفل وأصدقائه، بمعنى أنني أرى السن المناسب هو في مرحلة الإعدادية، وإذا كان من الضروري أن يحصل الطفل على هاتف في المرحلة الابتدائية، فليكن هاتفًا عاديًا يصلح لإتمام المكالمات فقط، وهذا لا يعني الحرمان من التكنولوجيا عمومًا، يمكنه استخدام بعض الأجهزة في المنزل وتحت ملاحظتي ويكون هناك موعد محدد للترفية (ساعتين في اليوم مثلًا) ولكن تظل المشكلة هي كيفية توضيح الأمر للطفل دون أن ينزعج من نقطة المقارنات، فهل مع الضغط المستمر منه، يمكنك أن تخضعِ لطلبه وتحضري له هاتف ذكي مثل أصدقائه؟
فعلا هذه النقطة صعبة جدا، في البداية سلوك الهاتف هذا مثل العدوى، إن كان الوالدين مستهلكين للهواتف فسيكون من المستحيل ان تضبطي الطفل، يعني لابد أن يكون الانضباط من الاباء أولا، ثم بعد ذلك حسب احتياجه، يعني أعطيته لابنتي وهي بعمر التسع سنوات لأنها كانت تنزل لكورسات بجوار المنزل وكنت أحب أن أطمئن عليها عند الوصول. وهي تأخذه عند الحاجة فقط، واتفقنا على ضوابط وهي ساعة يوميا بالدراسة وقد يزيد لساعتين بالإجازة، مع التوجيه للاستخدام السليم والاستفادة من المحتوى الجيد، فمثلا أوجهها لقنوات بعينها، وتنمية مهارات لديها، وأضبط ذلك بربط الهاتف بهاتفي عن طريق برنامج توفره جوجل اسمه family link يمكن ضبط كافة الجوانب من خلاله كوقت وكنوعية محتوى
إن كان الوالدين مستهلكين للهواتف فسيكون من المستحيل ان تضبطي الطفل،
هذا صحيح، ولكن ماذا لو كان الأب أو الأم أطباء أوا صحاب مشروعات ومضطرين لاستخدام الهاتف بشكل مستمر لمتابعة الطوارئ، فهل ذلك يمكن أن يؤثر على انضباط الطفل أيضًا؟
ما تفعله مع أبنتك نظام جيد جدًا، ولكني أرجح أيضا أن بيئتها المحيطة من الأصدقاء أو الأقارب هم بنفس العقلية أو حتى سلوكيات مشابهة، أليس كذلك؟ أعني أن الأجيال الحالية تتأثر بشدة بسلوكيات الأطفال المحيطين بهم، وغالبًا ما يكون مصدر تلك السلوكيات هو ما يكون رائجًا على التيكتوك، وغيرها من المواقع التي تثير جنون الأطفال، فكيف تتحكم في هذا الموضوع؟
حتى لو خرجت واضررت الاعتماد على الهاتف، يكون فقط لاستقبال المكالمات لا للاستخدام
ما تفعله مع أبنتك نظام جيد جدًا، ولكني أرجح أيضا أن بيئتها المحيطة من الأصدقاء أو الأقارب هم بنفس العقلية أو حتى سلوكيات مشابهة، أليس كذلك؟
بالتأكيد تأتيني عبارات مثل زملائي يجلسون على الهاتف طوال الوقت، صديقتي لديها تيك توك، وسناب شات، صديقتي تضع صورها الشخصية، هذا وارد لاختلاف السلوك، دوري هنا هو نقاش كل سلوك بمزاياه وعيوبه ومن ثم اترك لها القرار، وما شاء الله غالبا ما تتراجع بعد التفكير
يمكنك أن تخضعِ لطلبه وتحضري له هاتف ذكي مثل أصدقائه؟
أذكر أن أول هاتف اقتنيته كنت تقريبًا بعمر الحادية عشر، والسبب طبعًا أن أغلب زميلاتي كنّ يملكن واحدًا كما أنّ المعلمات كنّ يشجعن إنشاء مجموعات واتساب للصف للتواصل من خلالها، وأرى معلمات أخوتي يتبعن النهج نفسه، مما يعتبر بشكل أو بآخر تشجيع للطالب على امتلاك هاتفه الخاص والضغط على والديه من أجل ذلك، وحتى لا يمتلئ هاتف الأم بالكثير من المجموعات والرسائل وتضيع بين أبنائها.
برأيك كيف يمكننا أن نمنع تسرب هذه الضغوطات إلى الآباء وهل فكرة مجموعة الواتساب هي مجرد فكرة غير ضرورية تشجع على هذا الضغط ولا تفيد من الناحية الدراسية؟
أنا مثلًا لم أملك هاتفًا خاصًا بي ألا في سن السادسة عشر، لكن حينها لم يكن منتشرًا فكرة مجموعات الوتساب وما إلى ذلك، لذا بالفعل قد يكون هذا عائقًا أمام الأهل الذين يودون حماية أطفالهم من تأثير الهواتف الذكية، بالإضافة إلى أن الأطفال نفسهم قد يشعرون بالغرابة عن أقرانهم.
لكنني في ذات الوقت لا أظن أن فكرة إلغاء مجموعات الواتساب فكرة حسنة، فهي تسهل من عملية التواصل بين الطلاب والمعلمين، لذا أظن أن الحل الوحيد في هذه الحالة سيكون تقنين الاستخدام وفرض نوع من الرقابة من قبل الأهل.
