Tutorial hell | كيف يخرج الشخص من الحلقة المُفرغة لاستهلاك المواد التعليمية النظرية دون تطبيق؟

نعم بالفعل من أكثر العوائق التي يواجهها متعلم البرمجة هو الاكتفاء بالمعلومات النظرية دون تطبيقها بشكل عملي وهذا ليس كافيًا لجعله مبرمجًا محترفًا وبحكم عملي في تدريس البرمجة فإن أول جملة أقولها للطلبة؛ إذا اردت أن تكون مبرمجًا ناجحًا فالتزم بأمرين: 

الأول هو التركيز وعدم الوقوع في فخ وفرة المصادر الهائلة المنتشرة على شبكة الإنترنت هنا وهناك والتي تغري المرء بالاطلاع عليها فالمشتت لا يصل لوجهة.

والثاني هو التطبيق العملي فالبرمجة هي مهارة حل المشكلات لا تكديس المعلومات فإن لم يجرب المتعلم حل المشكلة وكتابة الكود البرمجي لها ومحاولة حل أخطائه بنفسه مستفيدًا من المعلومات التي اكتسبها فلن يصل للمستوى المطلوب من الاحترافية.

صحيح معك حق و هذا ما اصبح يؤثر على النظام التعليمي و العلم بشكل عام

هل النشوة المعرفية كافية أم الغرض هو التطبيق العملي وتحقيق استفادة ملوسة؟

أعتقد أن شعور النشوة المعرفية فقط، قد يكون سببه الخوف والمثالية، بمعنى أني مثلًا بصدد تعلم مجال جديد كليًا وكل من أطالع تقييماتهم عن هذا المجال هم خبراء به، فنجد أننا نشعر بالخوف الشديد من الفشل أو عدم الوصول لنفس المستوى، ما يصاحب الخوف في هذه المرحلة هو البحث عن المثالية، وهو أننا نريد أن نكون ملمين بكل تفصيلة عن هذا المجال حتى عندما نبدأ بتطبيقه عمليًا نكون بنفس مستوى خبرة الأساتذه. ولكن هذا ولو نظرنا له بنظرة واقعية، أولًا سنظل في مرحلة المماطلة فقط دون أي إنجاز ولأن الخيرة الحقيقية تأتي من التطبيق العملي، ثانيًا بعض ال "Tutors" يعتمدون في أسلوب الشرح على التلقين واستخدام جمل رنانة لا هدف منها، كقول " عايز يبقى ليك مكان وسط الخبراء لازم تبقى خبير زيهم" جملة قد تبدو منطقية، ولكن لا يصح استخدامها في بداية تعلم مجال جديد، إذ كيف سأصبح خبير دون المرور بمراحل من التعلم والفشل والتطبيق ثم بمرور السنوات قد أصل لهذه المرحلة من الخبرة بسبب العمل والعلم معًا وليس العلم فقط.

في رأيي الموازنة تبدأ بتطبيق كل ما أتعلمه في أرض الواقع، وأخوض تجربة مواجهة صعوبات والفشل في حلها ثم الاستعانة بخبراء ومحترفين لمساعدتي أو حتى محاول اكتشاف حلول جديدة، هذا ما سيجعلني أصل للخبرة.

بنسبة كبيرة حينما أتعلم شيئا يحتاج إلى التدريب العملي والتطبيق أقوم في نفس اللحظة بالتطبيق، فأنا مؤمن تماما أن هنالك علوما نظرية وعلوما لا يمكن فهمها وتحليلها إلا بالتطبيق، على سبيل المثال في شيء بسيط فيما مضى وحتى الأن أنا مهتم بالتكنولوجيا وكثيرا ما يصادفني أشياء تحتاج إلى التدخل في تعديل السوفت وير لبرنامج معين أو لنسخة الويندوز وخلافه أشياء بسيطة ولكني احتاج إلى حلها حينها أقرأ عنها بشكل أكبر وفي نفس اللحظة أطبق ما أقرأها عملي مرة واثنين حتى تثبت المعلومة بشكل أكبر وتكاد تكون مستحيلة أن أنساها، وأفعل هذا فيما يخص أغلب الأشياء التي تحتاج إلى تطبيق عملي أقوم بمطالعة المواد نظريا وأشرع على الفور بالتطبيق، بهذا يمكنني عمل التوزان وأشعر بالتقدم.

السبب وراء حدوث Tutorial Hell هو أن التعلم النظري لا يكفي. من المهم أن يحصل المتعلمون على فرصة لتطبيق ما تعلموه في مشاريع حقيقية. هذا هو الطريقة الوحيدة لفهم كيفية عمل المفاهيم النظرية وكيفية استخدامها لحل المشكلات.

لذلك، من المهم جدًا أن يوازن المتعلمون بين التعلم النظري والتطبيق الفعلي. يجب أن يقضوا وقتًا في قراءة الكتب والمقالات وحضور الدورات التدريبية، ولكن يجب عليهم أيضًا تخصيص وقت لإنشاء مشاريعهم الخاصة (حتى وإن كان سيطاردهم هاجس الفشل) حتى لو فشلوا في التطبيق العملي فهي بالتأكيد حينها فرصة للتعلم .. تؤدي بالنهاية للنجاح ولا شيء سوى التطبيق العملي هو الذي ينجح الأهداف ويحققها.

فيما يتعلق بالسؤال حول ما إذا كانت النشوة المعرفية كافية، فأنا أتفق معك تمامًا. النشوة المعرفية هي مجرد شعور مؤقت من الرضا. إنها ليست ذات قيمة حقيقية طالما أنها لا تؤدي إلى أي نتائج ملموسة.

أكثر ما يثير تعجبي العقلية التي تحكم الكثير من الآباء والأمّهات. هم يريدون علامات كاملة وتفوّق وإسم على لائحة الشرف لكي يعتبروا أنّ ابنهم ناجح, ولكن الأمر ليس كذلك. فمجتمعاتنا غارقة بالمتعلّمين ولكن ينقضها من يمتلكون الناحيّة العمليّة لشهاداتهم. لذلك فأنا حريصة بشكل كبير على تطوير مهاراتي بشكل متوازي مع المعارف التي أكتسبها. فكيف ذلك؟

نظرًا لكون التعليم مهنتي الأساسيّة فأنا أسعى بشكل يومي لتعلّم كل جديد في تقنيّات التعليم. وعند تعلّمي لهذه المعارف فإنّني أسعى لإسقاطها فورًأ في عملي كمعلّمة وتطبيقها.

ككاتبة محتوى فأن أتعلّم مفاهيم جديدة بهدف طرحها في الموضوعات التي سأكتب عنها. ولذلك فأنا أقوم بالفعل بالربط فورًا بين الناحية النظرية والعمليّة.ولذلك وحمدًا لله فأنا لا أجد مشكلة في الربط بين الناحيتين لربّما لأنني أعمل في المجال الثقافي والأكاديمي. لربّما الأمور تكون أصعب في المجالات التي تعتمد على المهارات النّاعمة بشكل أكبر.

هناك سؤال يجب ان يطرح في بداية العمل .

لماذا تتعلم وما الذي ترغب في تحقيقه من خلال هذه المواد التعليمية؟

لان الاستهلاك المتكرر للمواد التعليمية دون تطبيق عملي يمكن أن يكون تحديًا حقيقيًا.