"لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي

وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي".

في هذا البيت يخبرنا المتنبي عن مدى حبه وعشقه لحبيبته فله يعطي كل القلب وكل ما بقى منه وما لم يبقَ أيضاً، حتى أنه يضيف في البيت الذي يليه من القصيدة:

"وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه … وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ".

فهو ولهان بحبيبته لدرجة أنه غير نظرته للحب من أجلها فهو لم يكن من النوع الذي يعشق ويغرم ولكن كل هذا تغير بمجرد أن رآها فدخلت قلبه وسكنت فيه.

وهذا يدفعنا للتساؤل: هل يجب علينا أن نسلم للحب كل شيء ونعطيه كل القلب وكل الفكر وكل الروح كما ينادي البعض؟ أم أن هذا يُعتبر شِركاً وزيفاً في علاقة إنسانية لم ولن ترتقي لعلاقة الإنسان بخالقه والتي يفترض أن يعطي فيها المخلوق كل قلبه وعقله وفكره وروحه ووجدانه؟!

وفقاً لنظرية المتنبي كعاشق مغرم بحبيبته فهو مستعد لتقديم أي شيء في علاقة كهذه بحسب قوله، فهل هو مستعد للتضحية بحياته من أجلها؟ هل كان مستعد للتخلي عن شعره وقصائده في حبها؟ هل تنازل عن مديح الملوك والسعي عن المناصب في سبيل هذه العلاقة؟!

قد يبدو هذا الكلام غير منطقياً للبعض فكيف أتخلى عن كل شيء من أجل من أحب! هل سأترك عملي ومستقبلي مثلاً بسبب شخص ما؟ هل يجب علي المخاطرة بحياتي في سبيل إنقاذه؟ هل سيأتي اليوم الذي سأكون مُجبراً فيه على إتخاذ قرارات صعبة ومصيرية بسبب علاقة كهذه؟!

قد تختلف إجاباتنا باختلاف شخصياتنا وظروفنا وطباعنا ومواقف الحياة التي نتعرض لها وطبيعة العلاقة نفسها، ولكن الحقيقة الثابتة والمؤكدة لدى الجميع هي أن الحب يحتمل ويضحي ويبذل والقاعدة الذهبية هنا هي هذه: المحبة لا تسقط أبداً.