عندما بدأت في قراءة هذه الرواية، وحتى أنهيتها كنت في أشد حالات الارهاق النفسي والعصبي. وهو شعور لم أعشه مسبقًا بهذا الشكل أثناء قراءتي لعمل ما، سوى هذه الرواية. 

إن الرواية تغوص داخل مكنونات النفسية البشرية وتقلباتها وتأثراتها بالأحداث ، وتناقش جدلية أن البشر جميعًا يحملون بداخلهم الشر كما الخير ، فلا يمكن الجزم بأن إنسانًا ما خير على طول الطريق أو العكس ، فهو قد يكون خيرا في مكان ، وذو شر عظيم في مكان آخر . إن الرواية بمعنى آخر ما هي إلا قراءة لذواتنا. لقد استطاع العظيم ديستوفيسكي أن يجعل القارئ يعيش تفاصيل الأحداث، ويتقمص الشخصيات بدرجة لا مثيل لها، فيشعر بمشاعر كل الأبطال ، يجزع لجزع أحدهم ، وقد يبكي لبكاء آخر ، ترتعد روحه إن وقع أحدهم في خطر محدق ، وتنفرج ابتسامة عريضة على شفتيه إن أفلت منه. باختصار الرواية تخترق روح القارئ اختراقًا لا تفلت منه ولا نجاة .

وعلى الرغم من قوة هذا العمل على مدار صفحاته ال 1000، وعدم شعور القارئ بالملل أو الرغبة في التوقف رغم هذا الكم الهائل من الصفحات، إلا أن نهاية الرواية جاءت مخيبة للآمال، بالنسبة إلي على الأقل. ربما كنت انتظر نهاية أشد قوة على قدر الفلسفة العميقة التي ملأت الأحداث، والحوارات بين الأبطال. لا أن ينتهي المصير بشكل عادي تمامًا ...

خيبة أملي بهذه النهاية جعلتني أظن أنه ربما هناك جزء ثاني منها - وهو الذي لم يحدث - يخرج فيها البطل، ويبدأ في جولة أخرى من هذه الفلسفة الحياتية العظيمة التي عاشها على طول الرواية. ربما خيبتي عائدة لعدم الاقتناع بأن هذا الشخص استطاع تغيير قناعاته من النقيض للنقيض تمامًا، ليصير إلى الاقتناع والاعتقاد بما يعتقده الأشخاص العاديين - على حد وصفه - في الأخير. 

وإن سألني أحدهم ما النهاية التي كنت اتوقعها؟

سأجيب أن يستيقظ البطل في الأخير ليكتشف أن كل ما عاشه كان حلمًا طويلًا، فهم من خلاله نفسه، وعرف مستقبل عدة أشخاص ممن يعيشون حوله، أو لا يفعلون. فيساعد على تغيير أقدارهم السيئة. أو ربما يقرر الهرب، ومواصلة ما بدأه من قتل الأشخاص السيئيين والاستفادة بأموالهم في مساعدة الأخيار. أرى من ينظر إليَّ متعجبًا من تفكيري، وربما ظن أني قاتلة متسلسلة. أنا بالتأكيد لست هكذا، ولكنِ أبحث عن نهاية منطقية، أو قوية لشخص عاش أهوالًا من رأيي، ولا يستحق أن تكون نهايته بهذا الملل، والرتابة المقيتة. 

أخبرني أنت ما النهاية التي تراها مناسبة لهذا العمل العظيم؟