هذه الظاهرة الغامضة تثير تساؤلات حول ماهية تلك القوى الخفية التي تعكر صفو علاقتنا بما كان يسعدنا من قبل. في هذا الصدد ما هي الأسباب وراء هذا التحول النفسي وكيفية التغلب عليه؟ وهل مررت بهذه التجربة من قبل ؟
لماذا تتلاشي الرغبة في أداء أنشطة كنا نعشقها في الماضي بشكل مفاجئ؟
إنها ليست ظاهرة غامضة، محمد.
إنها طبيهة النفس البشرية - متغيرة، هل تتذكر ما هي الأغنية التي كنت تفضلها منذ خمس سنوات؟
ماذا عن أغنيتك المفضلة لليوم، إنها مختلفة تماماً، أليس كذلك ؟
وذلك ينطبق على طبقك المفضل، وأصدقائك حتى.
إن الإنسان يستمر في النمو والتطور والوعي، وتختلف رغباته من وقت لآخر، لتتناسب مع اللحظة الراهنة.
لذلك عندما سأل أحدهم في النقاشات العامة، كيف يتخطى حب فاشل.
أخبرته عن نظرية تغير الإنسان هذه، وألا يثق بالأشياء التي يحبها الآن، فسوف تتغير مع الوقت.
فإن القناعات التي نتبناها هي من تجعلنا نستطيع أن نمضي قدماً.
طوال حياتي وأنا أحب ممارسة الرياضة المنزلية، لكنني توقفت عن ذلك، هذا لا يعني أن أتنبأ بوقوع كارثة، أو فقدان الشغف أو التهالك، أو أنها ظاهرة غريبة، لا بل رغباتي تغيرت لأنني أصبحت أشارك العديد من الفتيات نشااطات رياضية حتى لا أشعر بالضجر وحسب.
ولكن أحيانًا يكون الأمر أكثر تعقيدًا ويؤول إلى فقدان شغف وليست تغيير في الرغبات وتحاول فجأة بكل جدية الإستمرار في أي رغبة سابقة ولا تستطيع الإلتزام بها فمن رأيك ما التفسير وراء ذلك ؟
لذلك عندما سأل أحدهم في النقاشات العامة، كيف يتخطى حب فاشل. أخبرته عن نظرية تغير الإنسان هذه، وألا يثق بالأشياء التي يحبها الآن، فسوف تتغير مع الوقت.
هل معني ذلك أنه لا يمكن أن نظل مخلصين بالحب لشخص واحد فقط لأننا بمرور الوقت سوف نتجاوز هذه الرغبة وسنكون بحاجة لشعور جديد مع شخص آخر ؟
هل مررت بهذه التجربة من قبل ؟
لا أعلم السبب العلمي وراء ذلك ولكن هذا يحدث معي كثيرًا فأحيانًا يكون لدي هذا الشغف الكبير تجاه بعض الأشياء كالذهاب للصالة الرياضية على سبيل المثال ومن ثم أفقد هذه الرغبة بمرور فترة من الزمن وتتحول لرغبة آخرى ولكن أعتقد أن هذه هي طبيعة النفس البشرية على أي حال.
الوقت حاسم في تغيرنا، وتغير رغباتنا وميولنا، وكل شيء فينا يتغير، وتتبدل رؤيتنا للأشياء وللأشخاص وحتى لأنفسنا، ننمو وتختلف أولاويتنا واهتماماتنا ونودع أمورا كانت مهمة بالنسبة لنا ونقبل على غيرها.
أعتقد أن المشكلة الأكبر تكمن في تقبلنا لهذا الأمر وللتغييرات التي يمكن أن تحدث فجأة، أحيانًا لا داعي لوجود تفسيرات .. يجب علينا ألا نقسو على أنفسنا وأن نحاول فهم ذاتنا بشكل أكبر، ولكن السؤال الذي يتردد بذهني الآن هل من الممكن تجديد الشغف تجاه رغبة سابقة أم لا ؟
بالفعل، ليس لزاما علينا أن نتحسر على تغير شغفنا اتجاه رغبات سابقة، لأن الشروط الذاتية والموضوعية تغيرت، وتفرض علينا رغبات جديدة وتطلعات مغايرة، يجب أن نتقبلها ونرحب بالجديد.
أنا عن نفسي، لا أستطيع تجديد شغفي برغبة سابقة مهما حاولت، لهذا أترك الجمل بما حمل، وأقبل على شغفي بالأمر المستجد، وأحاول الاستفادة منه والاستمتاع به، قبل ما يزول ويتحول هو الأخر.
للأمر العديد جداً من الأسباب، هذا ليس كلامي، بل كلام صديق عائلتنا، هو طبيب نفسي إعتاد أن يزورنا، وأذكر مرّةً حديث مشابه كان يقوم به، أولى الجميع ومن بينه هو بالتأكيد الذي يقود هذه المُحادثة الأمر إلى العديد من الأسباب، منها:
- الاحتراق الوظيفي، هذا أمر مشهور بأوروبا كتسمية، مشهور بالعالم جميعه كإصابة حتى ولو لم نعرف اسمه، وهو إذا قمنا بنشاط ما أكثر من اللازم أو إذا شعرنا بالضغط من أجل الأداء الجيد الذي نقومه فيه فيمكننا أن نشعر بالإرهاق، ألا نقول احترقت أعصابي بالمثل العامي؟ يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان الاهتمام والرغبة، بالإضافة إلى الإرهاق والقلق والاكتئاب، هذه عوارضه.
