الجميع يشارك ما تعلمه وما اكتسبه من وراء أخطائه بالماضي، إذن لما نخاف من ارتكاب هذه الأخطاء طالما هي مصدر للتعلم؟
إذا كنا نتعلم دوما من أخطائنا، فلماذا نخاف من ارتكاب الأخطاء؟
بسبب الخسائر يا صديقي. على الرغم من أننا جميعًا نمتلك الرغبة نفسها في التعلّم والمعرفة، فإن معظمنا يخشى الخسارة، وهذا هو ما يتحكّم في قراراتنا تجاه هذه المخاطرات التي تتمثّل في وجود نسبة خطأ ولو بسيطة. لكن في نهاية المطاف، تبقى الجملة الأروع لتوماس أديسون، عندما قال:
أنا لم أفشل 1000 مرة. أنا فقد وجدتُ 1000 حلٍّ لا يعمل.
لما نخاف من ارتكاب هذه الأخطاء طالما هي مصدر للتعلم؟
ان تجاربنا الفاشلة (الأخطاء) ليست وصمة عار أو مدعاة للإحباط، بل من الطبيعي أن نتعرض للتجارب الفاشلة في حياتنا، فحتى العلماء قد فشلوا مراراً وتكراراً حتى تمكنوا من الوصول لإنجازاتهم العظيمة.
لابد من الوقوف على إطلال الماضي وكل مآسيه، وليس للبقاء هناك في قنوط مكروه ويأس منبوذ، بل لكي نستفيد من الماضي، ومن كل التجارب السابقة التي فشلنا فيها، ولنتساءل لماذا فشلنا، لنبحث عن الأسباب، كي نتحاشى أن نفشل مرة أخرى ولكي نكتسب المزيد من المعرفة ومن المهارات ومن المحاولات، حتى يسهل عليك تحقيق أهدافك والوصول الى النجاح، فما أجمل النجاح.
وكما لا نبخل على أنفسنا بالهدايا والأشياء الجميلة التي نحبها ونستمتع بها، فلنعمل على تحفيز أنفسنا بالعبارات، فمهما تمتلك من قدرات عالية ومهما كنت واثق من نفسك لا بد من أن تحفّز نفسك ببعض العبارات الإيجابية، وبل لا تخجل من أن تردد وباستمرار أنك قادر على تحقيق أهدافك، وتمتلك الكثير من المهارات، وأنك ذكي، وناجح، ازرع كل ذلك في عقلك الباطن. فكما الهدايا تمنحك الشعور بالسعادة، فتلك المشاعر والكلمات تمنحك وتساعدك بالفعل على تحقيق أهدافك جميعها والوصول إلى النجاح.
الخوف من أحد المحركات الرئيسة لدفع الإنسان، فارتكاب الأخطاء هو جزء منه كذلك حتى لو حاول تجنبها بكل الطرق الممكنة، الخوف النابع نتيجة مجهولية الشيء، فيخاف الإنسان من تجربة معينة أو قرار لأنه ضامن ومدرك منطقة الراحة التي هو فيها، لكن عند مخاطرته لا يعرف ما وراء ذلك القرار أو التجربة...
من تجربتي، منذ سنة وأنا مازلت طالبة، كنت أخاف لأنني لست كافية! أخاف من الإقدام على عمل جديد، فرصة جديدة... مع أن من حولي يؤكدون لي أن لدي خبرة مناسبة. لكن كنت أقع في بئر الخوف والشك وسبق الأحداث وأردد عند رؤيتي فرصة ما أنني ساقدم بعد التخرج على الرغم أن لدي مهارات مناسبة وهو المطلوب في تلك الفرصة. الحقيقة تغلبت على هذا الخوف بالخوض على الرغم من وجوده بداخلي، قلت لم لا؟ علي أن أجرب ما يعتريني الخوف تجاه فمازلت في شبابي وكنت أخاف أن أخطأ للغاية، كنت مهوسة بالمثالية الزائفة في كل شيء. بالتدريج بدأت اتقبل أن لولا الأخطاء وخوفي مت ارتكابها لم كنت سأتعلم. إلى الآن يعتريني الخوف من بعض الأخطاء لتجارب جديدة ولكن أقاوم هذا الشعور.
لولا أخطائنا لما إستدركنا ما فاتنا، لولا الأخطاء ما تعلمنا وما كافحنا من أجل الوصول الى ما نصبو إليه، تخيل معي لو أن ننجز مهاما وعندما نتممها دائما ما نتلقى الثناء عليها، ألن يصيبنا نوعا من الغرور، بأننا نعرف كل شئ كوننا لا نخطأ أبدا، الأخطاء هي ما تجعلنا ندرك بأننا نجهل الكثير ولابد أن نطور من مهاراتنا، الأخطاء ببساطة تقودنا لتحسين.
أحيانا، عندما أقوم بعمل ولا أتلقى النقد حوله أو حتى بعض من الملاحظات، اشعر بغرابة، وأحس بأنه ما يحدث ليس عاديا، لكن الأمور التي أخطأت فيها وكلفني ذلك لسهر ليالي من أجل أن أصحح أخطاءي لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي ببساطة، النجاح نتذكره في أكثر اللحظات التي إنكسرنا فيها ولكن أعدنا النهوض من أجل أن نصل.
