لاحظت مؤخراً كثرة الحديث على مجتمعات ريادة الأعمال عن انخفاض ولاء الجيل الجديد من الموظفين للشركات. يبدو أن هؤلاء الموظفين يبحثون دائماً عن تجارب مهنية متنوعة وفرص نمو أكبر، مما يجعلهم أكثر استعداداً للانتقال بين الشركات لتحقيق هذه الأهداف. مثلاً، حكى لي أحد المدراء عن حالة لموظفة في شركة كبرى بمصر، تم استقطابها من قَبَل أحد المنافسين وقدمت له تقريباً أسرار الشركة مقابل عرض مغرٍ. الأمر يدعونا للتفكير: هل هذا التحول ناتج عن تغيرات في أولويات الجيل الجديد، أم أن الشركات بحاجة لإعادة النظر في طرق الاحتفاظ بالموظفين؟
الجيل الجديد من الموظفين أقل ولاءا للشركات. تتفق أم تختلف؟
الشركة التي تقدر موظفيها سيفكر الموظفون قبل الذهاب منها ألف مرة قبل قبول عرض من شركة أخرى.
أما إذا كانت الشركة ليست لديها ولاء للموظف، فبالتبعية الموظف لن يكون عنده ولاء لها، وهذا حقه.
لقد قرأت مساهمتك التي كتبتيها منذ سنة بخصوص هذا الموضوع وأرى أن الأمر تغير تماما بعد مرور سنوات من الجائحة، ففتح الفرص للمنافسة العالمية أكثر جعلت هناك التطلع من الشباب المتحمس للاكتشاف والتجربة فحتى لو كانت شركته تقدره وتعطيه مزاياه وأكثر؛ هو يرى في الأُفق البعيد شركة أخرى تقدم أضعاف هذه المزايا وقد تكون من المنافسين.
مثل بعض لاعبي الكرة مثلا، هل وجدتي يوما أحد لاعبي النادي الأهلي يلعب في نادي آخر داخل مصر، ولكن هذا عبد الله السعيد مثال حي على ذلك فهو لا يقدر روح الفنلة الحمراء أكثر من الأوراق الملونة.
هذا فقط مثال تقريبي لما يحدث في الشركات.
لا ينطبق هذا على الجميع، إذ أنني أعرف الكثيرون ممن يتسمون بالجدية ويرغبون في إثبات قدراتهم في العمل بأي شكل، وفي نفس الوقت ألاحظ وظائف هذه الأيام التي أتعجب كثيرًا من ضعف رواتبها بالنظر إلى متطلبات العمل، لذلك أرى أن الشركات هي التي تحتاج لإعادة النظر في الأمر، وذلك عن طريق خلق بيئة عمل صحية وجعل ساعات العمل تتناسب مع قيمة الرواتب الشهرية، وكذلك الاهتمام بتشجيع الموظفين بالحوافز والتقدير المعنوي وغيرها من الطرق.
أنا أتفق معك يا بسمة بخصوص الشركات التي تقلل من الرواتب في أي صناعة، لكن ماذا لو كانت الشركة مثلا تعطي راتب جيد في الصناعة في بلد معين ومنافسها في بلد آخر ويعرض ميزات أفضل بحكم السوق الذي فيه.
أنا مثلا تعرفين من كتاباتي حجم تقديري لزملائي ومع ذلك كل منافسي شركتي هم بوادي السيليكون ولا أستطيع منافستهم حاليا بأي حال من الأحوال لا في الرواتب أو المزايا. أليس من الممكن أن يتخلى عني موظفيني الأكفاء بعد أن علمتهم ودربتهم وأعطيتهم كل هذه الامتيازات فقط بسبب 200 دولار زيادة على الراتب؟
بواقعية، ما الذي تقدمه الشركات الآن لكسب ولاء الموظفين. من بداية التعامل مع الhr، ويتضح للموظف أنه بلا قيمة للشركة، وأنه لا يهمهم أمره، ولو حدث منه أي خطأ، سيتخلصون منهم بأسرع وقت. الشركات الآن إلا من رحم ربي يعملون بالنصب، ولا يريدون تسجيل الموظف في التأمينات لحرمانه من ذلك الحق: حق العلاج، والأجازات، وغيره.
السؤال: من لا يرغب بأن يكون وضعه مستقرا؟ لا أحد؛ الاستقرار أحد أقوى الاحتياجات الإنسانية. أرى أن ما يفعله الموظفون رد فعل منطقي ومفهوم على ما يفعله الشركات.
أنا أعلم جيدا بكل هذه الممارسات الملتوية للتحايل على القانون؛ لكن هناك أيضا يا هاجر شركات ملتزمة وتُظلم بسبب انعدام التكافؤ بينها وبين المنافسين خصوصا لو كانوا يلعبون في أسواق أكبر ولديها ناتج أسرع.
أفهمك، لكن هذه الممارسات شائعة جدا. وكثير من الصفحات التي أنضم إليها والمهتمة مثلا بتقديم نضائح للموظفين، تتجه لنصح الموظف بأن لا ينظر للشركة على أنها بيته، ولا يكون ولاؤه لها. وعند سؤالهم، تكون هذه اسبابهم في العادة.
