عندما نلاحظ الطريقة التي يعيش بها الأطفال ويتفاعلون بها مع الآخرين لا نرى تلك العادات السيئة والمشكلات التي تحيط بعالم الكبار، على سبيل المثال لا نجد العنصرية أو القلق أو التحيز، وبالرغم من صغر سنهم نتعلم منهم الكثير من الدروس التي تعطي لحياتنا قيمة وتجعلها أكثر ثراءً، شاركنا ما هو أفضل شيء تعلمته من طفل صغير؟
ما هو أفضل شيء تعلمته من طفل صغير؟
بحكم عملي في مجال الطب النفسي أتعامل كثيراً مع الأطفال وخصوصاً في جلسات التأهيل لمرضى السرطان بمستشفى 57357 وأتذكر منذ عام تقريباً أنني تلقيت نصيحة من طفلة غيرت نظرتي للحياة تماماً، قالتها وهي لا تدري قيمتها، وكانت نصيحة مؤثرة من شخص في قلب الحدث ليس كمثل أصحاب الندوات ورواد التنمية البشرية.
هذه الطفلة هي خديجة عمرها ١١ سنة تحدثت معها قبل أول جلسة كيماوي لها؛ لكي أخرج من عقلها الخوف وأطمئنها، وبينما أنا أحاول الدخول في صلب الموضوع قالت لي ( أنت فاكر أن أنا خايفة وعاوز تطمني أنا مش خايفة ومش لازم أخاف بابا قالي ربنا بيعمل كل حاجة ومش بيعمل غير الحلو يا خديجة والدكتور قال اخد كيماوي عشان ربنا قاله يبقى اتطمن أن ده حلو ومخافش عشان ربنا فاهم وعشان ميزعلش مني)
نصيحة كهذه كفيلة بالتعامل مع ضغوط الحياة وقلق المستقبل وفرط التفكير والخوف المزمن غيرت بها الطفلة نظرتي للأمور دون أن تدري قيمة المعروف الذي فعلته بي.
جميلة جدًا هذه النصيحة، وأعتقد أننا بحاجة إلى هذا العقل الطفولي البسيط لنتعامل مع الصعوبات المختلفة في الحياة، أكثر ما يميز هؤلاء الأطفال أنهم يبسطون كل شيء وبمساعدتنا نحن، بينما نقوم نحن بتعقيد كل شيء مهما كان بسيطًا، ونبدأ بالتفكير بما قبله وبعده متناسين الحقيقة الثابتة التي ذكرتها الصغيرة، كل أمر بيد الله وكله خير، مثلًا هل يفكر والدها بنفس الطريقة عند أي مشكلة تواجهه؟ أعتقد أننا نحتاج إلى هذه النصائح المطمئنة أكثر مما يحتاجها صغارنا!
أنا أحب الأطفال لأنهم ينظرون إلى الحياة ببساطة ولديهم القدرة على الاستمتاع بالأشياء البسيطة والشعور بالدهشة والإعجاب بكل جديد، فالأطفال يعلموننا كيف نكون حاضرين في اللحظة ونقدر الجمال في التفاصيل الصغيرة التي نمر بها يومياً، ومن الأمور المهمة التي نتعلمها من الأطفال، والتي أسعى دائماً للحفاظ عليها، هي التعامل بطبيعتك، فالأطفال يتصرفون بتلقائية ويعبرون عن أنفسهم بصدق، وهذا درس مهم لنا أيضاً، كي نكون على طبيعتنا ونفعل ما نحب دون أن ننشغل كثيراً بنظرة الآخرين لنا
التعامل بطبيعتك، فالأطفال يتصرفون بتلقائية ويعبرون عن أنفسهم بصدق
صحيح، ولكن هذا الأمر قد يعرضنا للكثير من المشكلات، فعندما يتصرف الأطفال بطبيعتهم العفوية لن يتمكن أحد من إلقاء اللوم عليهم على عكس الكبار فنحن مطالبون دائمًا بأخذ الحذر والخوف على مشاعر الآخرين وقد نفكر فيما سيقولونه إذا قمنا بأمر ما، ونقلق كثيرًا بشأن كل شيء، ليتنا نستطيع أن نتعامل بنقاء وعفوية كالأطفال.
لا أظنها تقصد التصرف بطفولية، ولكن أن يكون الإنسان صادقا مع نفسه، ولا يكون أي شيء آخر. فلا يزيف شخصية فقط ليحبه الناس ويتقبلونه، وهو في الحقيقة لا يشبههم، لكنه يتصنع. من المهم أن يكون الإنسان حقيقيا، وتكون حياته مرآة لما يؤمن به حقا من قرارة نفسه.
لا أظنها تقصد التصرف بطفولية
بل تقصد التصرف بتلقائية وهذا يعني أن كل شيء سيأتي إلى العقل يمكن قوله ببساطة كما يفعل الأطفال دون قلق أو خوف، وهذا في حد ذاته قد يزعج الكثيرون، لأن التلقائية في الردود تجعل الفرد منا يقول الحقيقة كاملة دون مجاملة أو محاولة لتجميل تلك الحقيقة.
لم أقصد ذلك بالطبع. ما كنت أقصده هو ما أوضحته هاجر، وهو أن يكون الإنسان أكثر صدقاً مع نفسه ومع الآخرين، أما بالنسبة للتلقائية، فالمقصود بها هو تجنب التزييف لكن يجب أيضاً مراعاة مشاعر الآخرين بالطبع
أما بالنسبة للتلقائية، فالمقصود بها هو تجنب التزييف لكن يجب أيضاً مراعاة مشاعر الآخرين بالطبع
صحيح، ولكن هذا النوع من التلقائية يختلف تماماً عن تلقائية الأطفال التي تكون طبيعية بلا تصنع أو تزييف أو حتى وضع اعتبار لمشاعر الآخرين الذين لا يتضررون من ذلك لأنهم مجرد أطفال صغار، وهذا بالطبع ليس له علاقة بتلقائية الكبار التي لا بد تتضمن مراعاة للآخرين وإلا ستحدث الكثير من الخلافات.
التعليقات