مرحبا بكم
أخوكم؛ محمود درويش؛ باحث بعلوم الذات ومحاضر جامعي بحقل الموارد البشرية؛ اختصاصي بالغ الدقة وخاصة، في مجال الدراسات السلوكية ونمذجة الطبائع البشرية. أسعد كثيرا بأن أتلقى استفساراتكم وأن أجيب عنها بأمانة تامة وحيادية مطلقة.
مرحبا أخي محمود تشرفت بمعرفتك، أعتقد سبق و أن تحدثنا في العديد من التعليقات.
حاليا و بما أن مجالي هندسة البرمجيات و مثلما نعرف حاليا التكونولوجيا اختلطت بكل المجالات، اريد أن أسألك بعض الأسئلة بهذا الخصوص:
مرحبا بك، أخي شهابا
أنا من سعدت بتناقشنا وآمل دائما أن يتجدد تبادل خبراتنا؛ فأنت أخ حبيب إلى قلبي
بكونك مهندسا بعلوم البرمجيات، فإنه من الجدير بك أن تدرس طبائع السلوكيات البشرية وأن تستوعبنها جيدا، كون ذلك يساهم في تحسين وإثراء علاقتك مع المستخدم الفعلي؛ فدراسة النمذجة السلوكية تعطي تفسيرات ومسوغات لأفكار المستخدمين ومفاهيمهم إزاء أمر ما؛ فلكي يتمتع المستخدم بمنظومة أنت مقدمها، يكون مأمولا منك أن تدرس تصوراته وقيمه لتعلم ما يراه صوابا وما يظنه خطئا؛ هذا يتأتى من خلال مقابلاتك معهم واستطلاعات الرأي كما تقييمات المنتجات التنافسية واستنتاجاتك بشأن توقعات المستخدمين ورغباتهم
على سبيل المثال وإن كنت أنت بصدد إنشاء موقع يساعد مهندسي الأجهزة الطبية وييسر لهم سبل صيانة معداتهم، فإنه من المنتظر أن تدرك مسميات المعدات ومصطلحاتها القياسية بحيث تستطيع إدماجها؛ هذا عنصر بالغ الفعالية من عناصر الأنموذج العقلي عند هؤلاء المهندسين وفي حالة إخفاقك في إدماج المصطلحات والمسميات ومراعاة نماذج هؤلاء العقلية، سيكون الناتج مفارقا التوافق بين منظومتك من ناحية وبين مصطلحات المستخدمين والذين سيشعرون بالإحباط وسيقررون مغادرة منظومتك والذهاب نحو مبرمج آخر.
شيئ آخر، الذاكرة العاملة؛ داخل عقل كل إنسان، هناك ذاكرة نطلق عليها الذاكرة العاملة؛ تمتاز هذه الذاكرة بأن لها حدا أقصى؛ فإذا أقمت بناءك البرمجي ليكون محملا بالكثير من المعلومات، سيكون الحمل المعرفي عند المستخدمين قد بلغ حده الأقصى ومن ثم، سيغادرون الموقع وإذا أضفت كذلك، حملا إدراكيا فائق الكم، سيتطلب ذلك من المستخدمين ممارسة مستويات عاليات من قوة المعالجة العقلية وسيجدون أن موقعك بمثابة حاجز مرتفع يحول بينهم وبين التقدم ولذلك، ينبغي أن تراعين تحقيق التوازن الصحيح بين تقديمك للمعلومات وبين طبيعة الدماغ البشري؛ فأنت إن قمت بتقديم كثير من البيانات جملة واحدة، فهذا سيتسبب بارتباك المستخدمين وسيرغبون بالانسحاب وفي ذات الوقت، إن أتحت أمامهم الحد الأدنى من المعلومات وأخفيت عنهم أهمها، سيشعرون بالملل؛ فدراسة النمذجة السلوكية ستعينك كثيرا لتحقيق التوازن
كيف لك أن تقيم هذا التوازن؟ من خلال تجنبك للفوضى البصرية وكثرة الصور المفتقرة تماما لمناسبتها وموافقتها لاحتياجات المستخدمين، بجانب دعم محتوى تطبيقاتك وبرامجك للذاكرة القصيرة. يتأتى ذلك من خلال توجيه المستخدم لمدخلات برامجك وإرشاده لمميزاتها ووظائفها كما أدواتها ووجود مسارات التنقل واستخدام تعليمات موائمة للسياق؛ هذا سيقلل من العبء المعرفي عند المستخدم ولذلك، أدعوك دائما قبل بدء عملك أن تسأل ذاتك "ما الهدف الرئيسي من بناء منظومتي وما المعلومات التي يكون مستحسنا توافرها لمساعدة المستخدمين ومساندتهم للوصول للهدف وما توقعاتهم وآمالهم من استخدام ما أقدمه لهم؟" هذا، بطبيعة الحال، سيساعدك على تقديم تجربة ماتعة ومثرية لكل مستخدم.
من بين الممارسات المحبذة عند بناء تجربتك أن تسعى لزيادة معدلات مشاركات المستخدمين وهم يتصفحون موقعك؛ هناك الكثير من الأدوات التي تستطيع تطويعها لإضافة المتعة وبعض التحدي إلى تطبيقاتك البرمجية. تستطيع كذلك، أن تستخدم الألوان والتباينات بحيث تعزز من اتضاح النصوص وبذلك، يتمكن المستخدم من قراءة المحتوى بسلاسة وتفاعلية أكبر. اجعل إمكانية الوصول إلى تطبيقاتك أيسر واستخدم آليات التعليقات.
أما عن استفسارك الثاني المتعلق بمفهوم تعلم الآلة، فإنه من شأنه أن يعطي توصيات بشأن سلوكيات المستخدمين وذلك، باستخدام تقنيات وأساليب علمية يمكنها تحديد قيم وممارسات المستخدمين عبر نشاطاتهم وهم يتصفحون مواقع الشابكة العنكبوتية وعبر سجلات الأمان، وملفات التعريف – هذا قد يساعدك نوعا ما على معرفة أفكارهم ووضع ما يناسبهم من بيانات كما أن مفهوم تعلم الآلة يساهم كثيرا في تعيين الهجمات الأمنية وخروقات البيانات وذلك، من خلال خوارزميات التصنيف وبذلك، فإنه يضع أمامك احتمالات لكل تهديد ويقدم حلولا مناسبة لها.
تعلم الآلة من شأنه كذلك، أن يقوم بمعالجة اللغة وتوصيف المشاعر وهذا سيعزز من استيعابك لاحتياجات المستخدم وتفضيلاته كما عاطفته الذاتية وإذا كنت مبرمجا لتطبيقات تعليمية، فإن أنظمة وأدوات تعلم الآلة تساعدك على التنقيب عن النصوص واستخراج المعرفة وجمع المعلومات ذات الصلة وتقديم التلخيصات مما يتيح أمامك كتابة تعليمات برمجية بمنهاجية أفضل وبإنتاجية أسرع.
في حال وجود استفسار بشأن ما سبق ومطالبة إيضاح نقطة ما، فأنا معك حتى ينجلي الأمر
أشكرك من القلب على هذه المعلومات القيمة والتوجيه الثري. لقد قدمت لي رؤية واضحة حول أهمية فهم سلوكيات المستخدمين وتلبية احتياجاتهم وتوقعاتهم. تجربتك ونصائحك ستكون لي دليلًا قيّمًا في بناء تجارب برمجية أفضل وأكثر تلائمًا للمستخدمين. أتطلع دائمًا إلى تواصلنا وتبادل خبراتنا.
سعداء بتواجدك معنا استاذ محمود، لدي ثلاث اسئلة كنت ابحث عن شخص مثلك ليجيب عنها وهي:
أهلا بك، أخي أحمد
إني من أسعد لكوني برفقتك وأرجو لك دائما التوفيق الباهر
قبل أن أجيب استفسارك الأول، فإني أرغب أن أبين مفهوم الذات السلوكية؛ فذات الإنسان بمثابة مزيج يجمع طرائق سلوكه وبنيات أفكاره ويجعلها ثابتة مستقرة نسبيا لكن مع مرور الوقت، تتبدل هذه السلوكيات وتتغاير الأفكار لتميز لاحقا سمات الفرد اتجاهاته عند بلوغه العشرين عاما. بناء عليه وبعد تعريفنا للذات الإنسانية، حان موعد تطرقنا لأهم العوامل وأوفى الدوافع التي تلقي بظلال آثارها على ذواتنا وسلوكياتنا:
عامل الوراثة، يتضمن هذا الدافع مجموعة من السمات والخصائص وجميعها موروثة من عائلة الفرد – هذه عوامل ذات صلة بالظاهر الجسدي ونسبة الذكاء والقدرات، بجانب نقصان المناعة تجاه أمراض بعينها وإمكانية التعرض لاختلالات واضطرابات عقلية؛ هناك أمراض تنتقل وراثيا وهناك الذكاء الذي تكون مسؤولة عنه الوالدة؛ فإنها مسؤولة أولى عن توارث الذكاء لأطفالها. في دراسة حديثة قامت بها مؤسسة Psychological Pedagogy، فإن عوامل الوراثة تحدد مستويات الناقلات العصابية ومن ثم، تحدد مزاجية الفرد واندفاعيته كما ترسم حدود طاقاته التحفيزية تجاه علوم ووظائف بعينها
محيط المكان، يشير ذلك إلى كافة الأحوال الخارجية من مناخ وموارد كما مصادر اجتماعية كالأسرة ووسائل الإعلام وجماعة الأقران وثقافات المجتمع؛ أضف إلى عوامل التاريخ ومنها أحداث الأمة والأعراف واتجاهات الدولة من حيث سياساتها وأنظمة الحكم؛ يرجى العلم أن هذه العوامل بمثابة مؤثرات مما يعني أنها قد تتبدل إن انتقل الفرد من محيطه الحالي إلى مكان آخر وثقافات مختلفة
مشاعر الأبوة والأمومة ودفء العلاقات، يشير هذا العامل إلى جودة العلاقة بين الوالدين والأبناء وأسلوب الأبوين عند مخاطبتهما للأبناء. من الآباء من يعمل على تنمية المهارات الاجتماعية وقيم السلوك عند أطفالهم ومنهم من يعمل على تحطيم المنظومة العاطفية عند الطفل وذلك، من خلال كثرة السباب وسماع كلمات نابية. في دراسة أجراها معهد Traits Schema، أشارت نتائجها إلى أن الأبناء يسمعون نحو 13.000 كلمة سيئة من قبل أبويهم قبل بلوغهم العشرين من العمر. هذا، بطبيعة الحال، ينشئ مناخا قليل الرحابة وضيق الأفق ويمنع من تكوين علاقات صداقات بين الأبناء وذويهم. هناك آباء مسيطرون وهؤلاء يمتازون بحرارة الدفء الأسري رغم تحكمهم بكل صغيرة وكبيرة وهناك آباء سلطويون إذ يتصفون بتقديم دفء أسري منخفض نوعا مع مزيد من السيطرة الحازمة، هناك المتساهلون وهم متمتعون بالدفء الأسري بدرجة عالية لكنهم يفتقرون للسيطرة وختاما، هناك المهملون وهؤلاء قليلو المشاعر الدافئات وكثيرو السيطرة. لكل قسم مساوئه ولذلك، فإن أفضل الآباء هم الأسوياء إذ تمتاز مشاعرهم بغزارة الدفء ويسيطرون باعتدال؛ فهم يعطون مساحات واسعات ليتحرك الأبناء لكنهم يتواجدون بالوقت المناسب عند الحاجة
مجتمع الدولة؛ يكون المجتمع بمثابة العالم الأوسع بما يحويه من أعراف وقيم كما مبادئ ونزعات سلوكية. يقوم المجتمع بالمساهمة في تكوين هوية الإنسان ودوره كما أهدافه واتجاهاته؛ فالمجتمع بنيان بالغ القوة وإنه سبب التحيز العرقي وسياسات القمع وكراهية الإنسان لشعوب أخرى، بل ومحاربته إياها إن استطاع. هذا يلقي بظلال آثاره على رفاهية المرء وقدراته العقلية؛ فيصير مريضا وهو يجهل ما لديه
خبرات العمل؛ يتضمن ذلك كافة الأحداث التي مر بها الإنسان وتجاربه الإيجابية من إنجازات ومسرات وتجاربه الأليمة من إخفاقات وصدمات. هذه التجارب من شأنها أن تبدل سمات الذات وأن تحدث طفرات بها قد تغيرن المرء من حال إلى آخر مختلف تماما
بمجمل الأمر، فإن ذات الإنسان تمتاز بمرونتها وقابليتها للتغيير، شريطة أن تتفاعل عوامل عديدة فيما بينها لتنتج منظومة جديدة من الأفكار والمشاعر؛ من البشر من قام بتغييرات بأفعاله استجابة منه لتجارب خاضها ولدورات تدريبية خاضها. يرجع ذلك إلى أن للذات خمس مدارات أوجزها إليك كالآتي:
مدار الإقبال: تبتكر الذات الإنسانية مفاهيم جديدة لذاتها كل 21 يوما وتستجيب للتغييرات من حولها وتتقبلها بسرعة فائقة
مدار الإشمال: تبدي الذات الإنسانية اهتماما بتفصيلات الأمور وتنزع إلى بناء نظام تستقيم معه أحوالها
مدار الانبساط: لكل إنسان منا قدر من محبة الآخرين ولذلك، هناك جانب اجتماعي بداخلنا يدعونا إلى إظهار عاطفتنا، بل والتعبير عنها في كثير من الأحيان
مدار الوفاق: يساعدنا هذا المدار بقوة على الاهتمام بأحوال من حولنا ومحاولة التعاون معهم لإنجاز مهمات ما؛ قد تكون هذه المهمات اعتيادية وقد تكون مهنية داخل مؤسساتنا
مدار العصابية: يشير هذا المدار إلى مستويات الاستقرار العاطفي بداخلنا نحن ومدى التقلب المزاجي بعقولنا؛ فمنا من يتقلب وده ومنا من يفقد هدوءه عند أدنى خطأ ومنا كذلك، من يبدو باردا مهما ألمت به الخطوب ومنا من يدوم وده مهما عانى ويلات الأزمات
هل نستطيع أن نجعل سلوكياتنا مطردة وأن نبني لذواتنا أنموذجا مثاليا نظهر أخلاقيتنا وقيمنا من خلاله؟ الجواب "نعم" ويتحقق ذلك من خلال التدريب؛ يكفي أن أدرج إليك أحصائية هذا العام عن إنفاق البشر 38.000.000.000$ بدورات تدريبية تتناول تنمية الذات وتغيير قناعاتها وأفكارها؛ من بين هذه الدورات مهارات التواصل الفعال وطرائق التحدث الفعال وغيرها الكثير.
