هل هذا يدل على ان الإنسان (غير سوي) , ام انه طبع سلبي ويجب العمل على تحسينه؟

لا يوجد إنسان كامل يا عمر، ولذا إن انتظرنا الوصول للكمال حتى ننصح غيرنا فلن نجد ناصح واحد على هذا الأرض. فمعصية الشخص أو فقدانه للشيء لا يمنعانه من نصح غيره، قال الإمام مالك في كتابه الموطأ: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر ـ قال مالك: ومن هذا الذي ليس فيه شيء. ولذا فنصح الغير بما لا تفعله أمر جائز، وإن كان من الأفضل لك فعله لتحصيل الفائدة المرجوة منه أيضًا.

والأهم من كل هذا ألا تكون النصيحة في العلانية، وأن يتعلم الإنسان أساليب النصح الرشيد قبل الإقدام على هذه الخطوة.

ان كتابتك للمحتوى يدلل على ان سريرتك وداخلك تميل الى الخير وبل تسعى اليه ولكنك قد تفتقد الإرادة لفعل ما تدعو غيرك به.

يليق بك ان تفعل ما تجده إيجابيا وان تبتعد عن السلبية او المنكر الذي تجده سلبيا في غيرك. فانت صانع الخير بالقول فكيف تكون عظمته وانت تقوله وتفعله..

فتمام العقل حين ينطلق السلوك الى الاتقان بالخير وعدم تركه مهما كان، فحين تامر غيرك بالخير والمعروف فالأولى ان تفعله انت والا تتركه بجهالة .

والغالب ان مقصر في الفعل، ولكنك تنهى غيرك عن السلبيات والاخطاء، فتوجه لفعل ما اوجبه الله لك وعليك وكذلك ان تأمره لغيرك وان يكون النهي لك وللعموم وما أروع الا تكون مقصرا في نفسك..

 والخلاصة انك قدمت امر غيرك على المعروف وكنت غير ممتثل لامر نفسك والبعد عن الأخطاء ..

كيف لي ك بشر عاقل ومدرك نسبيا أن أقبل على غيري ما لا اقبلهُ على نفسي ! ، كأن امنع صديقتي من معرفة اي احد غيري (ذكر) ،وانا في نفس الوقت اطلب او اتوقع منها ان تتقبل انني اعرف الكثير غيرها (اناث)! "مثال"

الأمر هذا بالذات يعود للمجتمع الذكوري الذي يبيح للذكر ما لا يبيحه للأنثى ويغفر له كل زلاته حتى وإن كانت مخالفة للدين وللأعراف والعادات ولا يغفر للبنت لو أخطأت في الكلام، هذا الاهتمام الزائد والتقديس للذكور كانت نتيجته ذكور متسلطة نرجسية تفكر في نفسها قبل كل شيء، تربية الأبناء على العيب قبل الحرام كذلك من الأسباب التي أدت لهذا.

وكيف لي ان اقبل على نفسي ما لا اقبلهُ على غيري ، فأنا انصح بالصلاة والكثير من الامور الجيدة وانا حتى غير متقنها ولا ملتزم بها تماما، وانصحُ مثلا بالابتعاد عن التسويف قدر الإمكان وانا اكبر مسوّف!

العديد من الأشخاص يريدون القيام بهذه الامور التي ينصحون بها لكن تنقصهم الإرادة والعزيمة، شخصيا كان شخص كبير في محيطي ينصحني بالصلاة ويصر عليا وكانت السبب في مداومتي لها وهو بعد عمر بدأ يصلي وثبته الله وكانت جد سعيد بذلك فقلت لنفسي مكافئة الله له، مرة سألته أخبرني أنه نادم على عدم ثباته على الصلاة في الصغر ويتمنى ذلك وهو لم يجد من يشجعه عليها ويعلم صعوبة الثبات فأراد أن يكون عونا للآخرين لعل الله يكون عونا له في ذلك.

بمجرد وعيك بوجود خطب ما، هذا لوحده يدل على أنك سوي وصاحب ضمير حي، فالاعتراف بالخطأ فضيلة وهو أول خطوة نحو التغيير الإيجابي. فكما تفضلت وقلت، يوجد الكثيرين ممن يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم ولكن الجزء الأكبر منهم لا يعي هذه المشكلة. وإذا اقتصرت مشكلتك على نوعية المواقف هذه، أي تحلل لنفسك ما تحرمه على المرأة، هنا السبب هو التأثر بالأعراف والتقاليد لا أنانية أو تكبر وفي هذه الحال الأفضل بناء معتقدات جديدة قائمة على الحكم الموضوعي المنطقي لا ما اعتدنا عليه.

وفي ما يخص أن تنصح الآخرين بأشياء جيدة أنت لا تقوم بها، أظن أن هذا طبيعي ونابع عن حسن نية، فأنت تريد أن ترى الآخرين حولك يقومون بأشياء جيدة حتى وإن لم تستطع أنت القيام بها. وفي هذا ضرر لنفسك لا للآخرين، فأنت تعلم ما الصواب وتنصح به ولكن لا تفعله.

في البداية أحب أن أنوّه عن أن الشخص الذي يضع قجمه على الطريق الصحيح لفهم نفسه، هو الشخص الذي يضع يده على المشكلة أولًا، فالعديد من الأشخاص -المعظم على الأقل- قد يكون لديه ما ترمي إليه من أشياء تراها أنت متناقضة لكنه يراها أمرًا حتميًا واجبًا على كل البشر، وما تراه عيبًا أو سلوكًا يحتاج إلى تعديله يراه هو فضيلة لا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي فأنت قد وضعت يدك على الخطأ، وعليه فأنت الأقرب إلى حل المشكلة. وأجد الحل دائمًا يا عمر يكمن في التفكير النقدي، والاستغناء عن أكبر قدر من الأنا العليا التي لا تضر إلا صاحبها وتعزله عن الواقع من حوله.

