متى يصبح التسامح والطيبة عبئاً بدلا من كونه فضيلة؟ من مسلسل وتقابل حبيب

من الطبيعي وجود مساحة في العلاقات حيث يمكن أن يخطىء الشريك - الصديق، بدون اتخاذ رد فعل فوري على كل خطأ فهذه هي طبيعة العلاقات، لكن لها شروط:

أن تكون هذه المساحة للمسامحة مشتركة بين الطرفين، فلا يكون طرف واحد هو الذي يقدم التسامح، بينما الطرف الآخر دائم التذمر من كل خطأ.

شرط آخر؛ هو اشتراك الطرفين في محاولة عدم إيذاء الآخر، أي يراعي كل طرف الطرف الآخر.

إذا كان مجهود العلاقة يقوم على طرف واحد بدونه ستتقوض العلاقة، فمن الجيد عدم إعطاء هذه العلاقات وقت كبير لأن مصيرها هو الانتهاء.

متى يجب أن نضع حدود حتى لا يُساء استغلال مسالمتنا

يجب أن نضع حدودًا عندما نلاحظ أن الآخرين يستغلون تسامحنا أو يتجاوزون حقوقنا بشكل متكرر، أو عندما نبدأ في الشعور بأننا نفقد أنفسنا في العلاقة، الحدود تكون ضرورية عندما تبدأ هذه العلاقات في التأثير سلبًا على صحتنا النفسية أو عواطفنا، أو عندما نلاحظ أن تضحياتنا لم تُقابل بالتقدير أو الاحترام المتبادل.

أيضاً وضع الحدود لا يعني الانغلاق أو القسوة، بل هو جزء من حماية النفس وضمان توازن العلاقة، فعندما نتوقف عن وضع حدود، قد نسمح للآخرين بالتحكم في حياتنا أو استغلال طيبتنا، وبالتالي تصبح الحدود وسيلة للحفاظ على احترامنا لذاتنا وضمان علاقات صحية ومستدامة.

التسامح يصبح عبئًا عندما يكون بديلًا للمواجهة ووضع حدود تسمح للشخص بحماية حقوقه والحفاظ على أولوياته. ففكرة تجاوز الأخطاء دائمًا وتجنب المشكلات ينتج عنها استغلال سواءً بقصد أو بغير قصد، كونها تعطي إشارة واضحة ب "إتاحة" هذا الشخص دائمًا، فهو لا ينزعج من سوء المعاملة، ولن يغضب إذا تجاوزنا حقوقه، بل العكس سيكون متسامحًا ولينًا حتى لا يخسر الطرف الآخر، وهنا في رأيي تكمن المشكلة الأساسية، فهذا النوع من التسامح يعكس خوف شديد من الفقدان وشعور بالذنب نتيجة رفض أي طلبات من المقربين (أو حتى الأغراب)، وعليه تكون الإجابة دائمًا بالتماهي مع رغبات الآخرين، وفي أغلب الحالات لا يدرك الشخص مدى تسامحه حتى يصطدم بمواقف قوية تدفعه دفعًا نحو الجانب (ال Extreme الآخر) من غضب وكره ورغبة في وضع حدود قاسية قد تمنعه حتى من غبقاء العلاقات السوية في حياته، لذلك الموازنة بين إرضاء الآخرين والتركيز على أولوياتنا وحدودنا أمر مهم جدًا.

متى يجب أن نضع حدود حتى لا يُساء استغلال مسالمتنا؟

يجب وضع الحدود عندما يصبح التسامح باباً لتمادي الآخرين في الخطأ، وعندما نشعر بأن طيبتنا تُستغل بدلاً من أن تُقدَّر. المسامحة لا تعني التنازل عن الكرامة أو القبول المتكرر بالأذى، بل يجب أن تكون مرتبطة بوجود تغيير حقيقي من الطرف الآخر. الحدود ضرورية عندما يصبح العطاء من طرف واحد، وحين نكتشف أن الحفاظ على السلام يأتي على حساب سعادتنا واحترامنا لذاتنا.

ثمة فارق كبير بين الطيبة والتنازل عن الحق أو السذاجة، وحتى الطيبة نفسها لو زادت عن الحد لكانت عبء كبير، أنا أرى أن الطيبة والتسامح كلاهما جيد لو كان التأثير بسيط أو كان الخطأ هو الخطأ الأول، أما لو كان تأثير ضرر الآخرين بالغ فلا داعي للطيبة هنا وكذلك لو كانت الأخطاء تتكرر دون أن يلتفت الآخرين لنا فالطيبة هنا حمق لا قيمة له

التسامح جميل، لكن عندما يصبح على حساب كرامتنا وسعادتنا، يتحول الى استنزاف، ربما يكون الحل هو وضع حدود واضحة من البداية، حتى لا يكون هناك فرصة لاستغلال طيبتنا