اضطراب الوسواس القهري / OCD .. هل يستمر مدى الحياة وكيف نتخلص منه؟

لدي أحد الأقارب من جهة الأم يعاني من هذا الأمر على صعيد النظافة الشخصيّة. والأمر واسع التأثير مع هذا الرجل إلى درجة أنه يستبدل صابون اليدين 3 أو 4 مرّات يوميًّا، حيث أنه لا يستخدم الصابون إلّا في حالتها الجديدة. ويرفض عادةً أن يستكمل يومه بصابونة واحدة أو حتى اثنين.

في هذا الصدد، لم أكن أنتبه إلى التأثير الذي تقع حياته تحته على إثر هذا المرض. الأمر يمتد إلى ما هو أبعد من عذابه الشخصي. فهو يفقد الكثير من صداقاته، ويتسبّب له هوس النظافة بالكثير من المشكلات الأسريّة، بالإضافة إلى أنه أصيب بحساسيّة على جلد اليدين والقدمين نتيجة للغسل المتكرّر. إن الأمر أبعد بكثير ممّا نظن.

ما يزعجني في الآونة الأخيرة هو التشدّق بمثل هذه المصطلحات على سبيل الدعابة وعلى سبيل المعرفة الكاذبة، في حين أنها مصطلحات خطيرة لا يقوى أحدنا على مقاومتها بنفسه دون مساعدة المختص.

وفي هذا الصدد شاركوني تجاربكم مع اضطراب الوسواس القهري ؟وكيف يمكننا تجنبه؟

لي أحد في العائلة يعاني من الوسواس القهري والصراحة لم نجد له حل، الأفكار المتكررة بأن الكل يكرهه ويتحدث عنه، أنه غير مقبول وسط العائلة وبسبب هذه الأفكار القهرية هرب العديد من المرات خارج المنزل ويترك العائلة تبحث عنه، حاولنا أخذه لطبيب نفسي وطبيب أمراض عقلية لكن بسبب الأفكار في راسه لا يمكنه المتابعة معهم ويرى أنهم يخدعوه فقط، ولحد اليوم هو على نفس الحالة.

وفي هذا الصدد شاركوني تجاربكم مع اضطراب الوسواس القهري ؟وكيف يمكننا تجنبه؟

هناك خاطرة خطرت لي وأنا أقرأ مشاهمتك يا محمود ألا وهي أًنً ذلك الوسواس القهري ليس مستحدثاً؛ يمعنى أنه كان يعاني منه الناس قبل ذلك ولكن كوننا ظللنا نتحدث عنه وكون علم النفس صنفه على أنه مرض فنحن نقلق أكثر و نمرض أكثر بسبب ذلك وليس بسبب الوسواس القهري نفسه!! لأوضح لك بمثال. عمتى رحمها الله كانت تبالغ في تنظيف الأطباق و الصحون وكانت لا تأمن حتى ان يغسل واحدة من زوجات أولادها جميعاً أن تغسل لها كوب الشاي!! كانت لابد أن تفعل هي بنفسها وفي كل مرة!!! كانت تلك الصفة شائعة عنها في أوساطنا غير أننا كنا نعاملها بصورة عادية ولم يكن أحد من ابنائها يقول لها أنها موسوسة قهرياً وأنها مريضة وهكذا....لا كانت طبيعية جداً غير أن تلك الصفة كانت زيادة عندها عن كل الناس. كذلك كل الفوبيات فقد كانت موجودة ومنذ الأزل هناك من يخشى المرتفعات وقد يغمى عليه لو صعد هناك. ولكن الفرق أن أحداً لم يشخصه و يصمه بانه مريض وهذا هو الفرق في عصرنا. فنحن نخشى أن تلك بنا تلك الصفات لأنها وصمة عار لا نحبها وتشعرنا بالشذوذ و بالتالي بالقلق من ذلك وذلك شعور غير مريح جداً. أنا نفسي لا أصعد الأسانسير و أخشاه جداً ولكني أتقبل ذاتي هكذا وأعتبر ذلك ليس مرضاً وأنما جزء من طبيعتي.

لا يستمر اضطراب الوسواس القهري مدى الحياة، لإنها بكل تأكيد حالة صحية عقلية يمكن علاجها بشكل فعال بالأدوية. لا يوجد علاج واحد يناسب الجميع لمسألة اللوسواس القهري، ولكن العلاجات الأكثر فعالية هي العلاج السلوكي المعرفي والأدوية. يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص على تحدي الأفكار الوسواسية وتطوير آليات التأقلم للتعامل مع الدوافع التي تنتج هذه الأفكار والسلوكيات، يمكن للأدوية أن تساعد في تقليل أعراض الوسواس القهري.

مع العلاج يمكن أن يشعر معظم المصابين بالوسواس القهري بتحسن كبير في أعراضه، في بعض الحالات يمكن علاج الوسواس القهري تماماً وبوقت قصير نسبياً. على أنّهُ طبعاً من الجدير بالذكر أنّ هُناك حالات قد تبقى سنين قبل أن يُتمكّن من علاجها.

ذكر لي أحد أصدقائي مرة عن حالة شبيهة في منزله، وكانت لا تلمس حتى مقابض الأبواب سوى بمناديل ثم تلقي المناديل في القمامة، وتغسل مقابض الصنابير قبل إغلاقها، وتغسل الصحون والأكواب التي تتناول طعامها وشرابها فيها بنفسها حتى تصبح كالمرآة!

أصابها ذلك بضيق شديد ونوبات قلق، إلى أن استعانت بأخصائية نفسية متخصصة في العلاج السلوكي، وهي الآن أحسن حالاً بكثير وتحسنت حالتها عن ذي قبل..

لقد اتبعت معها الأخصائية أسلوباً عملياً يتضمن التعرض لبعض المخاوف بشكل مباشر ومشاهدة النتائج بشكل فعلي أنها لا تسبب أي أذى، والارتقاء بمستوى الصدمة شيئاً فشيئاً حتى لا يكون هناك أي حاجز نفسي بين الشخص وما يخشاه.

فالحل الطبي النفسي هو أحد أنجح الوسائل في نظري للتغلب على حالات الوسواس القهري.

جميل جدا

الحمد لله أنني لاأعاني منه