في السنوات الأخيرة، شهدت رفوف المكتبات وواجهات المتاجر الرقمية ارتفاعًا ملحوظًا في كتب التجارة الإلكترونية التي تعد قارئها بالثراء السريع والنجاح الباهر. لدرجة لو ذهبنا الان لأي مكتبة الكترونية مثلا وكتبنا فقط التجارة الالكترونية، ستظهر لنا العديد من الكتب حاملة نفس الاسم، اللهم فقط الغلاف واسم المؤلف يختلف، صحيح أن التجارة الالكترونية مجال ذو قيمة لا يمكن إنكارها،وهناك كتب قيمة جدا فيها، لكن إلحاقها بالأدب خصوصا مؤخرا جعلها خادمة لكُتّابها أكثر من كونها تضيف قيمة حقيقية للقارئ، تجد الكثير من المؤثرين ربما لا علاقة لهم بالادب، هدفهم الوحيد الترويج لأنفسهم بشبكات ومصيدات الثراء السريع حتى جعلوا الكتب جزءا من هذه الفخاخ. وهذا ما أراه يعود على الأدب وعلى الصورة النمطية لكتب التجارة الالكترونية الاخرى ذات القيمة او حتى الكتب بصفة عامة بالسلب!فبينما تروج هذه الكتب لفكرة تبسيط طرق النجاح، بغض النظر عن مصداقيتها او لا، فهي تُبقي الأدب على هامش النصوص، وكأن الحروف تخضع لأرباح وإحصائيات لا لإبداع الكاتب. هل يمكن لهذه الكتب أن تكون أدبًا علميا له وزن ويُستشهد به، أم أنها مجرد أدوات ربحية في أيدي اصحابها بعيدة كل البعد عن سحر الأدب وروحه؟
كتب التجارة الإلكترونية اليوم تخدم الكاتب وتوهم القارئ!..أم تعطيه قيمة؟
دائمًا أرى مجال التجارة الإلكترونية لا يصلح للجميع، وإن كان يبدو للكثيرين أنه مجال سهل ومربح، الواقع أن النجاح في هذا المجال يتطلب فهمًا عميقًا للسوق، واستراتيجيات تسويق فعالة، وقدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة، وللأسف الكثير من الكتب والمقالات التي يتم نشرها اليوم حول التجارة الإلكترونية ربحية توهم القارئ بأنها تقدم حلولًا سريعة وسهلة، وغالبًا ما تروج لأفكار سطحية أو تجارب شخصية قد لا تكون قابلة للتطبيق على الجميع، الفائدة الحقيقية التي يجب أن نبحث عنها هي المعرفة والأدوات التي تمنح القارئ قيمة حقيقية تساعده على بناء مشروع تجاري دائم، أي يمكننا القول أن عناوين كتب التجارة الإلكترونية الجذابة غالبًا ما تجذب العاطلين عن العمل والمراهقين الذين يظنون أن الأمر يتعلق فقط بالربح السريع، دون إدراك التحديات الحقيقية والمهارات اللازمة للنجاح في هذا المجال.
التأليف ونشر الكتب عموما أصبحت وسيلة تربح وادعاء علم أو موهبة في هذا العصر، تجد شخصا ما جمع الملايين من المتابعين على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بمحتواه الساخر والسخيف ومن ثم يألف قصة ركيكة ويطلق عليها رواية! أو يجمع بضعة معلومات أو يستغل نجاح مشروع ما له ويألف كتاب عن الثراء والنجاح في الحياة فقط ليضيف إنجاز معنوي ومادي وهمي لشخصه يستطيع من خلاله إعطاء قيمة أكبر لنفسه ولما يقدمه حتى يستقطب أعداد أكبر من الناس حوله، سهولة النشر والدعايا في الوقت الحالي شجعت على هذا كثيرا، ففي السابق لم تكن لتجد سوى أصحاب العلم والموهبة الحقيقية هم يكتبون بشغف واخلاص ويسعون لإخراج أعمالهم للنور، لأن تحقيق النجاح وقتها في مجال إبداعي كالكتابة أو أي مجال علمي أو أدبي لم يكن بالسهل وكان يحتاج لإثبات حقيقي لموهبة الشخص وعلمه.
أرى أن المشكلة ليست في التربح في حد ذاته ولكنها في جعل هذا التربح على حساب تشويه سمعة الكتب والادب عموما، فلو قرر هذا المؤثر أو ايا كان، الاستعانة بشخص خبير في الكتابة لمساعدته على تجسيد افكاره في الكتاب او قصته ان كانت رواية، قد يكون الوضع أهون.. لكن عندما يتعلق الامر بكتب ذات قيمة علمية معروفة كالتجارة الإلكترونية فالامر لايقتصر على سلامة الكتاب لغويا وأسلوبيا فقط قد يعينه في ذلك مختص، بل بقيمة ما يضعه من محتوى اصلا وهذه هي الاشكالية.. يسيء لعلم التجارة الالكترونية وكذلك لمصداقية الكتب العلمية عموما..