أما بشأن استفسارك الثاني، فإن العلم سلاحنا الأول عند مواجهة التحديات؛ كلما كان لدينا سلاح العلم، سارعنا إلى إيجاد حلول للمشكلات من حولنا مهما بلغت صعوباتها
أفضل الطرق لتنمية ذواتنا ممارسة الأعمال التي يصيبنا الخوف عند تأديتها؛ فإذا كنت خائفا أن تتحدث أمام جمهرة من الناس، فابدأ اليوم ومارسن التحدث؛ هذه أفضل الطرق التي اختبرتها بذاتي لبناء الثقة
على الرحب والسعة.. لو تفضلت هل من إحاطة مقتضبة بهذا التخصص.. خاصة فيما يتعلق ب "نمذجة الطبائع البشرية"؟ سيكون الجواب عن هذا السؤال مفيدا ومقدمة أساسية لأسئلة دقيقة قد يجد السائلون جوابا عنها من مجالكم التخصصي .
مرحبا بك، أخي الكريم، عبد الغاني
حياك ربي وبارك بعمرك
هذا المصطلح؛ مصطلح النمذجة البشرية حديث نسبيا ويعود إلى بداية القرن الحالي حيث عرف العالم بأسره أن الإنسان بات يحيا داخل قرية صغيرة؛ هذا يعني أنه من الميسور أن نصنع أنموذجا عالميا يكون عليه كل إنسان. هذه نظرية النمذجة إذ ترى أن جوهر الطبيعة البشرية يستند إلى خصائص مشتركة بين جميع البشر؛ فطبيعة الإنسان بالعالمية وهناك سمت رئيسي داخل كل إنسان منا مهما اختلف لونه وجنسه. بناء عليه، فنحن جميعا متشابهون فطريا ومختلفون إنتاجيا لكوننا نتفاوت في المهارات والقدرات ومع ذلك، فإن لنا وظيفة واحدة نقوم بها جميعا على أرضنا كما أن لدينا سلعة حاسمة نقدمها للعالم؛ قد يتميز أحدنا عن الآخر في بيع هذه السلعة وذلك، لتنوع الخبرات الحياتية وتغاير الفرص المتاحة أمام كل فرد منا لكننا وفي نهاية الأمر، نحمل سلعة واحدة ولدينا قدراتنا التي نستطيع من خلالها الإفادة منها؛ هذا مختصر النمذجة البشرية ونمذجة السلوك؛ أننا جميعا سواسية وأنه من الميسور أن نصنع أنموذجا معياريا نكون نحن عليه جميعا؛ فتكون قيمنا واحدة وأخلاقياتنا واحدة ونصل بذواتنا إلى بعد مثالي يتجاوز حدود الدول والثقافات.
ترى النمذجة السلوكية في أسس محاورها أن سلوك الإنسان قائما على مدى نفعه للآخرين وقدر وظيفته الإنتاجية البشرية وبناء عليه، فسلوك الإنسان مصدر لسعادته وشقاء مآله ولذلك، إن استطاع الإنسان الوصول بمنهاجية علمية إلى أنموذج مثالي يجمع القيم والأخلاق معا، فإنه سينشئ دائرة فاضلة بمحيط مكانه وسيتغلب على القيود وسيقهر الأوهام التي تعيق تقدمه لكن إن استسلم للإحباطات من حوله، سينشئ حلقة مفرغة من كل خير وأمل.
وأما عن نمذجة الطبيعة البشرية من الناحية العلمية، فتعريفها كالآتي "عملية تنموية نهدف من خلالها إلى استيعاب السلوك البشري ومعرفة طرائق تفاعله مع الأنظمة الطبيعية"
تساهم نمذجة الطبيعة البشرية في استكشاف الاستجابات الشرطية عند البشر وكيفية تفاعلاتهم الحركية مع الأنظمة المحيطة بهم وتجيب هذه النمذجة عن عدة أسئلة منها "كيف يكون أثر الإنسان على كافة جوانب الحياة من حوله؟" "كيف تستجيب المجتمعات للتغيرات من حولها؟" "وكيف تتشكل القيم وتتكون التفضيلات عند الجماعات البشرية؟" تمتاز نمذجة السلوك بموائمتها لكافة المجالات كحقل الاقتصاد وعلم الاجتماع، بل والعلوم الهندسية باختلاف اختصاصاتها كما أنها تستطيع أن تحدد سياسات حكام بأعينهم من خلال دراسة أفكارهم الحسية وبمقدورها أن تدعم صناعات القرارات لكنها تتطلب توافر البيانات وجودة المعلومات وقدرة الباحثين المعنيين بها على التحقق من صحة ما لديهم من معطيات بحيث تكون النتائج دقيقة.
أهلًا بك أخي محمود،
لدي بعض الاستفسارات أريد معرفة رأيك فيها كونك مختص في الموارد البشرية وسلوك وطبائع البشر؟
ما هي أهم النصائح للنجاح في أي مقابلة وظيفية من واقع خبرتك ومعرفتك؟
ما هو أثر البيئة على سلوك الفرد وكيف تنعكس هذه البيئة على صافته وشخصيته؟
هل الإنسان كائن أناني بطبعه ؟ ما مدى اتفاقك مع هذه العبارة ؟
كيف يمكن للإنسان التغلب على مخاوفه دوما؟ ونصفه المتشائم والجبان؟
أهلا بك، أخي إسماعيل
بورك فيك، أخي الفاضل
لكي ينجح المرء بأية مقابلة وظيفية، ينبغي أن يكون وفق سجيته وطبيعته؛ يتجنب تماما آلية التصنع ومحاولة أن يكون شخصا آخر؛ يجيب عما يعرفه هو ويترك ما يجهله ويبدو وكأنه داخل غرفته، بعيدا عن التكلف والابتذال
فيما يتعلق باستفسارك الثاني بشأن الأثر المحيطي، فمن المعلوم بداهة أن محيط المكان حولنا يكون له أثر على أجسادنا واجتماعياتنا كما أفكارنا وعاطفتنا لأن محيط المكان قد يغير بداخل الإنسان ما يلي:
1- مزاجية الإنسان وقدر شعوره بالرفاهية؛ على سبيل المثال وإذا كان الإنسان يحيا داخل منزل به كثير من المهملات والقمامات، فإن ذلك سيدعوه إلى ترك مخلفاته هو الآخر ورفضه الاعتناء بجماليات المكان من حوله بينما إذا قضى الإنسان حياته داخل منزل أنيق، فسوف يحفزه ذلك إلى تخصيص وقت لإلقاء مخلفاته بصندوق القمامات؛ مثال آخر أن إذال كان الإنسان مقيما بمنطقة يكثر بها التلوث المناخي وتتفاقم فيها الضوضاء الصاخبة، فسوف يزداد توتره وقلقه وقد يبلغ الأمر به أن يصل إلى حالات الاكتئاب المزمن وقد يصيبه شيئ من خبال عقلي ويتطلب زيارة اختصاصي؛ فالمحيط المكاني قد يتسبب في ارتكاس عقل المرء ولذلك، أنصحن جميع الأفراد العاملين عبر الشابكة بكثرة الاستماع إلى أصوات العصافير المغردة وخرير الماء وهناك برنامج يتيح ذلك وإليك رابط استخدامه
2- دوافع الفرد وأداء عمله؛ فعلى سبيل المثال وإذا تواجد طالب داخل فصل دراسي متسع وفسيح كما مزود بأثاث فخم ومواد تفاعلية، فسوف يلهمه ذلك مزيدا من الإقبال على طلب العلم والمشاركة مع معلمه بينما الفصل المظلم وضيق المساحات سيثني الطلاب عن التعلم وطرح الأسئلة؛ مستويات الإضاءة ودرجات الحرارة لها أثر كذلك، على وفرة إنتاجية الفرد وابتكاره للجديد؛ فكلما كانت درجات الحرارة بالمعتدلة نسبيا، نمت الوظائف الإدراكية واستطاع الفرد الابتكار وإنتاج المزيد من الأفكار الرائدة
3- سلوك الفرد الاجتماعي وتفاعله مع الآخرين، على سبيل المثال وعندما تجلس داخل حديقة بها أشجار وملاعب للأطفال، فإن هذا يدعوك إلى المخالطة وتبادل المناقشات بينما الحديقة التي تحيطها الأسوار وبها جدران متهالكة سوف تمنع الفرد من تفعيل مهاراته التواصلية وستعيق الطفل عن ممارسته اللعب. هذا، بطبيعة الحال، يفسد كثيرا من السلوكيات الثقافية عند الطفل ويقوض هويته ويجعلها مضمحلة؛ فيفقد اعتزازه بدينه وبمجتمعه لأن معاييره التي نشأ عليها تترابط بذهنه بالقبح والدمامة
في الختام، هذه عوامل خارجية يستطيع المرء من خلال التعلم الدائب أن يقوم هو بتطويعها لصالحه؛ فأنشطة الإنسان وجهوداته من شأنها أن تغيرن الكون من حوله وكم من عظماء وعلما نشأوا داخل مجتمعات ينخر الفساد في عظامها؛ فأنت الإنسان من تغير وأنت من تحدث الأثر
استفسارك الثالث من بين أشهر الأسئلة التي يطرحها الباحثون والمفكرون وقد اختلف المنظرون بشأنها؛ فمنهم من يروا أن الإنسان يتصف بأنانيته نوعا ما لكونه حريصا على البقاء ودائم التكاثر؛ هذا يولد شيئا من التنافس وكل إنسان يسعى إلى نيل مبتغاه بأيسر طريقة وبأدنى ثمن
