هل نستخدمها للبقاء على اتصال أم أنها تؤدي إلى الانعزال الاجتماعي؟
هل وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية أم تعزل الأفراد أكثر؟
لفترة طويلة كنت أظن أنها سلاح ذو حدين، واننا إذا استطعنا التحكم فيها سنتمكن من استخدامها لتعزيز التواصل بيننا بدلا من إضاعة الوقت والانعزال الاجتماعي، لكن مؤخرًا وبناءً على عدد من المشاهدات في مجتمعي، فخوارزميات مواقع التواصل مصممة لكي تجعلك تمضي أكبر وقت ممكن عليها، وإذا استطعت التحكم في وقت استخدامك لها في البداية، فمع الوقت ستنجذب إليها شيئا فشيئا. وقد جربت بالفعل الانقطاع عن مواقع التواصل لمدة حوالي 4 شهور، وقد رأيت العديد من الآثار الإيجابية في انتاجيتي وصحتي النفسية.
بالنسبة إلى فئة كبيرة هي طريقة للتواصل وخاصة أنهم ليس لديهم فرص جيدة في التواصل الفعال على أرض الواقع، وهي تساعد على كسر حالة الانعزال الاجتماعي بالنسبة لهم، عن طريق التعرف على صداقات وثقافات مختلفة من العالم، ولكن لا أنكر أن لها الجانب السلبي الذي يؤدي إلى الإنعزال ولكني أرجح كفة الجانب الإيجابي طالما استطاع الفرد أن يوازن بين التواصل الحقيقي والإلكتروني على هذه الوسائل.
للأسف الكثيرون في الوقت الحالي يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعية بشكل خاطئ مما يؤدي في نهاية المطاف إلى انعزالهم عن العالم، فهم يقضون الكثير من الوقت في تصفح الفيديو والمنشورات ومتابعة الصفحات غير الهادفة، وذلك دون الانتباه إلى تلك المواقع كوسيلة للتواصل مع الآخرين، لذلك أعتقد أنها تسببت في انعزال الكثيرون بشكل أكبر.
وسائل التواصل في الحقيقة تؤدي الدورين فهي تعزز التواصل وتمنعنا عنه بنفس الوقت.
وما أقصده هنا هو أنها تعزز التواصل للفئة التي لا تمتلك الوقت للتفاعل الاجتماعي، أو لا تمتلك القدرة على خلق تواصل فعال، أو إجراء اتصال مباشر.
وتمنعنا من التواصل لأن فئة كبيرة من الذين يجيدون التواصل المباشر بدأوا ينسحبوا من ذلك ويتجهوا للاعتماد عليها، وهذا يجعل صورة التفاعل الاجتماعي بها فراغ وهشة للغاية.
وبالمناسبة أنا غير مؤيد لها بسبب خدمتها لمن لا يجيد التواصل لأنها بالمقابل تدمر فئة أخرى، وكان من الأفضل أن نعزز مهارات التواصل ونعمل على تنميتها بدلاً من البحث عن بديل.
قمت بحذف بعض تطبيقات التواصل منذ ما يقرب من العام، وعندها اأدهشني الوقت الذي كنت أقضيه بالتصفح بلا هدف بينما يمكنني توظيف الوقت نفسه بعمل مفيد، الهدف الأساسي من وسائل التواصل الاجتماعي هو الاستغناء عن التواصل الاجتماعي الحقيقي واستبداله بعالم افتراضي يخدم بصورة أساسية مصالح أصحاب الأعمال والمؤثرين عبر تلك المنصات بينما لا يحصل المستخدم على شيئ سوى العزلة وضياع الوقت والمال.
وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مزدوجًا، حيث يمكن أن تساهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية وفي نفس الوقت قد تؤدي إلى عزل الأفراد، وذلك يعتمد على كيفية استخدامها:
1. تعزيز العلاقات الاجتماعية:
- التواصل المستمر: تتيح وسائل التواصل الاجتماعي للأفراد البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة حتى لو كانوا بعيدين جغرافيًا. يمكن تبادل الرسائل والمكالمات المرئية بسهولة.
- التواصل مع مجتمعات جديدة: تساعد في تكوين علاقات جديدة من خلال الانضمام إلى مجموعات ذات اهتمامات مشتركة أو الانخراط في مناقشات عامة، مما يعزز التفاعل الاجتماعي.
- التواصل مع الأشخاص الذين يصعب الوصول إليهم: تتيح هذه الوسائل للأفراد التواصل مع شخصيات أو جهات قد يصعب الوصول إليها في الحياة الواقعية، مثل المشاهير أو المؤثرين.
2. العزل الاجتماعي:
- العزلة العاطفية: على الرغم من كثرة التواصل عبر الإنترنت، قد يعاني البعض من العزلة العاطفية لأن هذه الوسائل قد لا تلبي الاحتياجات العميقة للعلاقات الإنسانية الحقيقية، مثل التفاعل وجهاً لوجه.
- الإدمان على العالم الافتراضي: قد ينغمس بعض الأشخاص بشكل مفرط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما يقلل من التفاعل الاجتماعي الواقعي ويؤدي إلى عزلة اجتماعية.
- القلق الاجتماعي والاكتئاب: الاستمرار في مقارنة الحياة الشخصية بما يعرضه الآخرون على الإنترنت يمكن أن يسبب مشاعر الغيرة والقلق، مما يؤدي إلى زيادة العزلة والانطواء.
التوازن هو الحل:
في النهاية، وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون أداة فعالة لتعزيز العلاقات، بشرط أن يتم استخدامها بحكمة ودون مبالغة. التركيز على تعزيز العلاقات الحقيقية وجهاً لوجه مهم لضمان توازن صحي بين التواصل الرقمي والواقعي.
التعليقات