حسب ما درست وقرأت فعن نفسي قررت عدم إعطاء أطفالي هاتف إلا بعد سن الخامسة عشر على الأقل، وبالتأكيد سأسمح لهم بالألواح الذكية الخاصة بالتعليم ( التعليم فقط)، فالطفل حتى سن السادسة يدرك الأسرة والبيئة وملامح نفسه، وحتى الثانية عشر يعزز قيمته واتجاهته وأسس تفكيره وتوجهه ونظرته لمن حوله، والثلاث سنوات التالية لذلك يكون عقل الطفل بها أقوى ما يكون وبه جوع وشراهة للتعلم فلن أضيع على طفلي هذه الفرصة للنمو العقلي والنفسي، وعلى الرغم من عدم زواجي حتى الآن إلا أنني أنقل هذه المعلومات للجيران والأصدقاء والأهل وأحاول منع سرطان الهواتف من السيطرة على عقول الأطفال.
الإشارة إلى استخدام الألواح الذكية الخاصة بالتعليم وأيضا استخدام اللاب توب، تماما عندما كنا صغار فلم تكن عدوى الهواتف الذكية منتشرة ولكن كان لدينا على الأقل تواصل ما بالتكنولوجيا عن طريق أشياء أخرى، وفي المرحلة الإعدادية في الغالب حصل العديد على الهواتف الذكية أو غيرها، أما قبل ذلك فأرى أن نترك الطفل يعيش حياته كطفل بعيدا عن هذه العدوى والمقارنات بين الزملاء، فيجب توعية الطفل منذ سن مبكرة وهذه مسؤولية الأهل في المقام الأول في تأهيل طفلهم.
بالنسبة لي أظن أن السن المناسب إلى حد ما هو 15، أو ما بعد الأعدادية، حينها يكون الطفل على قدر من الوعي والفهم، ويمكن مناقشته عن خطورة الهواتف الذكية، فصحيح أنها صارت لا غنى عنها في حياتنا اليوم، لكن هذا لا يعني أن نمنحها كل سيطرة على كل حياتنا.
وبعض الأهالي يظنون أن حمل الطفل لهاتف ذكي في سن مبكر سيخفف عنه ملله، وأنا لا أدري الحقيقة لما نعد الملل شيئًا سيئًا بالضرورة. بل أظن أن الملل هو المحفز الأول للإبداع والابتكار بالنسبة للأطفال. أذكر أنني في طفولتي قد صنعت من الصفر لعبة السلم والثعبان من الورق المقوى ولم أشترها جاهزة، وكنت أبتكر غيرها من الألعاب والقصص.
لذا أظن أن الملل منحة وليس نقمة، ولا يجب أن نحرم الأطفال من نعمة الملل.
١٢ سنة، عندما يبلغ الثاني عشرة من عمره، برأيي في هذا العمر ممتاز أن نغامر معه في تحميله مسؤولية هذا الجهاز وإفهامه أن ما نقوم به هو تحميل مسؤولية لا جهاز وبأننا سنقيس الكثير من الأمور بناءً على تصرفه به ونحدد إذا ما كنا سنستكمل هذه الثقة أم لا.
حين نسلّم الجهاز أقترح أن نفعّل نظام الإدارة الأبوي بناءً على جهاز الأب مع ابنه، لكي يعرف الأب ما الذي يريد فتحه لابنه ويعرف ما الذي يقوم به ابنه وخاصة سجل البحث ليفهم ميوله تقريباً ويستخدم هذا البحث كنقطة ارتكاز لتحسين التواصل مع الابن ومعالجة المشاكل بشكل فعّال وقياس فائدة قرار اقتنائه الموبايل من عدمه.
انغماس الطفل في هاتفه ليس بسبب ما بالهاتف من مصادر متعددة للتشتيت والإلهاء فالهانف بحد ذاته ليس المتهم الرئيسي في القضية بل من علم ذلك الطفل كيف يستخدم ذلك الهاتف وشغل له مقاطع تلهيه وتحسبه عن الحياة بذريعة شغل الطفل بأي شيء ريثما يتم الانتهاء من أعمال المنزل.
الاطفال لا يولدون وفي يدهم هاتف ذكي، ولكنهم يرون آبائهم يتعاملون مع هذا الهاتف وينتبهون له أكثر مما ينتبهون لإبنهم، بل إن بعض الأمهات تشغل لطفلها هاتفا لتنشغل هي بتصفح هاتفها الخاص.
المشكلة لها جذور ولا يمكننا حلها بعزل الطفل عن الهاتف في عالم سيطرت عليه الشاشات، فإن لم يتعافى الأب والأم من إدمان الشاشة كيف للإبن أن يتقبل عدم حصوله على هاتف خاص به.
ولحماية الجيل القادم على الاسرة كلها أن تتجه لنشاطات اجتماعية اكثر واقعية مثل التنزه ولعب الرياضة والنزول للتسوق، بدلا من الجلوس وراء الهواتف دون اي نشاط يذكر وفجأة نكتشف بأن الطفل ادمن على استخدام الهاتف وما هو إلانتيجة لعوامل تربوية كثيرة.
أنا أيضًا أتفق في أن الحرمان ليس حل على الإطلاق بل يوّلد نتيجة عكسية، لأننا لا نضمن أن الطفل سوف يغريه هذا الإدمان الذي يسيطر على العالم خارج المنزل، فالطفل سيذهب إلى المدرسة وسيكون له أصدقاء وسوف يراهم ويرى ما معهم.
التحدي الحقيقي هو أن نصل بهذا الطفل إلى أن يرى تلك الأجهزة في أيدي الآخرين ولا تغريه لأنه يعلم حقيقتها ويدري جيدًا الضرر من ورائها.
التعليقات