منظرون آخرون أكدوا أن الإنسان ينزع كثيرا إلى أن يعاون غيره وأن يقيم علاقات معهم بدافع التوادد والتحاب؛ فهناك من يتبادل الخبرات مع الآخرين وهناك من يؤثر أخاه الإنسان ويقدم له ما يريد حتى وإن كان هو متطلبا هذا الشيئ؛ فمن يرى علاقات الأقرباء مع بعضهم البعض وتكافلهم كما تراحمهم، سيزداد يقينا أنه من المحال أن يكون الإنسان بفطرته مغرق الأنانية - هناك نظرية الاقتصاد الجمعي ومضمونها أن الإنسان ينبذ أنانيته ودليل ذلك أنه يوارن بين رغباته وأهدافه وبين محيط مجتمعه وثقافات أفراده وبذلك، يراعي طموحاته وفي ذات الوقت، يعلم أن للآخرين طموحات ويدرك أنه من حقهم إنجازها؛ فوفق النظرية، فإن الإنسان يعلم أن هناك ثوابا وعقابا ولذلك، فهو يأتي بالأفعال الصالحات وينبذ السيئات؛ فهو يحاكم ذاته إن أخطأ وينظر بعين الاعتبار إلى أصول دينه وعقيدته وثقافته كما علومه واستدلالاته البحثية ولذلك، فهو ينادي بالعدل والخير وإعطاء الحقوق إلى أهلها
في رأيي، أن الإنسان يختلف عن أخيه؛ فمنا من يكون مفرط الأنا ومنا من يكون معتدلها؛ فجميعنا نريد أن نكون الأفضل لكن مع مراعاة أن للآخرين حقوقا وأننا مطالبون بمساعدتهم؛ فالإنسان نتاج عقله وهو من يختار طريق رشاده وضلاله
إن أسلم الطرق للتغلب تماما على كافة مخاوفك أن تخوضها؛ إذا كنت تخاف الظلمة؛ سر بطريق مظلم طوال 21 يوما وقاومن خوفك وهلعك؛ إن كنت تخاف المرتفعات، اصعد إلى أعلى تبة تجدها وافعل مرارا وسيزول خوفك وهكذا، مع سائر مخاوفك الحالية؛ اعلم تماما أن الخوف بمثابة بستان تظنه أنت محرما عليك بينما هو حق لك أن تنهل من ثماره وتحظى بمسراته؛ فإن استمررت ظانا أن هذا البستان ملك لغيرك، ستظل أسيرا لظنك الخاطئ لكن إن أدركت أن هذا البستان لك وحدك، ستخوضه بقوة وستنال منه ما تشاء؛ كذلك الخوف؛ تظنه منطقة عسرة الولوج بينما وفي حقيقة الأمر، فإنه بقعة مأهولة وممهدة أمامك وأنت من بيدك تحديد موعد دخولها
لماذا أشعر دائمًا بالخوف من الآخرين؟ أشعر كأن شخصًا يكيد لي بشئ حتى ولو كانت المرة الأولى التي أقابله بها ؟
يرجع ذلك إلى فقدان الدفء الأسري؛ فإذا كان الوالدان ينتقدان ابنهما في كل صغيرة وكبيرة ويضعان قيودا حوله منذ الصغر، فهذا سينشئ بداخله حالة من الخوف عند معاملته للغرباء
إذا كان الفرد متزوجا وكانت زوجته تتهمنه طوال الوقت بأمور سيئة، فهذا سيجعل من علاقاته جحيما مستعرا وسيشعر أن كل من يقابله يضمر له سوء
معالجة ذلك تكون بقطع الرابط الواعي بين الفرد وبين هؤلاء؛ حري به أن ينطلق بعيدا عنهم وأن يسكن بمفرده بمكان آخر وأن يسعة جاهدا لتكوين علاقات مع من يشعر بأنه يحبهم؛ ينبغي له أن يحب أحدا وأن يطمئن إليه؛ فمحبته لصديق ستزيل عنه كل سيئ
مرحبا الأستاذ محمود، أشكر تعاونك، في الحقيقة بما أنني طالبة دكتوراه، كثيرا ما تتباذر إلى ذهني أسئلة حول مجالك، من بينها:
مرحبا بالأخت عفيفة الفاضلة
أنا من أشكركم جميعا لما غمرتموني به من اهتمام نبيل
نعم، أختي
هناك تقارب
هناك شيئ من ترابط وثيق بين دراسات النمذجة السلوكية وبين العلوم الطبيعية كحقل البرمجة ومجال الطاقة الحركية؛ فدراسات السلوك البشري تقوم بتطويع كثير من أساليب وتطبيقات العلوم الطبيعية وتجعلها مصدرا لاستيعاب عمليات الفكر ونظم التفاعلات بين البشر,
على سبيل المثال وإن تطرقنا إلى حقل البرمجة وعلم الطبيعة، نجد أن كليهما يساهم في تغزيز دراسات السلوك البشري وتأصيل رؤية منهاجية تزيد من جلاء مفاهيم النمذجة في حد ذاتها وذلك، كما يلي:
1- علوم البرمجة؛ تساهم البرمجة في تأصيل دراسات السلوك البشري من خلال تقديمها لأدوات وتقنيات نستطيع بواسطتها جمع البيانات المستقاة من مصادر مختلفة كوسائل التواصل واستطلاعات الرأي، بجانب الدراسات الاستقصائية وأجهزة الاستشعار ومن ثم، الإفادة من هذه البيانات في معرفة الاتجاهات الفكرية عند مجموعة من البشر وتحديد ردود أفعالهم الاستباقية تجاه حدث ما. تساعد البرمجة علماء النمذجة على صياغة خطط جديدة تتوافق مع قيم الشباب والمراهقين؛ يحدث ذلك من خلال إنشاء التطبيقات كبرامج التراسل بين المراهقين والتي تبين طرائق معاملاتهم وأدواتهم اللغوية المعاصرة
2- علوم الطبيعة؛ هذا فرع من المعرفة يدرس طبيعة وخصائص المادة ولذلك، فإنه يساعد علماء النمذجة على استباق توقعات بعض جوانب السلوك البشري من خلال مفاهيم ومبادئ علمية تعطي توقعات إزاء هذه السلوكيات. هناك كذلك، علم القوى الساكنة وأسس نظريات الشابكات وقواعد نظرية الفوضى في علم الرياضيات وغيرها الكثير مما نستخدمه كل يوم لسبر أغوار السلوك البشري وبلوغ حقائق جديدة عن اتجاهات الأفراد والمجتمعات ومن ثم، وضع حلول ملائمة لتغيرات المجتمعات وانحرافاتها؛ فالهدف تقريب بعض سمات السلوك البشري بحيث نكون أمام عالم من الأفراد الحاملين قيما متشابهة تدعو إلى الخير وتنبذ العنف.
هناك كذلك، علوم الأحياء وعلوم الأعصاب وجميعها ذات ترابط وثيق بدراسات النمذجة البشرية إذ أن السلوك وفق تعريفي، قدرة محتملة؛ قدرة عقلية وجسدية يستجيب من خلالها الفرد لمجموعة من التحفيزات الداخلية ومجموعة من التأثيرات الخارجية. يحدث ذلك مع كل فرد منا كل يوم وطوال حياتنا؛ فالسلوك ناجم عن عوامل وراثية وأخرى اجتماعية وكذلك، فإن السلوك تدفعه الأفكار والمشاعر؛ بجانب القيم والأخلاق داخل المجتمع؛ فأفكار الإنسان وعاطفته تلهمه نظرة ثاقبة تبين لنا نحن جوانبه الذاتية وتكشف لنا عن قيمه وتجاربه ولذلك، فأنا دائما ما أؤكد أن سلوكنا البشري يتشكل عبر سماتنا العقلية ولذلك، يختلف السلوك من شخص لآخر وتتنوع ردود الأفعال رغم أن السياق واحد؛ فقد يواجه 100 فرد تحديا ما ومع ذلك، نجد كل منهم يسلك منحى مخالفا للآخر وهذا دور النمذجة أن نغرس بداخل المائة أنموذجا معياريا يعملون عليه ويعتمدونه عند مواجهة التحدي الواحد.
من بين الأشياء التي نبدي اهتماما بها عند نمذجتنا للسلوك أعراف المجتمع وثقافاته لأنها التي تساهم في تحديد قبول السلوك ونبذه ولذلك، نجد أن فردا ما بمجتمع يخجل أن يلقي ورقة أرضا بينما ذات الشخص وفي مجتمع آخر، قد يلقي أرضا لفافة من تبغ في قارعة الطريق؛ فأعراف المجتمع تحدد قبول السلوك واستهجانه من خلال ممارستها لضغوطات اجتماعية لها قدرتها على السيطرة نوعا على سلوكيات الأفراد؛ فنجدهم جميعا يعملون وفق قواعد بعينها ويظهرون سلوكيات ينظرون إليها باعتبارها مقبولة.
بمختصر الأمر، فإن النمذجة تبذل جهدها لتحقيق نوع من الغرس الابتكاري إذ تصطفي أفضل ما في المعرفة من بيانات وخبرات وتبثها داخل الفرد والمجتمع بحيث تكون هناك منظومات من المعتقدات والأفكار تحمي الفرد داخل مجتمعه وتحمي المجتمع داخل عالمه الفسيح؛ فيلتقي البشر من مختلف الثقافات والبقاع وهم يحملون معاني متقاربة نشأوا عليها وتعلموها منذ الصغر. مثال ذلك السلوك العضوي إذ يشير إلى إجراءات المحافظة على سلامة الجسد من خلال تلقي المرء تدريبا يتقن من خلاله وسائل العناية بجسده وكيفية رعايته ليظل صحيحا. مثال آخر؛ السلوك الاقتصادي ويشير إلى مجموع الإجراءات المتعلقة بتنمية الموارد واستثمارها على نحو أمثل، أضف إلى تحديده لأشكال العمل وصور الوظائف بما يحقق للعامل وصاحب العمل مرادهما ويحفظ لهما آدميتهما وحقوقهما الكسبية. مثال ثالث؛ السلوك المحيطي؛ يشير إلى مجموع الإجراءات التي تعمل على حماية أماكننا من ترديات المناخ وتلوثات الطقس كما أنه يظهر لنا طرائق تفاعل البشر مع سائر الكائنات الحية ويمنع من انتشار ظاهرة إزالة الغابات والتصحر مما يعطي فرصة ثمينة للتمتع بحياة آمنة ومتكاملة.
