منصات التعليم عن بعد ضرورة في العصر الرقمي.

التعليم هو أساس التنمية وباني الأجيال وصانع أفكارها، عماد الحضارات وقوام المجتمعات، وهو المسؤول عن الأفكار والثقافة التي تكسو مجتمع معين وعلى حسب جودة التعليم في أي مكان وزمان تقاس قوة المجتمعات والحضارات التي قامت.

من يصدق أن التعليم الذي كان باللوح في الكتاتيب أصبح اليوم في جوالتنا المحمولة ؟!!!

كلما فكرت في صعوبة التعليم قديما وكيف أقتصر على فئة محددة من الناس وقارنته باليوم أسبح اللَّه الذي سخر لنا كل شيء وما كنا له مقرنين، أصبحت نعمة التعليم شيء مألوف ومسلم به في عصرنا الحالي ، فلا أسهل من أن تتعلم ما تريد من جهازك المحمول ولله الحمد والمنة.

ولأن التعليم الألكتروني أصبح سهل المنال فقد شهد اقبال واسع في العشر السنوات الاخيرة، وخاصة في العامين الماضيين بسبب انتشار جائحة كورونا التي قيدت حركة الناس على ارض الواقع بشكل لم يتوقعه احد لدرجة ان المنشآت التعليمية اصبحت مباني خالية من الحياة مما دفع الناس إلى البحث عن بديل وكانت شبكة الإنترنت هي المتنفس الوحيد.

اصبحت مواقع الانترنت على اختلاف مسمياتها مكتظة بالزوار والمشتركين الذين يبحثون عن وسيلة تعوضهم عما فقدوه على ارض الواقع سواء على المستوى العلمي أو العملي والأجتماعي.

 انتقلت حياة الناس الى الواقع الافتراضي بصورة لم يتوقعها احد، كل على حسب ميولة واحتياجاته، وقد حاز التعليم عن بعد على أهتمام الكثير من الناس .

 يختلف جمهور التعليم عن بعد باختلاف أسبابهم التي دفعتهم إلى اختيار هذا النوع من التعليم عوضا عن التعليم النظامي المعهود، فمنهم من يريد استغلال وقته في الفائدة، ومنهم صاحب مهنة وربة منزل و...و... الكثير ممن حالت الظروف بينهم وبين إكمال المسيرة العلمية كلهم على أختلاف مشاربهم وجدوا في الشبكة العنكبوتية ضالتهم،فمارسوا اعمالهم عن بعد واكملوا دراساتهم حتى اعتادواعلى هذا النمط الجديد الذي بدا غريبا لأول وهله، لكنه اصبح حقيقة واقعة وازدادت هذه الحقيقة قوة مع مرور الوقت، وقبل به من كان يرفضه وكانت فترة جائحة كورونا بمثابة نقلة نوعية في عالم التعليم عن بعد.

نتيجة لكل هذه الاسباب تطور مفهوم هذا النوع من التعليم ليصبح حقيقة ملموسة بفصول وقاعات افتراضية اقبل عليها الناس بشكل كبير واعترفت فيها حكومات لم تكن تقبلها في الماضي القريب، مثل مصر التي اعتمدت مدارس (P O S)

 Prefect Online School بحيث يستطيع الطالب المصري الألتحاق بها من داخل الدولة وخارجها.

 ومنحت الحكومة السورية إعترافات للمدرسة الذكية الأفتراضية واعتمدتها كالمدارس النظامية.

 الكثير وجدوا المعاملات ومتطلبات الدراسة في شبكة الأنترنت أسهل بكثير من التعليم النظامي، وذلك نتيجة للميزات التي يتمتع بها هذا النوع من التعليم فقد

اتاح المجال لمن لا يستطيع أن ينتظم حضوريا سواء بسبب العمل أو غيره.

كذلك أصحاب المناطق النائية ممن لا تتوفر لهم أسباب التعليم كان هذا هو الطريق الوحيد بالنسبة لهم.

أما التكلفه المالية فهي أقل من التعليم الحضوري، وتختلف نسبتها باختلاف الجهات المؤسسة لهذه المواقع.

ومن المزايا أيضا كسر حاجز فرق العمر بين الملتحقين، فلم يعد هناك تحرج من هذا الجانب.

نأتي الآن على ذكر بعض الصعوبات التى تواجه الملتحقين بهذا النوع من التعليم منها: 

-ضعف الانترنت.

-صعوبات في التواصل عن بعد وعدم ضمان وصول الرسالة بالمفهوم نفسه بين المرسل والمتلقي.

-لا يمكن للتعليم عن بعد- مهما تطورت أساليبة- أن يستوعب العلوم التطبيقية.

-سهولة الغش والحصول على شهادة وهذه السهولة هي في الحقيقة مأخذ يؤخذ على هذا النوع من التعليم؛ لذلك يتسم التعليم عن بعد بعدم المصداقية وأنه يعطي الشهادات جزافا وهذا ما جعله ويجعله في موقف الضعف إذا ما قارناه بنظام التعليم المتعارف عليه، وتظل شهادته مشكوك في صحتها حتى يثبت حاملها العكس.

ومما أثار أستغرابي أنه بعد الإنتشار الكبير لهذه المنصات والمواقع التعليمية والتدريبية في العامين الماضيين، وبعد تزايد جماهيرها بشكل فاق التوقعات لاحظنا تناقصا كبيرا في أعداد هذه المنصات مما دفعنا إلى التساؤل حول أسباب إختفاء الكثير منها!!

هذه الإشكالية قادتنا الى جملة من الحقائق والإستنتاجات منها:

أولا: إنتهاء الحجر الصحي وعودة الناس إلى نمط حياتهم الواقعي قبل الجائحة.

ثانيا:بعض هذه المواقع كان هدفها الربح المادي ولم تقم على أساس متين، فكان سقوطها محتوما.

ثالثا: إنعدام الخبرة وعدم توفر الكفاءة الإدارية والأكاديمية لبعض هذه المنصات .

رابعا: عدم وجود إعتمادات لأغلب هذه المنصات والمواقع فتظل موسومة بالوهمية وعدم المصداقية.

 على الجهة الأخرى هناك منصات ازدادت قوة وزاد عدد المنتسبين إليها بشكل كبير.

 وفي عصر الفضاء المفتوح أصبحت كل المجالات التعليمية متوفرة وفق هذا النظام بشكل مجاني ومدفوع، وتبقى على طالب العلم مسؤلية إختيار المحتوى والمكان الذي يرغب في الإنتساب إليه، ويسعى بكل جد إلى أن يكون كفؤا لذلك اللقب الذي سيحمله بعد التخرج.