هل جربتِ الغوص من قبل؟ حتى لو لم تفعلي، لا أعتقد أنكِ بحاجة إلى ذلك لتفهمي الشعور—ذلك المحيط الذي يبتلعكِ، حيث تُجبرين على الغوص حتى الاختناق، ثم يُخرجونكِ، لا ليتركوكِ حية ولا ميتة، بل عالقة بين الحالتين. في تعليقاتي الأولى، كنت أحاول فهم ظروفكِ بشكل أعمق، لكن رؤيتي كانت محدودة، خاصة في بيئة عامة كهذه. لم أكن أرغب في تقديم نصيحة سطحية أو مشورة غير مدروسة دون أن أدرك تمامًا ما تمرين به، ولهذا أعتذر إن بدت كلماتي في البداية
1
لديك نقطة، ولكن لكل جواب مقامه، تمامًا كما ورد في حديث النبي ﷺ، عندما سأله أحدهم عن أفضل الأعمال، فأجابه بالصلاة، بينما أجاب آخر بالجهاد. هذا يدل على أن الإجابة ليست واحدة لكل الناس، بل تعتمد على حالة السائل واحتياجه الحقيقي في تلك اللحظة. الشخص المذكور في المنشور ليس مجرد فرد يبحث عن إرشاد، بل هو طفل نشأ محرومًا من الاهتمام، لم يجد في محيطه من يفهمه أو يوجهه، حتى وجد ذلك عند شخص يكبره سنًا ومن الجنس الآخر. هنا
أفضل الحياة في الريف، حيث الهدوء البسيط الذي يمنحني راحة من ضغوط الحياة السريعة. هناك شيء خاص في الجبال، عندما تكون محاطًا بالطبيعة، تجد في كل زاوية لحظة سلام. البساطة التي تميز الحياة هناك تجعلني أعيش في تناغم مع نفسي ومع البيئة. الريف يعطيني فرصة للاسترخاء، للاستمتاع بالصمت، والشعور بأن الزمن لا يركض سريعًا. بينما المدن تقدم فرصًا، إلا أنها تستهلك طاقتي وتضيع وقتي في زحامها، بينما في الريف، كل لحظة هي فرصة لتقدير الحياة،ولكنها حياة رفاهية للكثيرين منا فبدون
لم أكتب هذا المنشور بحثًا عن الشفقة أو لأبرر لنفسي الاستسلام. لو كنتُ شخصًا مستسلمًا، لما جرّبت عشرات الطرق لكسب المال في هذا العمر، ولما تعبت في تعلم اللغات والمهارات بمفردي، ولما كنت أكتب هذا المنشور أصلًا، بل كنت سأقبل بوضعي كما هو وأتوقف عن المحاولة. لكن مشكلتي أنني لا أعرف من أين أبدأ، لا أنني لا أريد البدء. ماذا أقول؟ إما أنكِ لم تفهمي نصف ما كتبت، أو أنكِ لم تمنحيه الوقت الكافي لاستيعاب أهم نقاطه. لم أقل إنكِ
حين تكون العلاقة بين فتاة وأخرى، قد يكون ذلك حلًا؛ فالتقارب في التجارب والمشاعر يجعل الفهم أسهل والدعم أكثر صدقًا. وكذلك الأمر بين رجل وآخر، حيث يمكن أن يكون هناك نوع من التوجيه القائم على الخبرة المشتركة والمسار المشترك في الحياة. لكن حين يكون الأمر معكوسًا— وخاصة حين تكون الفتاة هي الطرف الذي يبحث عن التوجيه والرجل هو المرشد—فإن الخط الفاصل بين الدعم والاستغلال يصبح أكثر هشاشة. في كثير من الأحيان، لا تكون هذه العلاقة كما تبدو في ظاهرها؛ فقد
بالمناسبة، واضح أنني قد قسوت عليك، ولكن كان ذلك بدافع الرغبة في مساعدتكِ بشكل عملي، لستِ بحاجة لمزيد من الكلمات اللطيفة فقط، بل لتوجيه يخرجكِ من دائرة التردد والقلق. أريدكِ أن تدركي أنكِ تملكين القدرة على الخروج من هذا الوضع، ولكن فقط عندما تواجهين مشاكلكِ بوضوح وتعملين على تجاوزها بطريقة عملية. لم يكن قصدي أن أجرحكِ، بل أن أكون صريحة بما يكفي لأنني أؤمن بقدرتكِ على التغيير.
أخيرًا، أنا لا أشفق على نفسي، بل أبحث عن طريق للخروج من هذا الوضع، وأحاول أن أرى الأمور بوضوح. أنتِ قلتِ إن الحياة ليست عادلة وتعطي الفرص لمن يصنعها، وأنا أحاول أن أصنع فرصتي، لكنني بحاجة لمن يساعدني في رؤية الطريق. بل تفعلين، حتى وإن لم تقصدي ذلك. لو كنتِ ترين الأمر بوضوح كما تقولين، لكان ردكِ أكثر تحديدًا، مثل: "جربتُ هذا ولم ينجح، ثم جربتُ ذلك لكنه لم يكن مناسبًا"، بدلًا من الحديث بشكل عام عن صعوبة إيجاد الطريق.