أما عن استفسارك إزاء أهمية النمذجة، فهذا صحيح إذ النمذجة السلوكية بالغة الأهمية اليوم لأنها تتيح أمامنا معرفة الطرائق التي يتفاعل بها الفرد مع المجتمع ومع محيطه المكاني والمناخي. تساعد النمذجة السلوكية وتساهم في استيعابنا نحن لذواتنا وقيمنا كما أخلاقياتنا وتعزز من قدراتنا على تغيير قناعاتنا الخاطئة واستعاضتها بأخرى أمثل؛ هذا إلى جانب إدراكنا لسلوكيات الآخرين ومن ثم، تحسين علاقاتنا معهم ولذلك، صارت النمذجة السلوكية محورا رئيسيا في ملتقيات المناخ وفي كليات العلوم الإنسانية إذ أنها:
1- تضع حلولا لبعض من التحديات وقضايا العالم المعاصر منها تغير المناخ والفقر ومنها العنف والقتل. من خلال استيعابنا لأسباب السلوك وعواقبه، نستطيع صياغة سياسات تغير من هذا السلوك وتزيل أثره. فعلت هذا مع مجموعة عملي عند زيارتنا لبعض سجون الولايات المتحدة ونجحنا في إلغاء قناعات إجرامية عند 3700 سجين وإحلالها بقيم أفضل نتاجا وأبهى عائدا. كان نجاحنا يقارب نسبة 73% من الحالات، علما بأن الذين رفضوا منهاجية النمذجة كانوا متقبلين لمفاهيم ومبادئ السلوك القويم وكانوا راغبين في أن يكونوا متفاعلين بإيجابية مع من حولهم لكن كان الأمر متطلبا مزيدا من الوقت وكانت رحلتنا قد قاربت الانتهاء
2- تعزز دراسات السلوك البشري من تنميتنا لقدراتنا المهنية وتحسين مهارات التواصل وتسريع صناعة القرار واتخاذه مما يزيد من معدلات الذكاء ويدعو المرء إلى مزيد من الابتكار. ولأن نمذجة السلوك البشري تساعدنا على إدراك نقاط القوة والضعف داخلنا ولدى الآخرين وتظهر لنا دوافعنا وأهدافنا كما تفضيلاتنا، فإنها تحفزنا على تحسين الأداء المهني وتكون مصدرا لشعورنا بالقناعة مهما اختلفت مجالاتنا الحياتية؛ يقلل ذلك من معدلات الجريمة ويحدث حالة من السلام العاطفي بين أفراد المجتمع الواحد
3- تمتاز الدراسة السلوكية بقدرتها على إثراء تنوعنا مما يكون عاملا مساعدا على تحقيق التوافق الثقافي؛ فنجد من استجابوا لمنهاجية النمذجة أكثر توافقا مع غيرهم من أفراد الشعوب الأخرى وأغزر تسامحا وتعاطفا كما تعاونا معهم. تقوم النمذجة البشرية بإعطاء رؤية واضحة بشأن أوجه التشابه والاختلاف بين الأشخاص من مجتمعات شتى وتوضح آراء المجتمعات وتجاربها إزاء فكرة ما مما يثري الطبيعة البشرية عند الدارس لها ويزيد من إدراكه أنه في هذا الكون نقطة صغيرة وبذلك، يراعي ذاتيته ويوقر الآخرين وإن اختلفوا معه في أمور الحياة
4- في خلال رحلتي إلى الولايات منذ أشهر، استطعت مع مجموعة عملي أن نساعد كثيرين ممن يعانون من اضطرابات عقلية واختلات سلوكية. قمنا بزيارة 32 مشفى لاختلال السلوك واستطعنا أن نساهم في تحسين مدركات 56% من المصابين بالفصام منذ طفولتهم المبكرة. كيف استطعنا أن نفعل ذلك؟ من خلال معرفة كيفية اتخاذ هؤلاء لقراراتهم السابقة ومن خلال استيعابنا لعمليات صناعاتهم لقراراتهم؛ فقمنا بمعاونتهم ليصنعوا قراراتهم بمنهاجية أفضل ومن ثم، استطاعوا أن يديروا سلوكياتهم النظامية وأن يتقدموا في مجالات التعلم؛ فتغيير السلوك بداية الانطلاق نحو الحياة؛ كلما استطاع الإنسان أن يضع تفسيرات لسلوكياته، لانت ذاته واستكانت وصار قادرا على التمتع بمسرات حياته واستيعاب بشريته وهذا ما تفعله النمذجة، فهل ترين أن لها أهمية حقيقية؟
في الختام، يكفي أن أؤكد أن علماء النمذجة واختصاصي دراسات السلوك التطبيقي يعملون دائما داخل المدارس ومراكز الاضطراب الاجتماعي وجميعهم يضطلعون بمهمات بالغة الأهمية؛ فهم من يقومون بصياغة خطط تغييرات السلوكيات استنادا إلى ما جمعوه من بيانات وهم من يضعون مناهج الإرشاد وهم كذلك، من يقررون المحتوى المنهاجي في مدارس عديدة ولذلك، ولأهمية ما يقومون به من عمل، زادت معدلات وظائفهم بنسبة 17% هذا العام وفقا لأحصائية قامت بها جامعة Harvard. هذا يؤكد ما صار إليه دور النمذجة البشرية من فعالية استشرت بجميع المجالات وخاصة:
أ- معالجة المصابين باضطراب طيف التوحد
ب- بناء أساليب التدريس المحدثة نوعا من التفاعل بين المعلم وطلبته
ت- إعادة تنشئة الأفراد الذين سبق لهم تعاطي المخدرات
ث- تعزيز المناخ المهني وتحسين أداء العاملين في الشركات
ج- استحداث برامج علاجية تساعد على استشفاء إصابات الدماغ
ح- تحقيق أهداف التنمية التي تهدف إلى الحد من الفقر وتعزيز تنقية المياه كما تعزيز استخدام الطاقات السالمة من انبعاثات الغازات
معالجة المصابين باضطراب طيف التوحد
- استحداث برامج علاجية تساعد على استشفاء إصابات الدماغ
من خلال المجالات التي اشرت إليها، هل ترى بأن غالبية المتخرجين من هذا التخصص الجامعي يتوجهون إلى إيجاد مناصب العمل الأقرب إليهم في المستشفيات والعيادات.
سيرة جميلة أخي، لدي بعض الأسئلة الخاصة بمجال تخصصك وفي مجال علوم الذات والموارد البشرية بصفة عامة، أعتقد أنها مهمة لكل مستقل أو صاحب مشروع فهو يحتاج لهذه المعلومات في مساره:
مرورك الأجمل والأفضل كثيرا، أخي محمدا
حياك الله
إجابتي عن استفسارك الأول كما يلي
إن نمذجة السلوك عند الإنسان بمثابة وعاء فكروي نستطيع عبره رؤية عمليات السلوك ومتابعة مسارات التفاعل بين البشر؛ فعلوم النمذجة تجريبية كما أنها مختبرية وهذا يعني أن تمت دراستها بعناية وأن نتائجها فائقة الدقة. بناء عليه، فإن علوم النمذجة بمقدورها أن تساهم في بناء مجموعات العمل وتنميتها وذلك، كما يلي:
1- تقييم وتعزيز أداء وإنتاجية مجموعة العمل وذلك، من خلال قياس وتحديد الجوانب المختلفة من سلوك كل فرد بالمجموعة كتواصله مع الآخرين وتعاونه مع زميله وتناسق عمله كما صراعه ونزاعه. تساعد النمذجة البشرية قادة الموارد على تحييد العوامل التي تسيئ إلى مهارات المجموعة وتقوض من انطلاقتها نحو تحقيق أهداف الشركة ولذلك، فإن النمذجة مصدر لتكوين مجموعة العمل المناسبة واستيعاب ثقافة كل عضو منها ورسالته في الحياة؛ فتقل احتمالات الخطأ لأننا استعنا بالأفراد المتقاربين فيما بينهم والمتشابهين بطبائعهم وسماتهم
2- تساهم النمذجة البشرية في دعم التدريب من خلال تقديم التوجيه والانتقاد عند حدوث خطأ ما؛ أضف إلى إتاحة كثير من الفرص للتفكر وتحسين المخرجات. هذا يعني أن نمذجة السلوك من شأنها أن تقدم إرشادا فعالا للمجموعات المهنية وأن تنشئ لهم برامج تدريبية تستند إلى نتائج عملهم واحتياجاتهم الحالية
3- تساعد نمذجة السلوك على تعزيز رفاهية المجموعات وشعور كل فرد فيها بالقناعة الوظيفية من خلال معالجة الجوانب العاطفية وتحفيز الأفراد على مشاركة القادة في صناعة القرار؛ بجانب إعطاء مساحات من مرونة التواصل بين العاملين وبين المدراء مما يصنع مناخا وثقافة رحبة تدعم الابتكار والتنوع وتحدث حالا من التوافق المنسجم
إني قد أجريت منذ عام مبحثا يتناول سبل تنمية الشركات لمجموعات عملها من خلال أدوات النمذجة ووجدت أن الشركات التي انتهجت بداخلها ممارسات النمذجة من تغيير مفاهيم وقناعات وصياغة مجموعة من القيم والمبادئ يعمل عليها كافة العاملين – كانت هذه الشركات الأكثر نظاما واستعدادا لتحديات المستقبل وكانت جميعها وعددها 4600 شركة تشترك برمتها في ثلاث خصائص كالتالي:
أ- تعرف جيدا نطاق عملها وحجم حصتها الترويجية
ب- تعمل على تسريع عملياتها وتبسيطها إلى أقصى حد
ت- تنمو باطراد من خلال رفعها لمستويات قدراتها وتحفيز التدريب والابتكار
بمقدور النمذجة البشرية أن تساعد كل شركة على الانطلاق نحو هذا التحول عبر تيسير التغيير الإيجابي وتحديد هوية الشركة من حيث قيمها وثقافاتها – هذا يؤدي إلى أداء مالي أكثر قوة وإلى زيادة مشاركات مجموعات العمل وبناء نوع من المصداقية لدى أكثر العملاء؛ فنمذجة السلوك تجيب عن السؤال التالي "ما سبب وجود شركتك وأين يمكنك أن تحدث أثرا فريدا وإيجابيا بمجتمعك الكبير؟" هذا دور النمذجة إذ تتيح أمامك أنموذجا للسلوكيات المرغوبة بحيث تعممها بين قطاعات وأقسام شركتك ومن خلالها، تستطيع ترجمة أهداف شركتك إلى معايير سلوكية تؤجج نجاحاتك وتنمي من مقتدرات العقل لدى عاملي شركتك.
أتذكر أن شركة سكانية لصناعات السيارات اعتمدت أنموذج نمذجة السلوك البشري في قطاعاتها التجارية وكان نتاج ذلك أن اقترحت الشركة إيقاف عملياتها لمدة ساعة واحدة كل عام لإجراء تدريبات بشأن السلامة المرورية. أحدث ذلك نماء لدى عقول العاملين بالشركة وأتاح لهم معرفة المزيد من المعلومات والممارسات ومن ثم، بناء معايير سلوكية تدعو إلى الاهتمام بسلامة مديري مركبات الشركة والحرص دائما على تقديم أفضل ما لديها لهم. جراء ذلك، نشأ سلوك جديد بعقول عدد من العاملين المنطوين وتغيروا تماما إلى أفضل ما يستطيعون؛ كان منهم من يبدي تجاهلا للعملاء ومنهم من كان اهتمامه قاصرا على نيل راتبه المالي وحسب، مهملا سلامة العملاء وأمانهم أثناء إدارة مركباتهم؛ فتبدل كل ذلك ونشأت لديهم قيم أخلاقية دفعتهم إلى إبداء التعاطف وإظهار الرقة الصادقة في معاملاتهم مع غيرهم.
