يطرح مارك مانسون في كتابه "فن اللامبالاة" فكرة مثيرة لوجوب كوننا أكثر انتقائية في اختيار ما نهتم به حقا، مما يُخلِّصُنا من كثير من الضغوط النفسية التي لا داعي لها مشيرا إلى أن الكثير من المعاناة تأتي من محاولاتنا المستمرة لإرضاء الآخرين أو تلبية معايير لا تتماشى مع قيمنا الشخصية.
هذه الفكرة تجد صدىً معتبرا في الواقع، جميعنا مثلا يعرف ذلك الشخص (أو ربما نكون نحن) الذي يعيش في قلق وتوتر دائم بسبب محاولاته المستمرة لإرضاء الجميع دون أن يضع حدودًا واضحة لما يهمه حقا، أو خطوطا حمراء لايتجاوزها حفاظا على قيمه الشخصية واتزانه. يحضُرني هنا مثال عام وواضح وهو صانع المحتوى اليوم في ميلانه هنا وهناك لإرضاء جمهوره حتى لو على حساب تجاهل اهتماماته الشخصية وقيمه.
من منظور آخر، هناك من يعارض هذا المبدأ. بعض الأشخاص يرون أن إتباع "فن اللامبالاة" قد يؤدي إلى الإهمال الاجتماعي وتفكك العلاقات الإنسانية، فهم يعتقدون أن الاهتمام حتى بتفاصيل الآخرين التي لاتهمنا شخصيا، يساهم في بناء علاقات صحية ومستدامة وأن العناية بالآخرين والتفاعل معهم يجب أن يكون من أولوياتنا، لأن ذلك يساهم في ربط المجتمع وتعزيز التعاون.
بينما يرى مؤيدوا الكتاب أن اللامبالاة لا تعني التفرغ عن الآخرين، بل تحديد ما هو مهم حقا، وأنّ الحياة قصيرة وأثمن من تضييعها على كل شيء، فهم يؤمنون أن الشخص الذي لا يهتم بنفسه أولًا لن يستطيع أن يكون قادرًا على تقديم شيء حقيقي للآخرين.
فكيف يمكن للاّمبالاة أن تشتري لنا الراحة النفسية دون أن تؤثر على علاقاتنا الاجتماعية؟
التعليقات