حسابي

بحث

القائمة

Moon Light

38 نقاط السمعة
782 مشاهدات المحتوى
عضو منذ شهران
3

سلطة الزمن

في زحمة الحياة، نردد كلمة "إلى اللقاء" وكأنها وعد حتمي، بينما الحقيقة أن اللقاء القادم ليس مضمونًا. نتوهم أن الوقت ملكنا، نتصرف وكأننا قادرون على إيقافه أو تأجيله، لكن الوقت دائمًا هو المتحكم. هو الذي يترك بصمته على أجسادنا وأرواحنا، يجعلنا نكبر، نترهل، ونصطدم بحقيقة الفناء التي لا مفر منها. نعيش أحيانًا في وهم أن لدينا متسعًا من الوقت، فنؤجل المشاعر والكلمات، نؤجل العناق والاعتذار، حتى يأتي يوم ونكتشف أن ما فات قد فات. يأتي الندم متأخرًا على كلمات لم
2

وجع الندم

الندمُ لصٌ يسرق راحة الروح بلا استئذان، يتسلل إلينا في أعمق اللحظات، حيث نظن أننا تجاوزنا كل شيء. لكنه هناك، متربصٌ بنا عند أول سكون، يُحيي التفاصيل المنسية، يعيد ترتيب المشاهد في رؤوسنا، ويرسم سيناريوهات بديلة لا وجود لها إلا في وهمنا. هو الألم الذي يتفوق على الخيانة والفقد، لأنه لا يحتاج إلى أحد ليجرحنا، فنحن بأنفسنا نصدر الحكم، ونجلد أرواحنا على ما كان وما لم يكن. الندمُ أبوابٌ مغلقة، ومفتاحها ضائع في زمنٍ لا يعود، فكلما فتّشنا عن فرصةٍ
6

حين يعلمنا الشقاء…

بعض الحقائق لا تطرق أبوابنا برفق، بل تأتي مع الريح، مع الانكسارات التي لا نستطيع تفاديها، مع الأوجاع التي لم نحسب حسابها، فنخرج منها أعمق، أكثر فهمًا، وأشد صمتًا. أدركتُ أن الحداد ليس لونًا نرتديه، بل طريقة جديدة نرى بها الأشياء. قد يكون في نظرتنا للأماكن التي كانت تنبض بنا وصارت باردة، في تفاصيل اعتدناها ولم نعد نشعر بها، في ضحكاتنا التي تخرج خالية من الروح، كأنها واجب أكثر منها شعور. قد تكون قلوبنا في حداد، ولا أحد يدري. تعلمتُ
3

عجيب امر رمضان

من منا لا يشعر في رمضان أنه غارق في المهام، محاطٌ بالتفاصيل التي لا تنتهي؟ بين العمل والعبادة، بين إعداد الموائد ولمّ الشمل، بين السعي لإنجاز ما علينا، والرغبة في استثمار هذا الشهر كما ينبغي. تمتلئ أوقاتنا، نعم، لكن العجيب أن أرواحنا رغم كل هذا تمتلئ أيضًا بالسكينة.   وكأن هذا الزحام ليس عبئًا، بل ترتيبٌ خفي يجعلنا أكثر قربًا من أنفسنا، وأكثر شعورًا بقيمة الأيام. في رمضان، نتعب نعم، لكننا نرتاح، ننشغل لكننا لا نضيع، نركض بين المهام، لكن أرواحنا
7

حين يكون التجاهل سلاحًا

تقول أجاثا كريستي في إحدى رواياتها: "قد أكف عن أي شيء إلا عن سرعة إدراكي، أُدرك كل شيء يحدث حولي.. أفهم، ألاحظ، أنتبه، ثم ألتزم دور المغفل." ما أعذب دور المغفل حين يكون اختيارًا، وحين تكون خلفه عينٌ تلتقط التفاصيل، وعقلٌ ينسج الحقائق في صمت. فليس كل صامتٍ غافل، ولا كل غافلٍ حقًا لا يدرك. أحيانًا، يكون التجاهل حكمة، والصمت سلاحًا، والتظاهر بعدم الفهم ذكاءً يُجنبنا معارك لا تستحق أن نخوضها. ثمة أمور لا تُردّ إلا بعدم الرد، وبعض الانتصارات
3

حين يكون شريك الحياة سكنًا للروح

أهم ما في رفيق الحياة أن يكون ملاذ روحك حين تضيق بك الدنيا، أن يكون السكينة التي تلجأ إليها عندما تتكالب عليك الأعباء، فتشعر بجواره وكأن حمل العالم قد انزاح عن كاهلك. أن ترحل إليه مثقلًا بالهموم، فتعود خفيفًا كأنك لم تحمل يومًا شيئًا. شريك الحياة الحقيقي ليس فقط من يشاركك الأيام، بل من يكون جليسك النفسي، وطنًا تؤوب إليه مهما بعُدت بك المسافات، ويدًا تمتد لك حين تتعب، فيمنحك الطمأنينة دون أن تطلب، ويكون لك سكنًا حيث لا سكن،
2

حين يصبح الممكن مستحيلًا: خذلان الذين كان يمكنهم أن يكونوا الخير

لا شيء يجرح أرواحنا بعمق مثل أولئك الذين كان في وسعهم أن يكونوا نورًا في حياتنا، فاختاروا أن يكونوا ظلًّا قاتمًا. الذين امتلكوا القدرة على منحنا دفئًا، لكنهم نفثوا فينا برد الخذلان. كان بإمكانهم أن يكونوا فرحًا يسكن الذاكرة، لكنهم أصبحوا ندبة لا تندمل، وصدىً لخيبةٍ ما زالت تتردد في أعماقنا. هؤلاء لا يؤذوننا فقط بما فعلوه، بل بما امتنعوا عن فعله، بما حُرمنا منه رغم أنه كان بين أيديهم، فاختاروا ألا يمنحوه.
3

رمضان شهر تهذيب الأرواح وترويض النفوس

رمضان ليس مجرد شهر صيام، بل هو ميدان رحب نُدرّب فيه ذواتنا على الصفاء والتسامح، فننفض عن قلوبنا غبار الأحقاد ونرويها بنور الرحمة. عندما نصنع معروفًا، حتى لمن لا تربطنا به صلة، فإننا نغرس بذور الخير في أرواحنا قبل أن تنبت في أرواح الآخرين. فالكرم، ذاك النور الذي يضيء دروب الإنسانية، لم يكن يومًا مجرد عطاء مادي، بل هو سخاء في الشعور، اتساع في الصدر، ومصافحة للقلوب قبل الأيدي. أسلافنا، الذين فهموا جوهر العطاء، لم يروا في إخراج الزكاة فضلًا،