تدعونا كذلك، نمذجة السلوك إلى التفكر بعمق فيما لدينا من مواهب متميزة؛ فأغلب الشركات التي تعمل وفق النمذجة البشرية استطاعت أن تعيد تخصيص المواهب بما يتماشى مع خططها كما تمكنت أن تحقق تفوقا ملحوظا مقارنة بنظيراتها من الشركات التي أهملت جوانب النمذجة. فمن خلال نمذجة السلوك، يستطيع قائد المجموعات أن يجعل الموهبة مترابطة مع القيمة التي تريد الشركة تضمينها داخلها ومن ثم، تصير الموهبة قائمة بدور حاسم في دفع القيمة وتصحيح مسارها حال اعوجاجها. ومع تولي المواهب مناصب حاسمة واضطلاعها بمهمات كبرى، يحدث تبادل الخبرات ويغيب التسلسل الهرمي وما يحمله من رتابة وتقليدية. كلما قامت الشركة باصطفاء أفضل المواهب في مجموعات العمل وإعطائهم دورا قياديا، كلما استطاعت أن تنشئ قيمتها وأن تعلو أسهمها لأن الموهوبين أكثر من يستطيعون الابتكار وهم الأفضل من حيث تعيين الأولويات وتخطيط جداول الأعمال؛ من خلال النمذجة البشرية، يستطيع القادة أن يبحثوا حتى يجدوا هؤلاء الموهوبين.
أظهرت سلسلة من الدراسات أجراها معهد أبحاث ماكينزي أن جميع المنظمات التي اعتمدت النمذجة البشرية في تكوين مجموعات العمل والارتقاء بمعاييرها الأخلاقية استطاعت أن تحسن من تجارب الأفراد العاملين بها متفوقة بنسبة 130% على نظيراتها من المنظمات لأنها كانت تعمل على بناء المعنويات والمشاعر وتنمية العقليات وغرس الإيجابيات بين أقسامها. وعندما يكون قائد المجموعة قدوة حسنة وأنموذج للتغير السلوكي نحو الأفضل والأصوب، فإن هذا سيحقق لشركته تحولا ناجحا بنسبة 500% مقارنة بقائد يطالب موظفيه بالقيام بسلوكيات رشيدة بينما هو يهمل ممارستها؛ هذا جوهر النمذجة البشرية عند بناء مجموعات العمل وتنميتها. ختاما ولكي أضع أمامك تصورا أزهى، ينبغي لكل قائد مجموعة أن يطرح هذه الأسئلة وأن يجيب عنها، مستعينا بالخبراء:
- كيف أستطيع أن أغرس بداخل أفراد مجموعتي إحساسا بقيمة هدف شركتهم؟
- كيف يكون لكل عضو بمجموعة عملي أثر ملموس على اختيارات الشركة وطرائق عملها؟
- كيف أستطيع أن أقوم بتحديد أدوار الموهوبين وجعلها مرتكزة حول بناء القيمة الرئيسية؟
- كيف لي أن أقوم بصناعة منهاجية سلوكية قائمة على البيانات ومستندة إلى كفاءات وجدارات كما نتائج عمل كل موظف؟
- كيف لي أن أجعل عمليات اتخاذ وصناعة القرارات أكثر فعالية بحيث يستطيع الموهوبون القيام بها مع شعورهم بالأمان الوظيفي حال حدوث خطأ ما؟
- كيف أنشئ قاعدة من المواهب تستند إلى التنوع وتحفيز الابتكار بحيث تكون ثقافتها إنسانية وملهمة الأداء الفائق؟
- ما أفضل الإجراءات التي ينبغي أن أقوم بها اليوم لتعزيز أكثر السلوكيات إيجابية ولنبذ وطرد السلوكيات المشينة من مكاتب العمل بالشركة؟
إجابتي عن استفسارك الثاني كالآتي
اعلم، أخي الحبيب، أن التوتر أمر شائع ومن المحال الفرار منه؛ بل ووفق أبحاثي ودراساتي، فمن يفتقر للشعور بالتوتر، هو مريض وقد يستدعي زيارة مصحة؛ فنحن جميعا نواجه تحديات خلال تأديتنا أعمالنا اليومية ومن ثم، يصيبنا التوتر وقد يهاجمنا بضراوة. إن الأمر الخطر أننا نسنح للتوتر أن يلقي بآثاره السالبة على أبداننا وعقولنا وأن يهلك أداء عملنا ويقوض من شعورنا بالقناعة والسعادة؛ بناء عليه ومن خلال نظريات نمذجة السلوك، فلننطلق في رحلة قصيرة ندرك خلالها أهم الوسائل التي عبرها، نستطيع أن نحجم التوتر:
1- اسع للتوازن بين العمل والحياة
امنح ذاتك مكافأة لتكون بمثابة تقدير لجهوداتك؛ إذا كنت صاحب عمل وكنت مسؤولا بشركة، تحدث إلى موظفيك بشأن التوازن بين العمل والحياة واعقد اجتماعات معهم لتناقشوا الأمر وأعط مكافآت لمن يعمل منهم بأداء جيد
كذلك الأمر، إذا كنت مديرا بشركة، تجنب أن تراسل الموظفين وأن تبعث إليهم بأية رسائل خلال إجازاتهم الأسبوعية إذ أن هذا يكون بمثابة عبء واقع عليهم؛ فأتح لهم التمتع بأوقاتهم وأنت كذلك، تنزه هذا اليوم وأخرج طاقاتك الجسدية ومارسن تدريبات تزيل عنك كافة التوترات وما أكثرها عبر الشابكة
شيئ آخر، كن أنت نصير الموظفين ولتدافعن عنهم إذا هاجمهم أحد من القادة؛ شريطة أن يكون منصبك يتيح ذلك وأما إن كنت تعمل بشركة، فاسع دائما أن تحيط ذاتك بمشاعر إيجابية؛ فالمرء يفكرن 60 ألف فكرة كل يوم؛ 48000 فكرة منها سالبة؛ الذكي هو من يجعل أفكاره السالبة إيجابية؛ كلما هاجمتك فكرة سالبة، اجعلها إيجابية ومع المران المستمر، سيصير ذلك شيئا سلسا وميسورا
2- كن أنت المثال الذي يحتذي به الآخرون
إذا كنت قائدا لمجموعة، احرص على أن تخفي علامات توترك؛ إذا ظهرت عليك علامات التوتر، فمن المؤكد أن سيشعر تابعوك بالسوء. إذا أصابك شيئ من توتر أثناء العمل، اجلس هادئا وقم بتقييم ما تشعر به؛ اكتب ما تشعر به وضع تقييما له بنسبة مئوية؛ على سبيل المثال وعندما يصيبك التوتر، اكتب أنه أصابك التوتر بنسبة 56% وهذا مثال إذ قد تكون النسبة أقل وقد تكون أعلى. بعد ذلك، اتخذ الخطوات التي من شأنها تخفيف التوتر والإرهاق داخلك كأن تغيرن من مقعدك وقد ترى أنه من الأنسب مغادرتك للشركة ونيل إجازة للاسترخاء؛ يوم واحد قد يحدث فارقا كما أن هذا سيحفز العاملين معك على انتهاج الأمر ذاته حال شعورهم بالتوتر المفرط
3- فلتوضحن أولوياتك
قد تشعر في كثير من الأحيان أنك مللت قيامك بذات المهمات التي تقوم بها دائما كما قد يصيبك الضجر لكونك تقول "نعم" كثيرا وتستجيب لكافة ما يرد إليك من أعمال. في الحقيقة، إن كل من يقول لا، يمتلك بداخله "نعم" كبرى ويمتاز بوضوح أولوياته وهذا ما أنصحك أن تفعله؛ فلتحدد أولوياتك وقم بإدارتها على نحو صحيح واجعل لا سبيل نموك واستقرارك؛ فمن المحال أن تمارس أعمالا شتى وتكون هادئ الذات لكن إن اهتممت بعملك وما يضمه من أعباء، ستزيل توتراتك وستكثر إنجازاتك؛ اجعل وقتك لتقوم بواجباتك بشركتك وأما خارج الشركة، تمتع بما تجده أمامك من مسرات وشارك بدورات تدريبية وقم بتنمية مهاراتك؛ كلما فعلت، قل توترك
4- ساعات عملك وساعات عملهم
أبلغ أفراد مجموعتك بأن ساعات عملك تختلف تماما عن ساعات عملهم وذكرهم أن إنجاز الأعمال واكتمالها قد يستغرق وقتا قصيرا؛ فهناك من يعمل طوال ساعات ومع ذلك، يفتقر للإنجاز وهناك من ينهي عملا شاقا خلال دقائق؛ الأمر وثيق بسني الخبرة وبمعدلات الذكاء كما كثرة المران وممارسة المرء لعمله حتى صار شيئا معتادا؛ حدد معهم مواعيد نهائية لإتمام الأعمال وضع جدولا لك ولهم وابدأ بالأولويات ونح جانبا العناصر ذات الأولوية الأدنى
5- شاركهم في الأمر وشاورهم
اتسم بالشفافية وساعد أتباعك على استيعاب أفكارك من خلال جدولة اجتماعات منتظمة يشاركونك فيها الرأي ويتفاعلون مع ما تقوله لهم واقبل الانتقاد البناء واعمل به. سيساعد ذلك على دفع العمل للأمام وسيعزز من مكانتك بقلوب العاملين بالشركة
6- قم بالتفويض
عندما تفوضن بعض مهمامك لشخص ما، فأنت بذلك، تساعده على أن يظهر مواهبه وبذلك، يزداد تمكنا من أداء عمله. أثناء قيامه ببعض مهماتك التي قمت بتفويضه لإتمامها، اسع أن تكون معه بعض الوقت وتعرف بدقة على العوائق ومشكلات العمل التي يواجهها واعمل بجد على إزالتها. هذا سيساعده على تقديم عمله بالموعد المناسب مع هامش خطأ دنيئ وسيقلل كذلك، من ضغوطاته
الاستفسار الثالث متواجد ضمنا بإجابتي السؤالين الماضيين
النمذجة البشرية بمختصر تعريفها تبدو بمثابة عملية بناء وتطويع النماذج الرياضية ومفاهيم القيم المثلى ومبادئ الحياة لاستيعاب سلوك الإنسان وتفاعله مع مجريات الأحداث. بناء عليه، فإن النمذجة تساهم في تحديد خصائص النمو عند البالغين وتعمل على صياغة رؤية أخلاقية نغرس من خلالها منظومة سامية من الأخلاق الكريمة وآداب التعاون والتوافق بين مختلف الثقافات.
