في إحدى حلقات مسلسل الخيال العلمي Black mirror واسمها Be Right Back كانت هناك تقنية تمكن الإنسان من استنساخ المتوفي من كل البيانات التي تخصه مثل صوته وصوره وكتاباته وحساباته على مواقع التواصل وخلافه ورغم أن هذه التقنية وقت صدور الحلقة كانت تبدو كأمد بعيد. لكن مع التطورات الأخيرة في الذكاء الصناعي وجدنا تقنيات يمكنها تقليد صوتك بمهارة وكذلك الحديث معك وإدارة النقاش. وهناك بالفعل نماذج تستخدم أصواتًا وشخصيات حقيقية كما أن تجميع بياناتنا يحدث بشكل فعلي بينما نتحدث الآن وربما تكون تلك البيانات كاشفة بشكل لا نتخيله لهذا الشخص. والأمر هنا لا يتوقف على فكرة أن تقوم شركة بعرض الأمر كخدمة بمقابل مادي بل هناك بالفعل تكنولوجيا تمنكك الآن من القيام بالشيء نفسه لو كانت هناك فقط البيانات الكافية معك وهناك بالفعل من قام بتدريب الذكاء الصناعي على صوته مثلًا وبوجود تقنيات مثل التزييف العميق أو Deep fake فيسمكن حتى إنتاج فيديوهات كاملة يتحدث فيها مع المتوفي معنا. وهناك بالفعل أشخاص مستعدون لتجربة مثل هذه التقنيات إن لم تكن متواجدة بالفعل فقط ليسمعوا صوت الفقيد يحادثهم او يشعروا أنه معهم حتى لو لفترة وجيزة. فهل ستكون فكرة مواسية لمن يحتاج إليها أم مؤذية؟
مسلسل Black mirror حلقة "سأعود حالًا": ماذا سيحدث لو توقفنا عن الموت؟
..إنتاج فيديوهات كاملة يتحدث فيها مع المتوفي معنا.
لو حدثني أحد عن ذلك قبل حوالي عشر سنوات لاتهمته بالجنون.. لكن الآن أصبح ذلك واقعنا المعاش!
ولقد تفاجأت منذ بضع سنوات من بعض البرامج والحفلات الفنية التي تستخدم تقنية تعرف بالهولوجرام، وهي تعتمد على تكوين صور ثلاثية الأبعاد بإستخدام أشعة الليزر وبعض التقنيات الأخرى..
فلم أكن لأتخيل أبدا أنني سأتابع حفلا لأم كلثوم أو عبد الوهاب مباشرة بوقتنا الحاضر!
فهل ستكون فكرة مواسية لمن يحتاج إليها أم مؤذية؟
برأيي هي سلاح ذو حدين، شأنها شأن جميع تقنيات الذكاء الإصطناعي.
لو حدثني أحد عن ذلك قبل حوالي عشر سنوات لاتهمته بالجنون.. لكن الآن أصبح ذلك واقعنا المعاش
نفس الأمر حدث معي عندما تذكرت أفلام الخيال العلمي التي شاهدتها وأنا صغير وكنت أفكر كيف تسير حياتهم بهذه الطريقة، اليوم نحن نتناقش عن أثر هذه الأفكار المتخيلة ولكن في حياتنا نحن.
برأيي هي سلاح ذو حدين، شأنها شأن جميع تقنيات الذكاء الإصطناعي.
أعتقد ممكن أن يعتمد الأمر على التوقيت الذي يستخدم الشخص فيه تلك الخدمات، يعني إذا كان في حالة واعية وخطر بوجدانه اشتياق عاير فلا بأس أن يزيل ذلك الشوق بمثل تلك التقنيات، لكن في حالات أخرى مثل من فقد حبيب في حادث لاقدر الله علينا هذا؛ فقد تتسبب هذه التقنيات في انعزاله عن الواقع وعيش حياة انفصامية.
فقد تتسبب هذه التقنيات في انعزاله عن الواقع وعيش حياة انفصامية.
سبق وأن شاهدت هذه الفكرة بفيلم أجنبي لا أذكر اسمه الآن..
حيث كانت تدور قصته حول فتاة فقدت صديقها بحادث، فانعزلت عن العالم وظلت تستمع لمقاطع موسيقية متنوعة؛ إذ يفترض أنها ستتمكن من اعادته للحياة عند العثور على مقطوعة معينة!
بالضبط لكن فكرة كونها سلاح ذو حدين أعتقد أن الحدين هنا أخطر من بعضهما، فلو سببت المواساة لربما كانت إدمانًا يحاول معالجة الفقد ولا يستطيع أن يعيش الحياة، ولو كانت مؤذية لربما جعلت الأفراد حتى يفقدون عقولهم خصوصًا لو كان المتوفي مثلاً طفلًا أو شيء مشابه
وهناك بالفعل أشخاص مستعدون لتجربة مثل هذه التقنيات إن لم تكن متواجدة بالفعل فقط ليسمعوا صوت الفقيد يحادثهم او يشعروا أنه معهم
تذكرت فيديو كنت قد شاهدته من قبل عن أم ترى أبنتها المتوفية باستخدام التقنية المذكورة، لا تتخيلي مقدار الألم الذي شعرت به، شيء محزن أن نتذكر شخص رحل عنا بهذه الطريقة، فعقولنا تدرك جيداً أنه رحل عنا وعيوننا تراه، أنه أمر صعب للغاية يزيد من مشاعر الحزن والألم ويجدد الجراح، أراها فكرة مؤذية بالطبع خاصة عندما تخيلت نفسي في الموقف ذاته.
أتفق معكي فأمر الأذى سيكون هوا الغالب، وبالخصوص لأننا سنرى صورة أو جسد فقط، ولكن لن يكون التفاعل هوا نفسه وإن كان الصوت هوا نفس الصوت، سأكون مستاءاً إن تحدثت إلى شخص عزيز على فارقني ولا أجده يتحدث بطريقته التى إعتدت عليها.
سأكون مستاءاً إن تحدثت إلى شخص عزيز على فارقني ولا أجده يتحدث بطريقته التى إعتدت عليها.
بالفعل وناهيك عن مشاعر الحزن عندما يمر شرط ذكرياتك معه أمام عينيك يعقبها لحظة وفاة ذلك الشخص التي ستشعر وقتها أنك تعيشها مرة أخرى بنفس تفاصيلها المؤلمة، شخصياً شعرت بالحزن فقط بعد قراءة الفكرة فماذا لو قمت بالتجربة بنفسي؟ الأمر في غاية الصعوبة.
يزيد من مشاعر الحزن والألم ويجدد الجراح، أراها فكرة مؤذية بالطبع خاصة عندما تخيلت نفسي في الموقف ذاته.
ما المشكلة، فهي أفضل من لا شيء على الإطلاق. أعتقد أن كثير من الناس ستتقبل تلك التقنية وتستخدمها.
أحيانًا تغلبنا مشاعر الحنين لشخص متوفى ونود أن نراه ولو بالحلم، وحين نراه بالحلم لا يفرق معنا بأي طريقة كان يتكلم وهل تكلم أصلًا أو لا. هذه التقنية ستشبه ما نراه بالحلم إلى حد كبير. قد نبكي من الحنين ولكن الأمر لن يصل إلى درجة الأذى. بالعكس، أكثر من يستخدمون التقنية سيعيدون استخدامها حتى لو بكوا مرة واثنتين وثلاثة.
التعليقات