قال المتنبي: 

ما كل ما يتمنى المرء يدركه              تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ

جاء هذا البيت ليكون حجة لمن يريد التقاعس والتكاسل، وذريعة قوية لمن تعثر، فلطالما تمسكنا في هذا البيت، كلما واجهتنا المصاعب والمتاعب، ليكون بمثابة استسلام للواقع وتعلُّل بالظروف مهما كانت قاسية، فعلينا الرضا بها ومجاراتها وعدم المحاولة من جديد، لنركن إلى الخمول. 

فهل ما وصلنا إليه من هذه الأبيات هو دعوة للخضوع والاستسلام والتخلي عن أهدافنا وأحلامنا لو لم نصل إليها من المحاولة الأولى؟ أم هو الرضا بقضاء الله وقدره وأنه مهما تصدينا لهذه الظروف فلن نستطيع تغييرها لأنها بإرادة الله؟

ليأتي شاعرًا آخرًا عليه فيرد عليه قائلًا: 

تجري الرياح كما تجري سفينتنا         نحن الرياح و نحن البحر و السفن ُ  

 إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ             يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجن      

 فاقصد إلى قمم الاشياءِ تدركها         تجري الرياح كما أرادت لها السفنُ

فقد استطاع صاحب هذه الأبيات أن يعكس المعنى الحقيقي للتحدي، وشحذ الهمم، والاصرار والعزيمة، ليثبت لنا بأنه يمكن للمرء أن يعاكس ظروفه ويصارعها بقوة إرادته وبهمته القوية، فهذه الأبيات تبعث الأمل للصعود نحو القمة، وتجدد الأماني، وترتقي بها، فهنا نصنع جيلًا طموحًا لن يعجز عن تغيير الظروف للأفضل، فهنا تنكسر العراقيل، ويتحول المستحيل إلى ممكن، فنخلق أجواء من التنافس الجميل الذي يبعث الطاقة الإيجابية ليخرج جيلًا منتجًا عظيمًا.

دعونا نسمع آراءكم، هل هذا التحدي وهذا الشاعر نجح بأن يرقى لأبي المتنبي وأشعاره، أم يبقى من البهلوانيات الشعرية لا يطال أشعار المتنبي؟ ومع من تتفق؟ هل بإمكاننا تغيير الظروف والواقع وتبديل وجهة الرياح ؟