نستطيع كذلك، أن نضع تعريفا للنمذجة بأنها طريقة يتم من خلالها غرس السلوك المرغوب؛ فعلماء النمذجة يمارسون سلوكا محددا أمام المتعلمين ويطالبونهم بملاحظته ومن ثم، القيام به وممارسته حتى يصير عادة سلوكية؛ فالنمذجة نوع من التعلم الاجتماعي حيث يتلقى الفرد المهارات ويقوم هو بممارستها وبذلك، ننحي جانبا أساليب التعليمات وننطلق صوب تفعيل الإرادة الإنسانية وحثها على تعلم سلوك جديد يضيف إلى صاحبها مزيدا من التنامي الشعوري ويكون مصدرا لأن يكون آدميا أفضل وأكثر تقبلا للخلاف وأقل إثارة للنزاع
هناك أربع مراحل للنمذجة البشرية؛ أولاها الاهتمام إذ يقوم الاختصاصي بإيضاح أهمية الإتيان بالسلوك ومدى فعاليته وجدواه للفرد وللمجتمع ومن ثم، يقوم بتكراره ومراقبة استجابات المتعلمين؛ ثاني خطوة تتمثل في الاحتفاظ بحيث يكون المتعلم قادرا على إبقاء مهارات السلوك المرغوب بذاكرته واستدعاء ممارستها عند حدوث تحد مشابه بينما وفي المرحلة الثالثة ونطلق عليها الإضفاء، يقوم المتعلم بإحالة السلوك، بل وترجمته من صورته التي شاهدها إلى صورة تناسب ذاتيته ومشاعره؛ فالنمذجة ترفضن تماما إلغاء ذاتية المرء وإنما تدعوه إلى ممارسة السلوك المنشود وفق تصوراته هو وثقافاته كما طبقا لتنشئته وطريقته التواصلية وبذلك، يصير المتعلم قادرا على إعادة إنتاج السلوك المنشود بما يتوافق مع سمته وفكره. المرحلة النهائية نطلق عليها الدافع إذ يقوم الاختصاصي بتحفيز المتعلم على ممارسة السلوك المنشود واعتماده كعادة لديه بالحياة كلما واجه أمرا مشابها
وفق أبحاثي، فإن الأطفال الذين تلقوا تعليما مستندا إلى مهارات النمذجة كانوا أكثر تعاونا بالمنزل مع والديهم وأهليهم وكانوا أقل عدوانية وأفضل سمتا؛ بل وكانت ألعابهم مفارقة التعنيف والقسوة مقارنة بالأطفال ممن كانت مدارسهم تفتقر لمنهاجيات النمذجة
في دراسة قام بها معهد النمذجة البشرية في الولايات المتحدة، أشارت النتائج إلى أن الآباء الذين شاركوا بدورات النمذجة السلوكية وتغيير القناعات كانوا أكثر تقبلا لأخطاء أطفالهم بنسبة 94% مقارنة بنسبة 6% لدى الآباء ممن افتقروا لحضور دورات النمذجة وتغيير السلوك
أسعد كثيرا بتلقي استفساراتك إذا كانت هناك بعض النقاط المتطلبة مزيدا من الإيضاح
أفكّر كثيراً في تطوير بيئة العمل الخاصة في أي شركة خاصة مع ظهور مسألة المُهاجرين واختلاط الجنسيات في مناخ أي شركة بالإضافة إلى دخول النساء أيضاً في البيئة المهنية، وبالتالي صار هناك تنوّع كبير واختلاف هائل بين الجنسيات والجنس أيضاً في كل بيئة عمل، أتسائل في ظل هذا الأمر وخاصة بالمناطق العربية ما الذي يمكن لمدير قسم الموارد البشرية وللشخص المُتخصص بالدراسات السلوكية أن يفعل اتجاه هذا الأمر من ناحية: منع التحرش والتمييز في مكان العمل؟
ما هي الإجراءات والموقف والبروتوكول والعقلية المُتّبعة من قبل القسم الذي تدرسه حضرتك لقاء تطهير أي شركة من هذه الممارسات تماماً وفرض نظام وقائي وعقابي تفادياً لتراكمات المشاكل النابعة من هذا الموضوع؟
أهلا بك، أخي ضياء
بورك فيك
قضايا التحرش الجنسي من بين أعقد المسائل الشائكة وأصعبها داخل المؤسسات المهنية. دائما ما أدعو كبريات الجهات أن تذهب إلى ما يكون أبعد من النظم القانونية بحيث تقوم بتعزيز تغيير الثقافات الجنسية؛ فقد يكون القانون صارما ومع ذلك، ظلت معدلات وأرقام التحرش الجنسي بين العاملين والعاملات مرتفعة، فماذا قدم لنا القانون وهل كان مصدرا لتراجع السلوك؟ هناك إجراءات ينبغي غرسها بثقافات المنظمات منها رفع دعاوى قضائية ضد من يقومون بالتحرش بحيث تكون معاقبتهم حاسمة وتكون خارج مؤسسات عملهم؛ فالقضية أكبر كثيرا من عقوبة مؤسسة ونقصان راتب.
دراسة سلوك وأهداف مرتكبي التحرش أمر بالغ الأهمية لأننا نستطيع معالجة التحرش من خلال تعزيز الثقافات المهنية وغرس التوقير بين الجنسين بحيث يعلم كل نوع حدوده وآدابه بالمعاملة. في دراسة قامت بها جامعة التقنية ومقرها المملكة المتحدة، فإن 20% من العاملات بالشركات في العاصمة وحدها تعرضن للتحرش بينما عانى 40% من المتدربات داخل الشركات من معاناة التحرش من قبل مدربيهن. أجرت شركة كروجر العالمية دراسة استقصائية أشارت إلى أن 33% من موظفات الأقسام في شركات الولايات المتحدة تعرضن لنوع من التحرش الجنسي بينما تعرض نحو 43% من موظفات الدعم لصنوف مختلفة من التحرش من قبل مشرفيهن ومدرائهن المباشرين. أكدت الدراسة كثرة شكاوى الموظفات من تحرش رؤسائهن بهم وخاصة، في الإدارات. أظهرت بحوثات أخرى أن النساء من ذوات البشرة السمراء قد تعرضن كذلك، لمزيد من التحرش الجنسي بما يفوق ذوات البشرة البيضاء.
بطبيعة الحال، فإن المناخ التنظيمي داخل الشركة يكون بمثابة العامل الأكثر أهمية في تحديد احتمالات التحرش. إن نظرة العاملين في الشركة إلى مناخ مؤسساتهم التنظيمي سبب رئيسي في إتاحة الفرصة أمامهم للتحرش؛ فكلما سمحت إدارة الشركة بمزيد من الاختلاط بين الرجال والنساء، نمت العلاقات بين الجنسين مما يقوي مقدار التحرش وإذا كانت الإدارة متساهلة نوعا ما في حالات الشكاوى، سيزداد التحرش. مشكلتنا الحقيقية في هذا السياق أن مفهوم التحرش الجنسي فقير الاعتراف به داخل المؤسسات وعسر قياسه؛ فالتحرش وفق المفاهيم العلمية يشير إلى كل سلوك تجاه المرأة يقلل من وقارها ومكانتها ولذلك، هناك تحرش لفظي وهناك تحرش بالإكراه كأن يدعو مدير الشركة موظفة لممارسة فعل مشين نظير مكافأة؛ فكيف لنا أن نثبت الواقعة وهل سنكتفي بقول موظفة؟ تكمن المشكلة في كون التحرش أمرا سلس الإنكار من قبل الرجل؛ خاصة إذا كان محيط الشركة الفكري مليئا بالتحرش. في حالة تعرض امرأة للتحرش، فإنها تقوم بالإبلاغ الرسمي. مع ذلك، هناك كثيرات يتجاهلن الإبلاغ، ظنا منهن أن قد يتعرضن للانتقام. بعض الموظفات يتحاشين المتحرش بهن سابقا ومنهن من تسترضيه وتطالبه بالدعم الاجتماعي، كونها مدركة أن إثبات الواقعة ضرب من خيال.
وفق دراساتي، فإن التحرش يعمل على تقويض التحصيل المهني عند المرأة ويؤذين عقلها. فعند تعرضها للتحرش داخل مؤسستها، ينخفض الأداء وتقل الإنتاجية وتشعر المرأة بضغوطات يصعب أن تتكبدها بمفردها وقد يبلغ الأمر تقديم استقالتها. بسبب ذلك، طالبت كثيرا من مدراء الشركات أن يقوموا بإعطاء دورات تدريبية للموظفين بشأن التحرش الجنسي وعواقبه السلوكية بحيث تتحسن المعرفة لدى موظفي الشركة ويدركون سياساتها الصارمة تجاه ملامسة أية موظفة بها. هذا قد يمنع من التحرش الجنسي رغم افتقاره لتغيير المعتقدات. يتطلب ذلك تواجد قيادة قوية ومتمتعة بشفافيتها؛ عندما تكون الشركة مفعمة بالمساءلة، سيتم حظر كل سلوك مستهجن وسنجد أن كل عامل فيها سيكون مسؤولا عن تلبيته لتوقعات الإدارة السلوكية وستقل رغبته في القيام بالتحرش.
من المحبذ أن تكون للشركة معايير سلوك ومجموعة عواقب تأديبية إن تم انتهاك سياساتها بشأن التحرش وأن تتوافر سلسلة من الإجراءات التأديبية إذا تكررت المضايقات. أنصح كذلك، بإدماج برامج تعزيز اللياقة بين الجنسين بحيث تدرك المرأة طبيعة كلماتها مع الرجل ويتقن الرجل أدوات محادثته للمرأة مع منح مكافآت لمن يبدي تعاونا ووعيا بالفوارق بين الجنسين.
في الختام، ينبغي أن تتضافر جهود رؤساء الشركات ومدراء الأقسام كما مديري البرامج وأن يتعاونوا معا للحد من الممارسات الخاطئة؛ يكون من المستحسن أن تتعاقد الشركة مع اختصاصي بالتحرش بحيث يكون هدفه منع أية واقعة من خلال ملاحظاته إزاء سلوك الأفراد وحل النزاعات فور حدوثها وتهدئة التصعيد من خلال الوساطة والتفاوض؛ فبعض حالات التحرش قد وقعت بسبب اختلاف بين زميل وزميلته ورغبة منه في إيذاء جسدها؛ فمن الأهمية بمكان التنبه لذلك وجعل ثقافات الحوار عمادا لنجاح الشركة؛ فإذا كانت هناك مشكلات حدثت بين زميل وزميلته، فليسارعا للتحدث وإظهار الخلاف وهنا، ينتهي الأمر ونتجنب التصعيد. ينبغي كذلك، تخصيص برامج لتنمية المهارات بحيث يظل كل فرد بالشركة مستثمرا وقته طوال فترة عمله بأشياء يجيدها ويبرع فيها. دورات التحرش الجنسي قد تكون غزيرة الأهمية لكونها تساعد العاملين على معرفة قضايا التحرش وكيفية معاملتها بحكمة كما أن هذه الدورات بها خطوات واضحة لبناء ثقافة تعاونية ومناخ أريب يحد من انتشار الأمر ومنعه – قد يتطلب الأمر الاستعانة بخبراء من خارج المؤسسة بحيث يكونون هم المسؤولين عن تعيين الممارسات الأخلاقية عوضا عن كتابة التقارير الرسمية من قبل مدراء الأقسام ومن المعلوم أن هذه التقارير تخلو من كثير من الحقائق.