بخصوص المواهب، لم أقل يومًا إنني لا أريد استغلالها، بالعكس، أنا أبحث عن طريقة لجعلها مصدر دخل حقيقي، لكنني لا أعرف كيف أصل إلى ذلك. نصائح مثل "افتحي قناة"، "قدمي في المسابقات"، "اكتبي كتابكِ وبِيعِيه" كلها تبدو جيدة نظريًا، لكن التطبيق الفعلي أصعب مما تتخيلين، خاصة عندما لا يكون لديكِ توجيه أو دعم. لذلك، بدلاً من تقديم اقتراحات عامة، لو كنتِ تعرفين خطوات عملية فعلية يمكنني اتخاذها، فستقدمين معروفا لن انساه. ألم تقولي إنكِ تستعدين للاستقلال بنفسكِ؟ هذا بحد ذاته
كلامكِ عن العائلة وكأنه "اختبار يجب تحمله" ليس حلاً. أعي تمامًا أن هناك من هم في ظروف أسوأ، لكن المقارنة لا تحل المشكلة كما قلتي، بل تجعلها أكثر تعقيدًا. و أنا لا أبحث عن مبررات لأستسلم، بل عن حلول تجعلني أستطيع التحمل دون أن أفقد نفسي في الطريق. هنا أيضاً لم أقل إن عليكِ التحمل والصبر فقط، بل قدمتُ حلولًا عملية أيضًا. على سبيل المثال، ألم أقل إن عليكِ الاستلقاء والتأوه؟ كان قصدي واضحًا: بدل أن تجهزي نفسكِ كل صباح
كلامكِ عن المدرسة ليس دقيقًا. مشكلتي معها ليست مجرد "رفاهية عدم الالتزام"، بل خوف يومي حقيقي. أنا لا أكرهها فقط لأنها مملة أو مقيدة، بل لأنها مكان يجعلني أشعر بالضعف، بالخوف، بالعجز. التنمر، الشعور بعدم الانتماء، الإجبار على التظاهر بأنني شخص آخر ... كل هذا ليس مجرد كسل أو تمرد على النظام، بل شيء يؤثر على حياتي بالكامل. عن المدرسة، ألم أقل إن عليكِ طلب المساعدة، حتى لو كان ذلك محرجًا أو صعبًا؟ انظري حولكِ، أؤكد لكِ أن ليس الجميع
يا صغيرة! انظري، لديكِ بالفعل ظروف سيئة، ولكن لديكِ أيضًا نوع من الغرور، وربما بعض الإحباط. لا بأس، هذا طبيعي في وضعكِ، لكن عليكِ أن تفكري بواقعية أكثر. المنزل ليس مجرد جدران وسقف، بل هو اختبار. إما أن تعيشي فيه بنعمة وتقدير، أو بعذاب وصبر، وقد كان حظكِ هو الخيار الثاني. لكن أخبريني، هل تعتقدين أنكِ الوحيدة؟ هناك من عاشوا في منازل أشبه بالجحيم، وفي شوارع تعجّ بالضواري، ومدارس لا تستحق حتى التعليق. ومع ذلك، لم يتوقفوا. احمدي الله على
عندما يكون أداةً لإدارة الموقف بحكمة، عندما يمنحنا مساحة لتحليل الأمور واتخاذ القرار الصحيح بعيدًا عن الانفعال. يكون ذكاءً حين يحفظ كرامتنا، حين نجنب أنفسنا معارك لا تستحق، أو عندما ندرك أن الطرف الآخر لا يبحث عن فهمٍ بل عن جدل عقيم. أما حين يكون الصمت تراجعًا عن موقف يستحق الدفاع عنه، أو خوفًا من قول الحقيقة، أو تفاديًا لمواجهة ضرورية، فإنه يتحول إلى هروب قد يكلفنا أكثر مما نتوقع.
رمضان هو فرصة لنا لنتعرف على أنفسنا بشكل أفضل، لنتعرف على قوتنا وضعفنا، لنتعرف على ما نريد تحقيقه وما نريد تغييره في حياتنا. رمضان هو فرصة لنا لنتغلب على عاداتنا السيئة ونطور عادات جديدة إيجابية. والمصيبة أنه صار في زماننا مجرد محطة مؤقتة، وليس فرصة لتغير بشكل دائم. ليتنا نجعله فرصة لنا لنتعلم كيفية التحكم في أنفسنا، كيفية التغلب على رغباتنا، وكيفية العيش بشكل أكثر إيجابية. شكرًا لك على هذه المشاركة الجميلة! أتمنى لك رمضانًا مباركًا ومليئًا بالبركات!