كنا بنقاش البارحة مع صديقتي حول أنها تريد أن تفتح مشروع عربة طعام مخصصة بساندوتشات البطاطس وتستهدف بها طلاب المدارس والدروس في السناتر، أو طلاب الجامعة، هذا النوع من البطاطس عليه إقبال نوعا ما لدينا بمصر، وستفتح المشروع لأبنها لكي يكتسب به مهارات السوق ويخوض التجربة، فأخبرتها أن الأفضل أن يبدأ العمل لدى أي شخص في نفس القطاع ليفهم خبايا العمل، لفترة قصيرة ثم يبدأ بإدارة عمله الخاص، لكنها قالت ليس شرطا يمكنه أن يدير المكان حتى لو لم يكن لديه خبرة سابقة، ولكن لديه مهارات شخصية جيدة تؤهله، وهذا جعلني أتذكر المقولة أو المثل الشعبي لدينا الشغلانة اللي مشتغلتش فيها صبي مينغعش تبقى فيها معلم، وأردت معرفة رأيكم هل تأيدون هذه المقولة أم لا ولماذا؟
المهنة التي لم تكن بها صبي لن تكون بها معلم، مع أم ضد هذه المقولة ولماذا؟
هناك طريقين لتعلّم أي شيء، بتجربتي الخاصة أو بتجارب الآخرين، بحالة صديقتك سوف يعاني ابنها كثيراً في البداية من خسارات في العمل أو ضياع في الأوقات، سوف يدفع ثمن الخبرة من ماله ووقته بشكل مضاعف مما لو دفعه مقابل تحصيل هذه الخبرات من الآخرين. هنا تكمن فكرة الكورسات بالضبط، بأنها مساقات تجمع لنا كل أخطاء الآخرين بشكل مسار واضح يضمن لنا بحسب استيعابنا للطروحات أن نتجنّب مشاكل كثيرة لا حصر لها، بدمشق في بلدي هناك معهد يقوم بتدريس الشبّان هذه الأمور، من طبخ وشطائر ووجبات..الخ ويعلمهم كيف يفتحوا محلاتهم ومطاعمهم أيضاً، يدفعون أرقام عالية تقريباً بالتدريب ولكنهم بالمقابل ينطلقون مباشرةً بدون أي مشكلة نهائياً إلا ما ندر، انطلاقتهم تكون أشبه ب شيف مطعم متمرس. الخبرة تحصيلها إجباري، الخيار في الطريق فقط في تحصيل هذه الخبرة.
نقطة التعلم من خلال الكورسات برأيي لا يصلح بكل المجالات، إلا لو كان الكورس به تطبيق عملي مباشر للمعلومات وبالتالي يمكن للشخص منا البناء عليه، من خلال ما سيكتسبه من الواقع وأيضا سيكون أمامه بعض من الوقت ليكتسب الخبرة، بخلاف ذلك هناك خبايا لا يمكن حتى للكورسات أن تعلمها لك مثل الواقع، لذا دوما بالبداية أفضل التعلم مع خوض الحياة العملية، ثم بعد ذلك يمكنني البدء بالمشروع
كورسات ليست عملية هي كورسات بلا فائدة وبحديثنا عن الكورسات في هذا الشق أحب أن أقول بأن ما يعحبني بها أنها أحياناً تولّد نقلة نوعية بتقديم الخدمة حتى مستوى السوق نفسه، يعني الذي يتعلم عن طريق كورس قد يأتي بطريقة عمل بالفطرة أفضل من السوق، أما من يعمل بالسوق مباشرةً ك صبي كما ذكرت فهذا لا يسعه إلا استنساخ ما يرى.
صراحة أعتقد أنها اعادة تدوير أيضا لما تحمله الخبرات السابقة، فهل تظن أن مثل هذا الدورات التدريبيه يمكن أن تعزز الابداع والابتكار في المجال التي تدخله، هل يمكن أن تصنع الفارق في طريقة توليد الافكار الجديدة؟
استنتاجك وربطك مساحة الفرد للاختلاف بطريقة تعلمه خاطئة تماما، فهو مرتبط بعقلية الفرد نفسه وليس بكونه تعلم بالسوق أو حتى بالدورات، بل أن التعلم عن طريق الكورس أراه محدود الأبعاد والظروف، هو ينقل مواقف من منظور شخص واحد ذو خبرة، لكن بالسوق والواقع لديك مواقف من منظور شخصيات مختلفة، وطرق تعامل تختلف من فرد لآخر، ومواقف وليدة اللحظة لا تحصى ولا تعد تعاملك معها تختلف تماما عن قرائتها وتطبيقها افتراضيا مع مدرب الكورس مثلا. وإلا تساوى ذوي الخبرة ومتعددي المهارات أو من لديه علم ومعرفة
الخبرة ضرورية لخوض أي تجربة، وسوق العمل الذي يريد أن يدخل إليه إبن صديقتك يعج بالمنافسين والمشاكل التي لن تكون عالما بها من قبل، وحتى ولو كان يملك خبرة في الطبخ مثلا أو اعداد السندويشات، لكن سيضل ناقصا من حيث التسويق والتمويل واختيار المواد الخام الأفضل جودة والأقل سعرا لمشروعه لأنه مشروع حساس لأنه يتعلق بشكل مباشر بصحة الزبون وأي هفوة يمكن أن تأدي إلى ما لا يحمد عقباه، لذلك وجب الاحتكاك أولا بسوق العمل وبالعاملين فيه ومحاولة اكتشاف خباياه من عامل متمرس في المجال، كمعرفة المكان الافضل لشراء المواد وماهي المواد الأكثر جودة والاقل سعرا حتى تناسب مستوى مشروعه المبتدئ.