أهلا وسهلًا بكم
سؤالي هو:
١- ما هي أبرز التحديثات التي برأيك يجب إدخالها على قسم الموارد البشرية داخل الشركات؟
٢- كيف أتعامل كموظف قطاع عام مع فكرة عدم وجود قسم للموارد البشرية داخل المنشأة العامة؟
أهلا وسهلا بأختي فاطمة
إجابتي عن استفسارك الأول
في البداية، ينبغي أن ندرك أن أقسام الموارد البشرية جزء حيوي وبالغ الحركية في كل مؤسسة كونها تدير أصولها وتعمل على تنميتها لتكون أبهى قيمة كما أنها تسعى إلى تعزيز مهارات رأس المال البشري وتقويم انحرافاته ولذلك، فإن الاعتناء بأقسام الموارد والعمل طوال الوقت على تحديث أعمدتها أمر حاسم؛ خاصة مع تغاير الاحتياجات وتباعد التوقعات؛ فنحن في عصر نجد فيه كل ثانية تحديا جديدا ولذلك، فإنه من الأهمية بمكان إضافة التالي إلى أقسام الموارد البشرية بحيث نسابق التوقعات ونقوم بتلبية احتياجات العاملين والعملاء:
• تطويع التقنيات عند استقطاب المهارات؛ فكل شركة بها وظائف شاغرة ولذلك وليكون اختيارنا دقيقا ولنستعين بالأفضل، ينبغي أن نبدي اهتماما بالأدوات التقنية كتطبيقات الرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعي، بجانب برامج النمذجة لأنها تساهم في الوصول إلى مجموعة واسعة وأكثر تنوعا من الفرص كما أنها تساعدنا عند تقييمنا لقدرات الأفراد وتحديدنا لقدر ملاءمة مهاراتهم للوظائف المتاحة وهذا سيعطينا مزيدا من البيانات الدقيقة وسيكون مصدرا لإنجاح شركتنا لأننا سنتعاقد مع أكفأ من تقدم للوظيفة
• الانتقال ببرامج التدريب إلى نطاق الرقمنة المدمجة: يعني ذلك أن نترك التقليديات وأن نعتمد برامج تدريبية تكون من خلال شابكة المعلومات وذلك، من خلال الاستعانة بخبراء تدريب من خارج شركتنا لتقديم علومهم للعاملين بها بهدف تعزيز مهارات وكفاءات هؤلاء العاملين وتحفيزهم على مزيد من الإنتاج. تتوافر اليوم منظومات التدريب التفاعلي وما تحويه من أساليب مبتكرة تساعد المتدرب على ممارسة المهارات وهو بمقر عمله وأمام حاسوبه كما تتيح له المشاركة بفعالية في صناعة المحتوى التدريبي بحيث يتلقى ما هو متطلبه تماما؛ نطلق على ذلك مصطلح التدريب المدمج إذ يكون المتدرب هو من يصنع محتوى برنامجه التدريبي وفق احتياجاته ويكون المدرب هو من يوجهه ويرشده؛ فالمدرب يضع أمامه إرشادات العمل والمتدرب هو من يقوم به، مستندا إلى توجيهات المدرب؛ هذا، بطبيعة الحال، سيجعل دورات التدريب أشبه بأنشطة مرنة تجمع بين الجادة العلمية من ناحية وبين رفاهية الموظفين من ناحية أخرى مما سينشئ فرصا تنموية تناسب مهارات الموظفين وقدراتهم المختلفة وبذلك، تكون نتائجهم بالغة الفعالية وسيقبلون على مزيد من تلقي العلم
• تحديث أنظمة إدارة الأداء؛ أنظمة إدارة الأداء أداة أساسية يستخدمها مدراء أقسام الموارد البشرية في تقييم وتحسين أداء العاملين بالشركة ومواءمة أهدافهم الذاتية والأسرية مع أهداف الشركة ورسالتها كما قيمها الأولى. بناء عليه، فإنه من الأهمية بمكان العمل على استحداث هذه الأنظمة باستخدام عمليات وممارسات تتسم بشفافيتها وبقدرتها على إتاحة مساحات من مشاركات العاملين؛ فينبغي أن تحتوي هذه الأنظمة في مجملها على طرق تيسر للعاملين كتابة تعليقاتهم ومقترحاتهم المستمرة وأن يقوموا هم بتقييم ذواتهم وتحديد أهدافهم المتجددة من خلال وسائل آنية يستخدمها العامل وهو في مقر عمله وتصل إلى إدارة شركته في ذات اليوم مع إعطاء مكافآت مجزية لكل من يتقدم بفكرة ابتكارية تزيد من فعالية الأداء وتعزز من مكانة الشركة بين نظرائها - شركة كانون الشهيرة قد فعلت ذلك واستطاعت أن تحسن من أداء عملياتها التشغيلية بنسبة 54% كما تمكنت من إنشاء ثقافة بناءة عززت التواصل بين العاملين وبين اختصاصيي الموارد البشرية وساهمت في تنمية علاقاتهم؛ هذا إلى جانب غرس مفهوم المساءلة لأن كل فرد بالشركة صار يشعرن وكأنه هو مسؤول عن إنجاح شركته ورفع إنتاجيتها
أما عن استفسارك الثاني وإنه بالغ الأهمية، فإجابتي كالتالي
إذا كنت تعملين داخل شركة تفتقر إلى تواجد بنية للموارد البشرية، فسوف تواجهين عددا من التحديات والصعوبات عند إدارة مهماتك اليومية وكذلك، أثناء تلبيتك لاحتياجاتك المتعلقة بالعمل. مع ذلك، فإن هناك ما تستطيعين فعله للتغلب نسبيا على بعض من هذه الصعوبات:
• دائرة العلاقات؛ قومي ببناء محيط من العلاقات بينك وبين زميلاتك بالعمل وتعاوني معهن فيما تستطعن القيام به كما طالبي مشرفك بالمساعدة وكذلك، مدير العمل لأنهما قادران على تقديم توجيهات وإبداء ملاحظات سيكون لها كبير أثر على تنمية أداء عملك ولذلك، طالبيهما بالمساعدة إذا كانت لديك مجموعة أسئلة وإذا ساورتك قلاقل إزاء أمر ما بالعمل.
• بادري بالتفويض؛ قومي بمساعدة زميلاتك بالعمل في إتمام مهماتهن عندما تجدين أن أمامك وقتا بالعمل؛ هذا سيأسر قلوبهن وسيتوجهن إليك كذلك، مطالبات بأن يحملن عنك بعضا من أعباء مهماتك؛ زميلاتك بالعمل هن من يشاركنك أدوار ومسؤوليات عملك وهن يشابهنك في كثير؛ فاغتنمي تواجدهن واكتسبي مزيدا من تجاربهن وخبراتهن وطالبيهن بمعاونتك في إكمال مشروعات عملك وطالبيهن كذلك، بتقديم مقترحات تعزز من مهاراتك وتسرع من كفاءة تأديتك لوظيفتك وتيقني أن ستجدين منهن تعاونا حسنا
• ثقافتك القانونية: احرصي على معرفة حقوقك القانونية داخل الشركة والإحاطة بما لك وما عليك من واجبات؛ قد تستعينين بمصادر خارجية لتتعرفي على حقوق عملك وقوانين العقود وما إلى ذلك
في الختام، احرصي كذلك، على غرس ثقافة تنموية بداخلك من خلال إعلاء رغبتك في نيل مزيد من الدورات التدريبية وبرامج الارتقاء المهني - شاركي بملتقيات وكوني عضوا نشطا بأغلب مواقع التدريب عبر الشابكة وما أكثرها ومنها ما يتيح تدريبا برسوم قليلة للغاية ومنها ما يمنح شهادات وعضويات؛ فأكثري منها
السلام عليكم اخي محمود تشرفت بالنقاش معك في عدة مواضيع من قبل و لدي بعض الأسئلة لك :
كيف أتحكم في القلق و التوتر؟
كيف أتمكن من تحديد نقاط قوتي و نقاط ضعفي؟
المواقف أم القرارات الشخصية أيهما له التأثير الأكبر على مسار الحياة؟
سررت بالتعرف إليك.
عليك السلام ورحمة الله وبركاته، أخي الحبيب، محمودا
بورك فيك
كم أسعد كثيرا بقراءة ملاحظاتك والتي تثري عقلي وتزيدني وعيا
1- هناك تقنية أود أن أشاركنك إياها وأن تقوم بالعمل عليها عند شعورك بالقلق والتوتر وإنها كالآتي
تبدأ تقنيتنا بأن تجد مكانا مغلقا بحيث تكون فيه بمفردك؛ ينبغي أن يكون مكانك مفعما بالهدوء والاستقرار وأن يضم فراشا – نستطيع استبدال الفراش بالأريكة
أول خطوة
أغلق عينيك ببطء واسترخ تماما واستلق بفراشك (أريكتك) بحيث يكون عمودك الفقري ثابتا أعلى الفراش؛ اعلم أن جسدك يأتمر بتعليماتك وأنك تستطيع أن تظل مسترخيا متى شئت
اجعل جسدك مستلقيا وأعطه أمرا بأن يسترخى كل عضو فيه وكل خلية بدء من رأسك وحتى أخمص قدميك
أعط أمرا جديدا لجسدك بأن يسترخى تماما بدء برأسك وانتهاء بقدميك؛ كرر الأمر حتى تشعر أن صار استلقاء جسدك بالفراش باعثا على الاسترخاء
أرخ رأسك تماما واجعلها إلى الخلف بحيث تنساب دماء الدماغ التي تكون عند مقدمة الرأس وتنتقل إلى آخر جزء من الدماغ – هذا سيمنحك استرخاء أكثر وارتياحا أكبر
بعد ذلك وعند التيقن أن رأسك صار إلى الخلف بموضع استرخاء جميل، اجعل عنقك يسترخي بما يحمله من عضلات وخلايا وأرخ صدرك تماما كما اجعل شهيقك وزفيرك معتدلين وهادئين – ينبغي أن يظل صدرك ثابتا؛ تجنب أن يعلو صدرك ويهبط بعنف؛ اجعل صدرك يتحركن بهدوء تام وليكونن تنفسك بالغ الاستقرار واحتفظ بخلايا وعضلات صدرك مسترخاة
أرخ ذراعيك بحيث تجعلهما متوازيتين وكل ذراع بمحاذاة جانب جسدك واترك أصابع يديك تسترخي وأعط أمرا لها بأن تنال استرخاءها وهدوءها – تجنب أن تضع كفيك أعلى صدرك - اجعل ذراعيك طوال الوقت بامتداد جسدك المسترخي
أرح بطنك واحذر أن تجعلها ملاصقة لبعضها – اتح لها فرصتها لتسترخي تماما بحيث ينتابك إحساس عميق أنها باتت مستقرة؛ اجعل عضلاتها بالغة الانبساط بحيث تتجنب الانقباض وشد الأوتار
أرخ فخذيك واجعلهما بحالة استرخاء تام
أرخ ساقيك واتركهما تسترخيان تماما
أرخ قدميك بحيث تتركهما متباعدتين عن بعضهما البعض لكن باعتدال – اجعل قدميك مسترخيتين تماما وقد نالتا هدوء مفعما بالاسترخاء كما اترك لأصابع قدميك مجالا للاسترخاء
أغمض عينيك تماما إذ هما بوابتك للخارج؛ فأغلقهما واجعلهما تغوصان وتغوصان إلى أعماقك
اجعل عينيك مغمضتين أكثر كما اجعلهما تغوصان أكثر وأكثر
غص بعينيك بحيث تنتقل لعالم يخلو من الألوان والشعارات؛ عالم فيه أنت وحسب
