ما رأيك بهذه المقولة؟
تولستوي: "الملل: هو الرغبة بأن يكون لنا رغبات نعيش من أجلها"
أجد كلام تولستوي صائب، ففكرة العيش لتبحث فقط عن رغبة أو هدف تعيش له ولا تجد كثيرا تكون مملة ومقلقة، يعني بالضبط كالشخص التائه لا يدري أين وجهته.
ولكن ما هي الحياة دون هدف أو معنى؟ كيف سنرغب بعيشها بتلك الطريقة؟ أتفهم أن مقصود كلامك هو عيش الحاضر ومقاومة قلق انتظار المستقبل في كل لحظة لتحقيق هدف لا يزال بعيدًا، ولكن في رأيي، وجود رغبات واهداف واقعية -لا تلهينا عن الحاضر- هو ما يجعل للحياة معنى بالنسبة لمعظم الناس.
ما فهمته من المقولة أنه يقصد أن مجرد الرغبة فقط بحد ذاتها ملل، وأنه يجب ان يكون لدينا أهداف بالفعل نسعى لتحقيقها، وليس مجرد رغبات، هل فهمتيها من منظور مختلف؟
لست مع هذه الجملة، تبدو لي وكأنها فلسفة عدمية، إذا لم يكن لدينا أحلام ورغبات نريد تحقيقها، أو حتى تجربتها، تفقد الحياة معناها، ولن نصبر على همومنا أو ما نشعر به من ضغوطات وآلام، لأننا فقدنا تلك "اللذة" التي تصاحب تحقيق كل رغبة جديدة. العيش دون أي رغبات سيجعل الواقع أشد إيلامًا مما هو عليه.
أنا فهمت المقولة بطريقة معاكسة لما فهمته لذلك قررت البحث عن المقولة ولكن بالإنجليزية لعلّ الترجمة العربية جعلتها تبدو معقدة للفهم وهذه هي بالإنجليزية:
“Boredom: the desire for desires.”
وما فهمته هو أن الملل هو الحالة التي تأتي في اللحظة التي لا تمتلك فيها رغبات تحيى وتسعى من أجلها، ولأنك إنسان ستبدأ بالتفكير في البحث عن رغبات قبل اعتمادها، لذلك أنا أتفق مع ذلك، ولكنني أختلف قليلًا مع وصفه "بالملل"، فأنا أرى حالة انعدام الرغبات هذه أشبه بانعدام الشغف أو الإكتئاب من مجرد الملل، الملل كصفة قلّل من حجم هذه الحالة.
فهمتها أفضل لما كتبت الجملة الأصلية.
أظنه محقا. انظري مثلا المحموعة من الأطفال يحسون بالملل، ماذا يفعلون؟ يخططون لمغامرة أو شيء يفعلونه. أذكر أن مجموعة أولاد بالحي كانوا يقومون بمغامرة طويلة داخل مبنى مهجور بالمنطقة؛ وكان الموضوع هدفا لديهم. كل يوم يحاولون الوصول لطابق أعلى أو المشي لمسافة أكبر داخل المبنى المهجور. وأكيد القصة بدأت من اجتماعهم وشعورهم بالملل لعدم وجود ما يفعلونه خلال اليوم. أولاد هذا العصر محرومون من مثل هذه المغامرات التي بدأت بالإحساس بالملل.
أولاد هذا العصر محرومون من مثل هذه المغامرات التي بدأت بالإحساس بالملل.
محرومون من المغامرات الحيّة نعم، ولكن هذا لم يغير من حقيقتهم الإنسانية شيئًا.. حتى تلك الألعاب التي يدمنونها تمنحهم أهداف تكون قمة في الإثارة فتراهم متعلقين بذلك الجهاز يحاولون ويحاولون ويتنقلون من مستوى لآخر في اللعبة حتى يصلوا إلى الهدف النهائي، ولذلك تبدو الكثير من الألعاب الإفتراضية الحالية بلا نهاية، ستظل تقفز من مستوى إلى مستوى ولن تترك تلك اللعبة التي تشبع الغريزة الإنسانية لديك للسعي وتحقيق الأهداف، حتى أن شركات الألعاب بدأت تستغلّ هذه السمة لصالحها، فتطلب بعض الأموال في مراحل متقدمة، حيث تكون بالفعل قد أدمنت الجري وراء هدفك!
هل سبق وأن وصلتي إلى نهاية لعبة ما؟ أي المستوى النهائي حيث تقول لك اللعبة وداعًا انتهت رحلتكِ معنا؟
فعلا، فقد قامت بدراسات للوصول لفهم هذه الحالة الإنسانية، واستغلالها تحقيق مبيعات. فهي تخلق لهم هدفا يجرون وراءه. فيعيشون مغامرة طويلة يبحثون، ويستكشفون، وينجحون، ويفشلون، ويخوضون هذه المغامرة معا. ويتناقشون ترى كيف تكون النهاية. أظنها تعد مغامرة في النهاية.
هل سبق وأن وصلتي إلى نهاية لعبة ما؟ أي المستوى النهائي حيث تقول لك اللعبة وداعًا انتهت رحلتكِ معنا؟
نعم، عدة ألعاب. وكانت ممتعة جدا.
التعليقات