بالفعل ، إن الأخطاء و الندم الذي يعقبها يحفر في ذاكرتنا فلا تعود لنا قدرة على نسيانه ، فنتعلم منه درساً لا ينسى ، ربما نود دائماً تقديم عمل متكامل بلا أخطاء و نود أن نكون الأفضل ، و لكن إن ذلك مستحيل ، يستحيل أن تقدم عملاً ليس به نسبة من الأخطاء و إن كانت قليلة ، لذلك لا داعي أن نقسو على أنفسنا ، فذلك ليس حلاً يجعلنا أفضل ، فالعصمة من الخطأ ماتت مع الأنبياء و لن تحيا بيننا .
شخصيا، لا أخاف أبدا من إرتكاب الاخطاء.
اما بالنسبة للظاهرة، فأرى ان الأسباب تنقسم لشقين:
الخوف من العالم الخارجي: الخطا هو مجموعة ما يفعله المرء يكون مخالفا ومعاكسا لقناعاته الشخصية وأيضا قناعات مجتمعه والقيم العليا، لذلك فإن الشخص عندما يرتكب خطأ خاصة الأخطاء الكبرى يقابل بوابل من الأحكام من طرف الآخرين، أقوال مؤلمة، تهميش، ظلم... لهذا تصبح فكرة الخطأ لا ترتبط بمعنى التعلم منه والإنتهاء عنه (بالضرورة) بل ترتبط بما سيراه ويظنه الآخرون.
ملاحظة: لست اعني التمرد على القيم بمعنى ان ذلك لا بأس به، بل إرتباط الخوف من الخطأ بأقوال الآخرين في المجتمع هو الخطأ وفيه يكمن النقص! أذ ينبغي على الإنسان أن يقارن نفيه بنفسه العليا او مثله الأعلى الداخلي. لان الجميع له أخطاء. وينبغي بالضرورة السعي تصحيح الأخطاء دائما
- الخوف الداخلي: هنا يكمن جلد الذات، عدم تقبلها، وربطها بمعايير مثلى مبالغ فيها فيصبح الشخص غير قادر على تقبل خطإه. يسمى ذلك بالمثالية المفرطة، وهي للأسف منتشرة بشدة في مجتماعتنا، فتجد الشخص يخضع نفسه لقوانين صارمة في حق نفسه فيفقد مرونته، بل في بعض الأحيان يؤدي ذلك لأمراض نفسية كالوسوسة وغيرها فقط لعدم تقبل الذات ومحاسبتها بصرامة.
هناك أسباب أخرى كرفع سقف التوقعات، وعدم القدرة على مواجهة النفس، عدم القدرة على الخروج من دائرة الراحة... لأنه يعتقد أن الامر بدون محاولات أكثر امانا، فيتجاهل إمكانية أن الإندفاع رغم ان فيه ألم، فيه يمكن أن يكسب منه مساحة أكبر من الامان والسلام عندما يتعلم من أخطاءه.
الاخطاء التي نتعلم منها تلك التي نذهب لها دون ان نعي انها كذلك كطفل يمسك السكين يظنها لعبه دون ان يدرك انها ستؤذيه ،الالم الناجم منها هو من سيعلمنا ان لا نعيد الكره مره اخرى او نتخذ عبرا ودرسا منه لكن عندما نخاف من خطا هنا لدينا ادراك بأنه كذلك لذا سنخاف فأن كانت خطوه خاطئه في مشروع عمل سنخسره او في حياة خاصه ربما نتعرض لفقدان شخص او مكانه والخ.. هذا الامر يدفعنا للخوف
لا نخاف من ارتكاب الأخطاء ، إننا نخاف على ما يترتب عليها ، نخاف من نظرة الناس و كلامهم و لومهم لنا ، نخاف من قسوة المجتمع علينا و حكمهم علينا ، نخاف من أن يتم استبعادنا لأننا بشر و نخطئ ، نخاف من أن يرتبط اسمنا بذلك الخطأ دوماً و أن يلاحقنا دائماً ، و نخاف أيضاً من الندم ذلك الشعور الخانق المدمر .
لو كنا في بيئة متسامحة مع طبيعتنا الخطاءة لما عانينا إلى هذا الحد .
لا أرى مشكلة أو تناقض هنا، أجل نتعلم من أخطائنا الكثير وتصب في وعاء الخبرة الشخصية، ولكن الفطرة السليمة للبشر تجعلهم يحاولون قدر الإمكان تجنب الأخطاء وهذا شيء إيجابي، أن لم نكن نخاف من الإخفاق لأصبحنا مستهترين، وسنوقع نفسنا بمصيبة تلو الأخرى.
واذا كنا نتعلم من الأخطاء، فهذا العلم الجديد نستخدمه خوفا من الوقوع في أخطاء مشابهة أساسا.
وفي النهاية هناك خيط رفيع بين الجرأة وبين التهور.
التعليقات