ها أنت قد أمرت كل جزء من خلاياك وعضلاتك أن يسترخي وقد بدأ إحساس جميل ينتابك بأن كل خلية من خلاياك قد استكانت ولانت وصارت باسترخاء عميق؛ بل وصارت كل خلية وكأنها تشكرك لأنك منحتها فرصتها ونشوتها – أنت كذلك، صرت منتشيا ومدركا لنوع من اللذة الجسدية
حان موعد التنفس العميق
التقط تنفسا وقم بالشهيق
التقط هواء المكان بأنفك واحرص أن تلتقطه وأنت تعد أربع حركات
خذ الهواء وأنت تعد أربع حركات، ثم احتفظ به داخل أنفك وعد حركتين
بعد أن احتفظت بهواء الشهيق داخل أنفك بمقدار حركتين، قم بالزفير مع العد بمقدار ثمان حركات – ستخرج الهواء عبر أنفك وأنت تعد ثمان حركات (1، 2، 3، وهكذا)
افعل ذلك ثلاث مرات (تأخذ دفقا من هواء وأنت تعد أربع حركات وتحتفظ به بمقدار حركتين، ثم تزفره وأنت تعد ثمان حركات)
ها أنت قد قمت بالشهيق والزفير وأعدتهما ثلاث مرات
حان موعد الخلاص الفكري (سنزيل في هذه المرحلة كافة توتراتك وقلاقلك وسنتغلبن عليها)
ستبدأ بفكرة
فلتفكرن فيما يكون سببا لتوتراتك (قد يكون شيئا بالعمل وقد يكون شيئا بعلاقتك بشخص ما)
فلتفكرن كما تشاء وحدد الشيئ المثير قلاقلك (يكون شيئا واحدا وحسب لكل مران)
ها أنت قد حددت الشيئ وعرفت توتراتك؛ جسده أمامك؛ اجعله أمامك وكأنه جسد له بنيان وكيان؛ ها أنت تراه أمامك متجسدا؛ راقبه وانظر إليه من علو وكأنه شيئ محدود وقليل القدر
انظر إليه مرة أخرى وكأنما صار شيئا تافها وانظر إليه ثالثا وكأنك تراه شيئا دنيئا
أنت تقف في هذا التوقيت بمنتصف منصة الحياة؛ منصة عملاقة وأنت تقف أعلاها كبطل قوي الذات والمعرفة وأمامك مشاهدون كثيرون هم زملاء عملك وأشخاص آخرون ممن تعرفهم وتقابلهم
ها هم جميعهم جالسون أسفل المنصة وينظرون لأعلى كي يرونك
انظر إليهم وأنت تبتسم واستدع منهم الأصدقاء والأحبة ممن تدرك أهميتهم بحياتك ومدى محبتهم واعتزازهم بك
استدعهم وطالبهم أن يكونوا من حولك بحيث تقفون جميعا وأنتم بأعلى منصة الحياة
ها هم يأتون إليك جميعا وهم سعداء ويبتسمون لك بحب وامتنان
ينتابك حينها، إحساس مفعم بالأمان والاستقرار؛ فأنت في هذه الحياة بطل وهناك من ينظر إليك وهو بأسفل
أنت بأعلى
أحبتك برفقتك
من المحال أن يصل إليك أحد إذ أن المشاهدين بأسفل وهم يجاهدون ليروا علوك وارتفاعك
ابدأ هنا باستدعاء الشيئ السيئ (شيئ واحد تراه سببا لتوتراتك)
بعد الاستدعاء، ستجد هذا الشيئ يقف صاغرا أسفل المنصة وينظر إليك وينتظر أمرك
ستجد أن هناك حبلا رابطا يصل ما بين قلبك وبين قلب ذاك الشيئ (حبل بينكما؛ يمتد منك إليه ومنه إليك)
فلتراقبن الحبل وانظر إليه جيدا وأمعن النظر فيه وستجد أنه يصل بينك وبينه من جهة القلب
التقط مقصا لتقطع به هذا الرابط من جهة قلبك أنت (أنت بذلك، ستقطع الرابط بينكما من تجاهك بحيث ينقطع الرابط تجاه قلبك ويبتعد عنه ومن ثم، ستجد الشيئ المثير توتراتك يبتعد عنك ويفارقك)
سينقطع الرابط وستجد الشيئ السيئ يبتعد تماما خارج المكان
ها قد ابتعد تماما بل وغادر المكان ولن يعود بعدها
تذكر أنك تقف بأعلى منصة الحياة؛ أنت تقف أعلاها وقد غادر الشيئ السيئ جنبات المكان وهنا وعلى الفور، تبدأ طاقات بيضاء في الانسياب من أعلى السقف إلى مركز طاقتك الوجدانية بحيث تنتشر برأسك وتغمر خلايا الدماغ وتعالج خلاياه وتطهرنها تماما وتزيل من ذاكرتك كل شيئ دميم وتستبدلنه بالأمان التام؛ أمان تشعر معه أنك سامحت كل ما كان بالماضي وصرت مستبشرا بالمستقبل، مودعا التوتر
بعد ذلك، تنتقل طاقتك البيضاء لتنتشر بجسدك وتطهره حتى تستقر بمنتصف بطنك
عندما تتغلغل طاقتك البيضاء بجسدك وتصل إلى منتصف بطنك، تبدأ طاقات أخرى خضراء اللون في الانطلاق من أسفل المنصة حيث تنتشر بقدميك وتغمر جسدك لتطهر كل جزءك السفلى وتغمرك بالهدوء التام
تظل هذه الطاقات تنطلق من أسفل المنصة وتنتشر بجسدك حتى تنضم لزميلتها البيضاء ليستقرا معا بمنتصف بطنك
طاقات بيضاء تأتي من أعلى وتغمر رأسك حتى تصل إلى بطنك وأخرى خضراء تأتيك من أسفل لتغمر قدميك وتصل كذلك، إلى البطن
عند ذلك، تنفس ثلاثا (ذات الأسلوب – شهيق بمقدار أربع حركات والاحتفاظ بالهواء بمقدار حركتين، ثم الزفير بمقدار ثمان حركات)
استرجع الحدث الماضى بأكمله (استعد كل ما فعلته بدء من تفكرك بالشيئ وانتهاء بانسياب الطاقات البيضاء ونظيرتها الخضراء – كأنك ترين مشهدا معادا ولكن بلقطات سريعة نسبيا)
بعد ذلك، احمد الله العلي أن قد وفقك برحلتك وأن قد لفظت الشيئ السيئ ونجحت في تطهير خلاياك وذاكرتك وكأنك مولود جديد يخطو مساره الأول في هذه الحياة؛ فقد صرت متسامحا مع كل ما مضى ومتفائلا بما سيأتي في الأوقات المستقبلية، تاركا القلق ومدركا تماما أنه سيصيبك ما قدره الله لك؛ فاحمد الله واسجد له ومن ثم، عانق أحبتك الذين يزالون بأعلى المنصة من حولك واشكرهم أن قد عاونوك ووقفوا بجوارك واستمتع بمحبتهم الصادقة وهم يعانقونك بمحبة دافقة
أنهينا مراننا، أعد عينيك لتريا الموجودات حولها ثم وبعد فترة ما، اختبر ذاتك بعد أن بدأت رحلتك الحياتية مجددا؛ قم بمواجهة ذات الشيئ وتأمل الفارق الشاسع بين مواجهتك الماضية معه وبين مواجهتك الحالية له بعد نجاح استخدام تقنيتنا!
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أرجو أن يكون جواب السؤال الأول مناسبا وأن تكون قد قمت بممارسته
2- نقاط قوتك تتضمن مهاراتك وقدراتك وتشملن كافة الأنشطة التي تستمتع كثيرا بممارستها بينما نقاط ضعفك تتمثل في كل ما تفر منه من أعمال ووظائف؛ ابدأ تقييما تسترجع فيه خبراتك السابقة وإنجازاتك وجميع المهام التي نجحت في إتمامها ونالت قبول واستحسان العملاء؛ فهذه نقاط قوتك التي ينبغي أن تقوم بالبناء عليها وأما نقاط ضعفك، فتتمثل في سائر المهام التي سبق لك القيام بها ونالت انتقادا من قبل الآخرين؛ نقاط الضعف من المحال أن تصير نقاط قوة لكن تستطيع أن تصل بها إلى حد أدنى؛ حاول تماما أن تخفي نقاط ضعفك واحذر معرفة الآخرين بها لأنهم إن استكشفوها، قد يستثمرون ذلك لإيذاءك؛ اكتب قائمة بما تتقنه من مهارات وما تود تعلمه مستقبلا وقائمة أخرى بها الأمور التي تشعر بأنك تعاني عند تأديتها وابذل جهدك لتلقي تدريب يقلل من حدة هذه الأمور
3- قراراتنا تتبدل باستمرار وفقا لمراحل أعمارنا كما أن ما نشهده من تجارب يتغير كذلك، باختلاف المكان وبتغاير الأشخاص لكن تظل القرارات الأكثر أثرا كونها نابعة منا ولذلك، نحن مسؤولون عنها وأما ما نشهده من تجارب وسياقات موقفية، فإنها تأثيرات خارجية افتقرنا نحن لصناعتها ولذلك، آثارها محدودة
شكرا على مبادرتك القيمة أخي محمود ..
لدي أسئلة بخصوص الحصول على شهادة معتمدة معترف بها دوليا في إدارة الموارد البشرية :
أولا : ما هي الجامعات أو المعاهد التي تمنح شهادات معترف بها ؟ و هل تدعم نظام التعليم الذاتي عن بعد ؟
ثانيا : جامعات تقدم جودة في التدريس و اختزال للوقت و تدعم اللغة العربية و تقدم شروحات مصورة ؟
ثالثا : ما هي نسبة الطلب على خدمات إدارة الموارد البشرية في وطننا العربي ؟
رابعا : هل تنصح الشباب بتحصيل شهادة في هذا المجال أو لا ؟
خامسا : ما هي المهام التي يقوم بها مدير الموارد البشرية ؟
سادسا : بعد تحصيل شهادة معتمدة هل هناك مؤسسات عربية أو شركات تنصح بها ؟
أهلا بك، أخي الحبيب
1- كل الجامعات لها درجاتها المعترف بها وفي الجزائر، هناك الكثير من الجامعات المتميزة وجميعها لها شهاداتها المعترف بها وأما إن كنت قاصدا التعلم بجامعات رقمية، فهناك الكثير منها ما يلي
Cornell University
University of Georgia
University of Washington-Seattle Campus
2- هناك جدامعات كثيرة تتيح درجة بالموارد البشرية وتكون شروحاتها باللغة العربية منها
جامعة أبي ظبي الإماراتية
جامعة الأردن
جامعة اليرموك
جامعة الإمام؛ عبد الرحمن بن فيصل السعودية
3- وظائف الموارد البشرية من بين الأعلى إقبالا ووفرة في سائر الدول العربية؛ تبلغ النسبة ما يتجاوز 50% وهذه نسبة بالغة الارتفاع مقارنة بدول أخرى كالولايات المتحدة حيث نسبة الإقبال بالوظائف 37%
4- أنصحهم جميعا بذلك لأن مجال الموارد البشرية متطلب بالغ الأهمية وسيجدون من خلاله مكانا مرموقا بين أقرانهم؛ فوفق أحصائية صدرت عن المعهد العربي في علوم الموارد البشرية، 66% ممن يحمل شهادة بعلوم الموارد البشرية حاز وظيفة دائمة من خلالها
5- مهماته مختلفة لكنها تشتمل على 6 وظائف رئيسية (إدارة العمل وتسير المناخ الثقافي، تخطيط المهمات، صياغة الاستعاضات وحوافز العاملين، تعيين المهارات واستقطاب المواهب وفي الختام، الإشراف نوعا ما على سياسات الأمن الصناعي)
6- شركات عديدة منها ما يلي
Sonatrach الجزائرية
Chevron الجزائرية
Sonelgaz
وغيرها
التعليقات