أحياناً يفعل الإنسان فعلاً سيئاً وهو يعلم أنه سيئاً ويقر ويعترف بداخله بذلك، وقد يرى ذلك الشخص شخص قريب منه أو صديق له يفعل نفس الفعل فإن نصحه ألا يفعل ذلك قد يكون في نظر نفسه "منافق"

ولكن في حقيقة الأمر هذا تفكير خاطئ، فإن اعتراف الإنسان بالخطأ الذي يفعله وعدم قدرته على مجاهدة نفسه للإقلاع عنه لا يعني أن يتصالح معه، وأن يراه شيئاً مقبولا ً..فطالما هو في دخيلة نفسه يرفض ذلك الفعل فعليه أن يعبر عن قناعته وإن كان لا يستطيع هو الإقلاع عنه، أو يحاول..ينجح حينا ويخفق حيناً.

فإن ذلك علامة صلاح وليس العكس.

أما إن كان الإنسان لا يحاول الإقلاع عن ذلك الفعل الخاطئ الذي يفعله أو على الأقل ينكره، وفي المقابل ينصح غيره بلسان الواعظ ان يبتعد عن ذلك الفعل ويكون دافعه فقط أنه يود الظهور بأفضل شكل.. فهذا هو المنافق.

بالنسبة للحالة الأولى، فهي ناتجة عن العاطفة المتعصبة للرجل الناتجة عن وجوده في مجتمعنا، حيث يكون كل شيء مباحًا للرجل، وإن لم يكن مباحًا صراحةً فيتم التغاضي عنه، ومحرم بل مجرّم على الأنثى، وحين يقتنع المرء أن الخطأ خطأ بغض النظر عن جنس صاحبه، والمباح مباح للجميع، سيتوقف عن الارتياب تجاه الأنثى التي ترافقه.

الانسان بطبيعته يحب الامتلاك وعدم تتدخل الأخرين في ممتلكاته

كأن امنع صديقتي من معرفة اي احد غيري (ذكر) ،وانا في نفس الوقت اطلب او اتوقع منها ان تتقبل انني اعرف الكثير غيرها (اناث)! "مثال"

هكذا أنت شخص طبيعي، سيكون عكس ذلك هو العجيب، بل غير صحي ولا مقبول في مجتمعنا. الأصل أن الرجل له كامل الحرية في التصرفات بينما الأنثى فهي ناقصة عقل ولا تدرك كيف تتصرف ولذا من الأفضل قمعها ومنعها عن أي تصرف قد يحدث شبهة ما تجاهها.. وهذا كله لصالحها وليس ضدها!

فأنا انصح بالصلاة والكثير من الامور الجيدة وانا حتى غير متقنها ولا ملتزم بها تماما، وانصحُ مثلا بالابتعاد عن التسويف قدر الإمكان وانا اكبر مسوّف!

بارك الله فيك، وجزاك خيراً ان شاء الله فأعتقد أن هذا أفضل بكثير من الجهر بالمعصية.

على الأقل أنت تعلم الصواب، هذه مرحلة سابقة للالتزام التام. ولو كان الناصح تاركًا لكل الذنوب لما وجدت ناصحاً!

هذا؟ هل هو طبيعة؟ ام سوء بناء للإنسان؟ ام انه مجرد تصرف سلبي ويجب تعديله للإيجاب؟

النقص سمة الإنسان الطبيعي، فليس منا من هو كامل وبالتالي ستجد كل منا يقدم نصائح لغير او يعظهم وهو لا يعمل بها وأرى أن هذا وحده أمرًا ايجابيًا.

مجرد تصرف سلبي ويجب تعديله للإيجاب؟

الإجابة بسيطة هذه هي فلا تضيع وقتك في السؤال واعمل على تصحيح هذا الأمر مهما فشلت من المرات ولا تبرر الفشل ودائما حاول تصحيحه، بالطبع لا تكن مهووسا بالكمال وتجلد ذاتك ونفسك إلى حد كبير، فالله سبحانه وحده من لا يخطئ. لكن حاول دائما وكرر المحاولة مع التوكل على الله تعالى.

كأن امنع صديقتي من معرفة اي احد غيري (ذكر) ،وانا في نفس الوقت اطلب او اتوقع منها ان تتقبل انني اعرف الكثير غيرها (اناث)!

هذه علاقة محرمة أصلا، لا هي ملزمة بالالتزام بك ولا أنت ملزم بالالتزام بها، بل عليك وعليها التوبة وترك هذه "الصداقة"، هدانا الله في هذه الأيام المباركة.

آية عظيمة:

﴿أَتَأمُرونَ النّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أَنفُسَكُم وَأَنتُم تَتلونَ الكِتابَ أَفَلا تَعقِلونَ﴾ [البقرة: 44]

التفسير المختصر:

ما أقبح أن تأمروا غيركم بالإيمان وفعل الخير، وتُعرضوا أنتم عنه ناسين أنفسكم، وأنتم تقرؤون التوراة، عالِمين بما فيها من الأمر باتباع دين الله، وتصديق رسله، أفلا تنتفعون بعقولكم؟!

الآية لا تدعونا إلى ترك الدعوة للخير لأنك لا تفعل الخير، بل تدعونا إلى الدعوة للخير مع فعله.