التقدير طريق رايح جاي كما يقولون. السؤال: كيف تقنع موظفا أن ولاءه لن يُقابل بالجحود والإنكار؟ كثيرون من يجدون أنفسهم تم طردهم واستبدالهم بكل سهولة عندما بدأت الشركة الصغيرة تكبر، أو عندما يعلمون لعدة سنوات مع الشركة ويطلبون زيادة في المرتب. لا أعلم ما الحل صراحة، لكني أحاول التفكير معك. ربما تكون فكرة أن معظم قوانين العمل غير مطبقة هي جزء من المشكلة.
كثيرون من يجدون أنفسهم تم طردهم واستبدالهم بكل سهولة عندما بدأت الشركة الصغيرة تكبر
هؤلاء من يسمونهم الحرس القديم، ويلجؤون إلى ذلك خشية منهم من أن يفشي هؤلاء الموظفين بشيء من حالهم السابق كشركة صغيرة للموظفين الجدد أو ربما لكي يلغوا سيطرتهم باعتبار أنهم قدامى.
لكن هذا بالنسبة لي هراء: فلماذا أطرد شخص ساعدني حتى أكبر وقامت الشركة على كتفه إذا كان شخصا ليس فيه عيوب كبيرة مثل الطمع أو الغش والسرقة مثلا؟ أنا لدي موظفة هي حاليا عمود من أعمدة الشركة ومهاراتها ليست كبيرة لكني حاليا بما أننا نتوسع فأنا أفكر في تطوير مهاراتها بدلا من أن أجبرها على الاستقالة فأنا أؤمن بأن من وقف بجوارك وأنت لا تملك لا تخذله وأنت تملك.
هذه هي المشكلة. وعندما يشتكي هؤلاء يسخر منهم الناس قائلين: أنتم الذين بقيتم في مكان واحد، ولم تنتقلوا لذا تستحقون ما حدث لكم.
لكن هذا بالنسبة لي هراء: فلماذا أطرد شخص ساعدني حتى أكبر وقامت الشركة على كتفه إذا كان شخصا ليس فيه عيوب كبيرة مثل الطمع أو الغش والسرقة مثلا؟
جزاك الله خيرا على ذلك. فالناس لم تعد تقدر الأمانة التي هي أغلى من الذهب والفضة. مهما كبرت الشركة، يجب أن يقدروا أن هذا الشخص لعب دورا حيويا في نمو المكان، وازدهاره. حتى إذا أرادوا إقالته لسبب قهري، فليكن ذلك بطريقة داعمة، وجيدة، وليس كما أراه يحدث.
يجب الأخذ في الاعتبار أن الشركات قد تواجه قيوداً مالية أو إدارية تجعل من الصعب زيادة الرواتب فجأة، مع ضرورة الالتزام بالعقد الموقع بين الطرفين. تعليقك يلقي اللوم على صاحب العمل دون النظر إلى الجوانب الأخرى، مما يزيد التوتر بدلاً من حل المشكلة. بدلاً من التركيز على خيارين فقط، يمكن البحث عن حلول وسط مثل تقديم حوافز غير مالية أو تحسين الظروف على المدى الطويل.
لايوجد ولاء من الشركة للموظفين
فمثلا اذا كان الموظف لديه خبرة 5 سنوات، فمن المحتمل انه لم يحصل على اي ترقية او زيادة راتب مهما كان مجتهد، الا لو قرر الخروج وقرروا اعطاءه زيادة حتى يبقى! رغم انهم يعلمون اهميته وفائدته لهم بالمناسبة.
ونفس الشركة لو احضرت شخص بنفس الخبرة وبشكل جاهز، فانهم سيقدمون له راتب اعلى يغريه للانضمام
لذلك الولاء يكون بالانتقال من شركة لشركة حتى تحظى بولاء الشركة وتكسب زيادة في الراتب والترقية
من غير المنصف أن يقضي الموظف خمس سنوات من العمل الجاد دون ترقية أو زيادة في الراتب، ليجد نفسه مجبراً على التفكير في الانتقال للحصول على التقدير المالي المستحق. هذا التصرف يظهر قلة تقدير واضحة من قبل الشركات التي تعرف أهمية وفائدة الموظف لكنها تنتظر حتى يهدد بالرحيل لتقدم له ما يستحق. وفي الوقت نفسه، تُظهر هذه الشركات استعداداً لدفع رواتب مغرية لجذب موظفين جدد بنفس الخبرة. هذا السلوك يدفع الموظفين إلى التنقل بين الشركات سعياً وراء التقدير المالي والترقيات، مما يعكس غياب الولاء الحقيقي من الشركات تجاه موظفيها الحاليين. تحقيق التوازن بين تقدير الموظفين الحاليين وجذب الكفاءات الجديدة يتطلب من الشركات مراجعة سياساتها وتقديم الحوافز المناسبة لمنع فقدان المواهب.
التعليقات