- الاكتئاب، سبب مهم أيضاً، الاكتئاب مرض عقلي يمكن أن يتسبب في فقدان الاهتمام بالأنشطة التي اعتدنا الاستمتاع بها، تشمل الأعراض الأخرى للاكتئاب تغيرات في الشهية وأنماط النوم، يُسمّى طبعاً الاكتئاب المُعطّل، ليست كل أنواع الاكتئابات مُعطّلة.
أخيراً طبعاً وهنا أريد طرح رأيي الشخصي بالمسألة، هو أنّ الحياة تتغير، يمكن أن تؤدي التغييرات الرئيسية في الحياة مثل وظيفة جديدة أو علاقة جديدة أو وفاة أحد الأحباء إلى فقدان الاهتمام بالأنشطة التي اعتدنا الاستمتاع بها، هذا لإنّ هذه التغييرات يمكن أن تعطل روتيننا وشعورنا بالهوية مما قد يجعل من الصعب العثور على الفرح في الأشياء التي اعتدنا القيام بها، هذا ناهيك إن لم تخض تجربة سفر.
الرغبة في أداء أنشطة معينة هي مسألة نفسية تتأثر بعوامل مختلفة، مثل الحالة المزاجية، والدوافع، والتحديات، والمكافآت، والملل. فقد تفقد الرغبة في أداء أنشطة كنت تعشقها في الماضي بشكل مفاجئ لأسباب عدة، منها:
- الإفراط في ممارسة النشاط دون تنويع أو تغيير. قد يؤدي هذا إلى الشعور بالملل والروتين وانخفاض الحماس والإثارة. لذلك، من المستحسن أن تضيف بعض التنوع والابتكار إلى النشاطات التي تحبها، وتجرب أشياء جديدة ومختلفة بين الحين والآخر.
- التغيرات في الظروف الشخصية أو البيئية. قد تتغير اهتماماتك وأولوياتك مع مرور الزمن، أو قد تواجه صعوبات أو عقبات تحول دون ممارسة النشاط المحبب لك. في هذه الحالة، عليك أن تقبل التغير كجزء من الحياة، وتحاول التكيف معه بإيجابية ومرونة. كما عليك أن تبحث عن حلول إبداعية للتغلب على المشاكل التي تواجهك، وتستعين بالدعم الاجتماعي من الأصدقاء والأقارب.
- انخفاض مستوى التحدي أو المكافأة. قد تشعر بالملل أو الفراغ إذا كان النشاط سهلاً جداً أو صعباً جداً بالنسبة لقدراتك، أو إذا لم يوفر لك مكافآت مادية أو نفسية كافية. في هذه الحالة، عليك أن تضع لنفسك أهدافاً واقعية ومحفزة، وتسعى لتحسين مهاراتك وأدائك، وتقدر نفسك على جهودك وإنجازاتك. كما عليك أن تستمتع بالعملية نفسها، ولا تركز فقط على النتائج.
طبعاً، هذه ليست قائمة شاملة، فقد يكون هناك عوامل أخرى تختلف باختلاف طبيعة النشاط والشخص.
أما بالنسبة لي، بالفعل لقد مررت بهذه التجربة من قبل في بعض المجالات، مثل الرسم ولعب الكرة. كنت أحب هذين النشاطين كثيراً في الماضي، ولكن مع مرور الوقت، شعرت بالملل والضجر منهما. فتركتهما لفترة طويلة، وبدأت أبحث عن أشياء أخرى تشغل وقتي وتملأ حياتي. لكن بعد ذلك، اشتقت إليهما مرة أخرى، وحاولت العودة إليهما بروح جديدة. فأضفت بعض التنوع والابتكار إلى رسمي والإنضمام لأصدقائي أخر كل اسبوع للعب الكرة، ووضعت لنفسي أهدافاً جديدة ومحفزة، واستمتعت بالعملية نفسها، ولم أهتم بالنتائج كثيراً. فوجدت نفسي أستعيد حبي ورغبتي في هذين النشاطين، وأشعر بالسعادة والرضا عند ممارستهما.
تلاشي الرغبة في أداء الأنشطة راجع لتلاشي الاستمتاع بها أم السعادة فيها؟
هناك فارق كبير بينهما، فالمتعة شئ حسي يتطلب توفير عوامل خارجية من أجل تحقيقه مثل الوقت أو الموارد المالية أو القدرة الجسدية، بينما تعتبر السعادة شعور نفسي ينبع من داخل الفرد ويقوم على مبادئك الخاصة ولا يتعلق بالماديات.
إن كانت رغبتك في أداء أنشطة سابقة قد تلاشت فهذا غالبا يعني تأثرك بهذا النشاط بحد ذاته، وهو ما يعتبر مؤثر خارجي يعتمد على إحدى العوامل الخارجية وبالتالي فأنت بصدد متعة لا أكثر، والمتعة هنا دائما ما يكون مصيرها الزوال لأنها تعتمد على عنصر تكرار استهلاكها مما يؤدي إلى مللها.
لا أنصحك ببحث كيفية الحفاظ على استمتاعك بالأنشطة أبداً، وبدلاً من ذلك إبدأ بفهم السبيل المؤدية للسعادة أثناء ممارسة هذه الأنشطة، واعتد ممارسة الامتنان دائما
التعليقات