فلنتخيل أنني أمشي في الشارع ورأيت رجلاً يصيح في زوجته. قد أعتقد أن من طبعه الغضب وأنّه يصرخ دائمًا على الناس، ولكن إذا سنحت لي الفرصة لمعرفة المزيد عن الموقف، فقد أنسب سلوكه إلى أمر آخر غير الذي افترضته في البداية. على سبيل المثال، قد يتبين لي أنّ زوجة الرجل أخبرته للتو أنها ستتركه وأن غضبه كان بدافع الحزن!

لماذا نميل إلى تفسير نجاح طالب في الاختبار بذكائه وليس لأنه اجتهد في تحصيل دروسه؟

قد نميل إلى تفسير تأخر زميلنا إلى العمل بأنه "كسول" وليس لأن سيارته تعطلت مثلًا أثناء قدومه.

كانت هذا أمثلة من الواقع على على نظرية العزو (الإسناد) الشهيرة في علم النفس الاجتماعي والتي تتناول كيفية إصدار الناس للأحكام عند رؤيتهم لسلوكٍ ما. وفقًا للنظرية فإن الأشخاص يقومون بذلك من خلال النظر في ثلاثة عوامل:

  • الإجماع: ما مدى شيوع السلوك؟ إذا كان معظم الناس يتصرفون بنفس الطريقة في نفس الموقف، فمن الأرجح أن نعزو السلوك إلى عوامل خارجية.
  • التميز: إذا كان الشخص يتصرف بهذه الطريقة فقط في مواقف معينة فمن الأرجح أن نعزو السلوك إلى عوامل داخلية تسببت في حدوث الأمر.
  • الاتساق: بمعنى أن نسأل: كم مرة يتصرف الشخص بهذه الطريقة؟ إذا كان الشخص يتصرف بهذه الطريقة باستمرار فمن الأرجح أن نعزو السلوك إلى عوامل داخلية.

في مثال الرجل الذي يصرخ على زوجته سيكون عامل الإجماع ضعيفًا لأنه لن يتصرف الكثير من الناس بهذه الطريقة في الأماكن العامة. سيكون عامل التميز منخفضًا أيضًا، ربما يتصرف الرجل بهذه الطريقة في مواقف أخرى أيضًا. سيكون عامل الاتساق مرتفعًا وسنميل بشدة إلى تفسير الأمر بأن هذا الرجل صرخ على زوجته من قبل، وسيفعل ذلك مرة أخرى غالبًا في المستقبل. هنا سنقبل إسناد سلوك الرجل إلى عوامل داخلية، كشخصيته أو علاقته بزوجته، بالرغم من أن العوامل الخارجية هي أيضًا احتمال وارد ولكننا -على الأغلب- لن نلتفت إليها.

كيف ينعكس تطبيق النظرية على تعاملاتنا مع الآخرين؟

تفسير سلوكيات الآخرين قد يحمل قدرًا من التعقيد، ولكن يمكن اعتبار هذه النظرية أداة مفيدة لفهم سبب تصرفات الناس من حولنا وتجنب الإسراع في إطلاق الأحكام وفهم كيف يفسر الآخرون سلوكياتنا فنشرح نوايانا أو نبرر الأمر، وكل هذا في النهاية من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق تواصل فعّال.

بعد معرفتكم بهذه النظرية، أخبروني علامَ تعتمدون في تفسيركم لسلوكيات الآخرين وتصرفاتهم للوهلة الأولى؟