كثيرًا ما كان يراودني ذلك السؤال وأوجهه إلى نفسي: هل أنت كاتب أم مدون؟ وهل هناك فارق واضح بين الاثنين؟ وأظنه سؤالًا قد أخذ جولة بكثيرٍ من عقول المدونين، فلماذا لا أفتح بابًا للنقاش في ذلك الأمر؟

أعتقد أن كل كتابة تهتم بالقاريء هي تدوين، فالتدوين دائمًا ما يكون غرضه مشاركة تجربة أو رأي يهم القاريء، ولذلك نرى كثير من المدونات في جميع المجالات مثل: السفر والطبخ ومراجعات الكتب وغيرها من المدونات، والتي تستهدف قاريء مُحدد وتحدثه عن قُرب، وتكون مبنية على أساس تجربة شخصية أو تجميع لتجارب متنوعة خاصة بذلك الحدث أو الخدمة أو حتى المنتج. فالتدوين في نظري علاقة بين طرفين، أنا أدوِّن لأتحدث إلى قارئي الأوحد، بأبسط أسلوب وأيسر الألفاظ الجذابة والمحببة إليه، فأنا أصنع ذلك الرباط الذي تُعقد خيوطه من الثقة، فحين أرشح له كتابًا ما، ويقرأه، فيتأكد من صحة كلامي حوله، سيعتمد على مدوناتي التالية في قراءاته اللاحقة، فدوري كمدون هو البحث على العامل المشترك بيني وبين قارئي، ومشاركته تجربتي الفريدة، كما أن التدوين لا يرتبط بالأكاديمية، فلا يجب أن أكون أستاذًا بالفلسفة أو متخصصًا لأكتب تدوينة عن إحدى الكتب الفلسفية، لذلك أرى التدوين كوسيلة للكتابة الحرة الخالية من القيود.

أما الكاتب، في ظني، فيدوِّن كلامته بطريقة أكثر رسمية، ولا يهتم بالقاريء كاهتمام المدون، والقيمة المضافة التي سيوفرها ستكون في المحتوى، أيًا كان قارئه، لذلك يُعتبر الكاتب باحث محترف، قادر على الكتابة بأي موضوع، معطيًا جل جهده للمادة العلمية أو الأدبية، لا ينتظر وفاءً من قارئه، فهنا التجربة التي يتشارك بها الكاتب والقاريء فقط هي ذلك النص المكتوب، ولذلك الكتابة أصعب من التدوين، وانتشارها لا يكون أسرع كالمدونات خاصة لو كانت منشورة ورقيًا وغير منشورة إلكترونيًا، وغالبًا ما ترتبط الكتابة بالأكاديمية، ولذلك نلاحظ أن كثيرين من كتاب المحتوى الطبي يكونون بالأصل أطباء أو صيادلة.

هل تتفق معي فيم تناولته؟ وهل هناك جوانب أخرى تُفرق بين الكاتب والمدون؟وهل ترى نفسك مدونًا أم كاتبًا ؟