في العالم الواقعي طوّر الإنسان نظاماً أخلاقياً وقانونياً لحماية نفسه من السرقات، لكن ماذا عن العالم الافتراضي؟ والأهم قبل كل هذا، هل تُعتبر هذه القرصنة أمر غير أخلاقي بالنسبة للشعوب العربية؟ 

نسمع دائماً وسمعنا مؤخراً أن هُناك ملايين الناس تنتظر عمل الـ house of dragon الذي يُعد مُتصلاً بسلسلة الدراما الأهم game of thrones حتى ينزل على مواقع القرصنة ليتم تحميله بشكل غير قانوني من قبل الـ ملايين حرفياً! أي أنّهم جميعاً سيتجاهلون حقوق الملكيّة لمتابعته، لكن هل هُم بذلك يتجاهلون الأخلاق أيضاً حتى بالنسبة للحالة العربية؟. 

قد يبدو الموضوع الأن كإجابة أنّها سهلة، بالطبع غلط!

لكن أنا أعتقد أنّ هذا الموضوع بالذات يتحوّل إلى أمر مقبول اجتماعياً في مجتمعاتنا العربيّة تماماً كمقبوليّتنا لحالة الطلاق الذي يُبنى بفوضوية، ليس أمراً جلل قد نُفكّر به! لهذا الأمر أخلاقياً في الكثير من القيل وقال والكل غالباً يعتبر نفسهُ محقاً في مطالبه وخاصّة تلك الدول التي تُحرم من هذه المنصّات أصلاً كـ سورياً مثلاً. 

ولكن ما الضرر الذي يمكن أن تُسببه هذه السرقة "القرصنة" فعلاً؟ 

  • الملكيّة الفكريّة: أضرار تعود على صُنّاع العمل ومُبدعيه، كل منتج سواء كان حديد أو معمل ألعاب أو نجار، هو يشتغل ويقوم بعمله بتفنن ومزاج عالي من أجل أن يُقابل هذا الاحسان بالمال كقيمة مساوية، القرصنة تُهين جهود الناس وأفكارهم وأعمالهم، يأخذ شهورهم من العمل الجادّ بساعة من التسلية الغير قانونية ولا أخلاقية!
  • تقليص أحجام صناعات بالمليارات!: الإقدام على هذه الأفعال الأن يجعلم من الصعب مثلاً على الشركات الناشئة المصرية لانتاج الأفلام من المُنافسة العالمية بسبب محدودية الإيراد المُعتمد على السينما وهذا يعني أوضاع اقتصادية أصعب لأشخاص يصنعون فنوناً نُحبّها!
  • مجتمع بفن أقل: يشتكي العرب يومياً مسألة تناقص وفجوة الفن بين الفيلم العربي والفيلم الأجنبي من ناحية الانتاج مثلاً متناسين عمداً أو سهواً المُمارسات الجائرة فعلاً بموضوع القرصنة الإلكترونية. 
  • مخاطر أمنية على المُقرصن ذاته: يعمل الكثير من هذه المواقع على إدماج ملفات فيروسيّة في مواقعهم لإلحاق الضرر المُتعمد بالمستخدمين، أظهرت الأبحاث أن مواقع القراصنة تعرّض المستهلكين لمخاطر أمنية مميزة. ومن أبرز هذه المخاطر أن تتضمن محتويات غير ملائمة للقاصرين أو برمجيات خبيثة يمكن أن تصيب أجهزتكم الحاسوبية. وفي وسع مرتكبي الجرائم الإلكترونية أيضا سرقة بياناتكم الشخصية ومشاطرتها مع مجرمين آخرين، مما يؤدي إلى الاحتيال في الهوية الشخصية أو سرقتها.
  • يُردد الانتربول مثلاً أنّ هناك نسبة لا يستهان بها من هذه المواقع يُكتشف عادةً بأنّها لمجموعات إجرامية تستخدم هذه العائدات الضخمة!

ولكن وبعد كُل ذلك، قد يتفق معي الإنسان الذي يخاف على جهود أخيه الإنسان بأنّ هذا عمل لا أخلاقي، لكن هل يُبرر بالحالة العربيّة بظل محيط يعوز للمال بشكل مرعب أحياناً وبأحيان أخرى أصلاً المنصّات تكون غير موجودة ببلده؟ 

لا شكّ أنّ للأمر ظاهرياً الكثير من المُبررات المُحقّة، لكن يسأل أحدهم: هل نحن مضطرين على السرقة؟. إننا نغفر لأولئك الذين يسرقون دواء أو طعام..

لكن ماذا عن أولئك الأشخاص الذين يقرصنون عملاً فنياً؟ فيلماً! 

هل نحن برأيك مضطرين كبشر بشكل عام وعرب بشكل خاص على سرقة من هذا النوع؟