أنا معك في أن كثير من كتب التجارة الإلكترونية اليوم أصبحت تروج لفكرة الثراء السريع والنجاح الفوري أكثر من تقديم قيمة حقيقية للقارئ. في الغالب، تجد أن هذه الكتب تركز على الوعود غير الواقعية وتتجاهل ما هو جوهري، مثل استراتيجيات العمل الحقيقية أو كيفية بناء مشروع ناجح بشكل مستدام. أحيانا، يعمد بعض المؤلفين إلى استغلال هذه الكتب لبيع أنفسهم أو تجميع المتابعين على حساب محتوى ذو قيمة علمية حقيقية.لكن مع ذلك، لا يمكننا أن ننكر وجود كتب تجارة إلكترونية تقدم معلومات قيمة وتستند إلى تجارب حقيقية وواقعية، وتستحق أن تعتبر مرجعا موثوقا. المشكلة تكمن في الكم الكبير من الكتب التي تروج لأفكار سطحية أو غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، مما يساهم في تشويه صورة المجال. فبالنسبة لي، لابد من التفرقة بين النوعين. الكتاب الذي يقدم قيمة حقيقية، يعزز علم التجارة الإلكترونية ويبنى على أسس قوية من التجارب والأبحاث، له وزنه وأثره. أما تلك التي تقتصر على الوعد بالثراء السريع، فهي غالبا تفتقر للإبداع والفائدة العلمية التي يمكن الاستناد إليها
التفرقة بين الكتب التي تقدم قيمة حقيقية وتلك التي تروج لأوهام مسؤولية القارئ ووعيه، لكن هذا يضعنا أمام معضلة نقص ثقة القارئ بالكتب العلمية ويضع عبئًا أكبر عليه في اختيار المصادر الموثوقة.. بينما سابقا لم يكن الامر بهذا التعقيد. مما يعني أن هذه الظاهرة فعلا أثرت بالسلب على قيمة الكتب وثقة القراء بها.
يمكنني ان اقول لك فقط خير العلم ما عُمل به . فاعمل بالنصيحة واذ لم تنجح مع عدد من الاصدقاء ولم تاتي ثمارها تجاهلها .
ولكن كما قلت هناك بعض الكتب تستحق التعلم من محتواها.
الكتب التي تقدم نصائح عملية وتجارب مثبتة تساعد على العمل بها، لكن تلك التي تبيع الوهم تجعل العمل بالنصيحة مضيعة للوقت. أحيانا لا يكون لدينا معرفة بمصداقية هذه النصيحة لأننا لا نعرف أشخاصا جربوها من قبل، فكيف نعرف إن كان تجاهلها صائبا أم تضييعا لفرصة ربما كانت صادقة؟
الكتب المتعلقة بالتجارة الإلكترونية تتنوع في قيمتها، فبينما توجد مؤلفات تقدم رؤى حقيقية ونصائح مدروسة، هناك العديد من الكتب التي تركز فقط على الربح السريع والترويج لأفكار قد تكون سطحية أو مبالغ فيها. هذا النوع من الكتب قد يخدم الكاتب بشكل أكبر من القارئ، حيث يتم تسويقها كأدوات لجذب المتابعين وتحقيق الأرباح على حساب القيمة الحقيقية التي قد تضيفها للقارئ. قد يكون التساؤل هنا كيف يمكننا التمييز بين الكتاب الذي يقدم قيمة فعلية والكتاب الذي يسعى فقط لتحقيق ربح سريع؟
هو لاشك أن التمييز يبدأ من وعي القارئ أصلا بأن الكتب ذات القيمة يمكن التعرف عليها من خلال المؤلفين الموثوقين، التجارب الحقيقية، الآراء الداعمة من المتخصصين وهكذا.. لكن ليس كل القراء يمتلكون هذا الوعي، لذلك تكفيهم عبارة "بعد أن تقرأ هذا الكتاب ستصبح مليونيرا في يومين" في مقدمة او غلاف الكتاب للتهافت عليه..
التمييز بين الكتاب الذي يقدم قيمة فعلية والكتاب الذي يسعى فقط لتحقيق ربح سريع يتطلب وعيًا ومعرفة من القارئ. من الأفضل أن نبحث عن مصادر موثوقة وتقييمات من قراء آخرين أو خبراء في المجال. كما أن الكتب التي تركز على تجارب حقيقية وتقدم حلولًا عملية تظل دائمًا أكثر جدوى من تلك التي تعد بالثراء السريع دون أي أساس منطقي. لذلك، بدلاً من الانجراف وراء العناوين المثيرة، يمكننا أن نوجه اهتمامنا نحو الكتب التي تركز على تقديم المعرفة العميقة والمستدامة.
التعليقات