اعتقد العصر الحالي بكل تطوره يمكنه تجاوز كل ذلك، يعني يمكن الاستعانة بشخص يكون مسؤول عن التسويق وشخص اخر مسؤول عن المطبخ ومستلزمات والحصول على أفضل الصفقات بالتأكيد سينفق أكثر لكن سيجد نتائج أفضل
لكن بالنسبة لمشروع مبتدئ من الصعب ادارة المهام بهذه الطريقة، لأن مرحلة تفويض المهام حسب التخصصات تأتي بعد أن يبلغ انتاج المشروع وتحصيله المادي مرحلة معينة، تدر دخلا يسمح لك بذلك.
الخبرة في نقطة الإدارة هي ما ينقصه وللحقيقة لو ذهب للعمل في مطعم فلن يتعلم الكثير عن الإدارة بقدر ما سيهلك نفسه في تحصيل الطلبات وتنفيذها، لذا ما سيتعلمه هو العمل تحت ضغط وليس الإدارة، وطالما مشروعه يعتمد على الطعام مثل أغلب المشاريع التي تفتح اليوم، فبرأي يكفي خبرته في تقديم الطعام والحصول على المواد الخام لأنه لن يقدم مشروع ضخم حتى أنه يمكنه أن يقوم بمشروعه بعربة أو عجلة، وهذا رأيته كثيرا، هنالك شاب بدأ مشروعه بسندوتشات نظيفة من الجبن والحلاوة وكان يقف بالعجلة أمام الجامعة وما يميزه هو نظافة الأكل وجودته وتغليفه والسعر بالتأكيد وفي ظرف عام واحد فقط صار لديه أكثر من 15 شاب يعملون معه وموزعين عن أبواب الكليات كلها، لأنه يقدم مشروع بسيط يعتمد على جودة ما يقدمه وبعد أن نجح نجاحا مبدأي استطاع أن يكبر المشروع شيئا فشيئا.
ربما يمكن للمرء منا أن يعمل في أي مجال حتى وإن كان جديداً عليه وليست لديه الخبرة الكافية فيه، ولكن من الصعب جداً أن يدير عملاً جديداً عليه أو ليست له خبرة فيه.
ولنفرض جدلاً أنه خاض التجربة وهو بعد لا يزال حديث عهد بهذا المجال فمن الطبيعي جداً أنه سوف يستعين ببعض الخبراء للنهوض بمشروعه، فمن أين سيضمن أنهم لن يغشوه في العمل، وأن خبرتهم سوف تساعدهم على استغلاله، ثم من أين له أصلاً أن يعلم إذا كانوا يغشونه أم لا؟ قد يقوم الواحد منهم بعمل أمر معين ويقنعه بأن هذا هو الصواب وهو يضره في حقيقة الأمر، ولإنه قليل الخبرة في هذا المجال لن يستطيع معرفة حقيقة الأمر.
ولذا فإن إدارة المشروع تتطلب شخصاً ملماً بأساسيات العمل، حتى يوفر على نفسه طريقاً طويلة يستغله فيها الآخرون.
يمكن للشخص ان يتقن عمل ما بدون تدريب او العمل عند شخص آخر، يمكن التعلم عبر الانترنت او من خلال اخذ كورسات في معاهد ومراكز التدريب، او عن طريق التجربة والخطأ ولكن في هذه الحالة سيدفع ثمن من خسائر وفقدان للزبائن في حال لم يتوفق من البداية، ولكن مع التجربة والخطأ سيتعلم.
أنا انصح بان يحصل على دورة في حال توفرها في بلدك، وأن يبحث في الانترنت لعله يجد ما ينفعه، وتمنياتي له بالتوفيق.
او عن طريق التجربة والخطأ ولكن في هذه الحالة سيدفع ثمن من خسائر وفقدان للزبائن في حال لم يتوفق من البداية، ولكن مع التجربة والخطأ سيتعلم.
وهذا ما أركز عليه، فلماذا أعرض نفسي للخسارة طالما هناك وسائل تكسبني المهارة والخبرة اللازمة للبدء، فعلى سبيل المثال الشخص الذي لديه خبرة بمجال تحضير الساندوتشيات هو الوحيد الذي يمكن أن يخبرك كيلو البطاطس يعطي كم ساندوتش، هذا أبسط مثال ويمكنك تعميمه على كافة المجالات، فكشخص خاض تجربة اكتساب الخبرات من العمل ومن الدورات، هناك نقاط لن تتعلمها إلا بخوضها بواقع العمل
أتفق مع رأيك في الكثير من المجالات لكن هناك مجالات أخرى لن يمكن بها هذا وخاصة المثال المذكور في المساهمة يعتمد فيه العمل أكثر على الخبرة والتمرس في مجال العمل ومعرفة الموردين والمواد الخام وغيرها من الأشياء التي تحتاج قطع الطريق التقليدي بأكمله. ولن يمكن تعويض ذلك بأي كورس عبر الانترنت أو مركز تدريب
هذه العبارة صحيحة جدا لكنها لا تنطبق على كل الناس، فأنا مثلا قابلت مدراء بأموالهم وليس بخبراتهم لذلك هؤلاء مثلا فشلة للأسف ويجب أن نقل لهم هذه العبارة.
أما بالنسبة للشخص الذي يأخذها عن علم فهو يمكنه تخطي كل هذه الخطوات بسبب أنه تعلم من دراسات حالة سابقة في دراسته وحلل نقاط قوتها وضعفها ويعلم جيدا كيف تُقسم التورتة لذلك هذا النوع من الأشخاص لا تنطبق عليهم المقولة لأنهم تخصصوا فيها من البداية وخبرتهم سيحصلوا عليها من التجربة المحسومة والمخاطرة المخطط لها.
التعليقات