لماذا يميل البعض إلى النهب والسرقة عند الفاجعة؟

لا يوجد شخص سوي يتحول للص أثناء كارثة، فهذا غير مبرر إلا بأنه مجرم من الأساس وليس مجرم بالصدفة أو بالعاطفة.. فهذا الإنسان لديه ميول إجرامية، ربما معتاد على السرقة، وربما مستعد لها لكنه لم يحظى بالفرصة وفي هذه الأوقات العصيبة يستغل انشغال الناس ويقوم بارتكاب الجريمة.

قد يظن أنه أولى من غيره في الحصول على هذه المغانم التي قد ياخذها غيره. ولكني أجد ان السرقة في هذه الأوقات يجب أن تأخذ حكم الظرف المشدد للسرقة ولا يتم تخفيف الحكم تحت أي عذر.

ما الأسباب الأخرى أو التفسيرات التي تجدها منطقية وراء السرقة أوقات الكوارث برأيك؟

كل الأسباب التي تدعوهم أو أي شخص يعيش حالياً بظروفهم تدعوهم إلى القيام بهذه الأفعال التي قد تبدو غريبة فقط في مجتمعات "مدنية حضارية" مستحدثة تُدرك ما الذي يعني أن تكون ضمن جماعة، وهنا عليّ أن أسأل حضرتك، ما الذي تقصدين به بمجتمع وما الذي تعنيه هذه الكلمة بالنسبة لحضرتك؟

برأيي أنا وطبعاً أنتظر إجابتك إيضاً هو أنّ المجتمع هي البقعة الجغرافية التي يتفق فيها البشر على إقامة مُستقرّ لهم يتفقون فيه على واجبات معيّنة مقابل الحصول على حقوق معيّنة، أي أنّها صياغة ديناميكية معروفة مسبقاً تسمح للشخص بتوقّع حركة من الشخص الآخر وبالتالي الشعور بالأمان بجانبه، ما هي أهم هذه الواجبات؟ أن تؤمّن جارك ومحيطك من الأذى، وبالمقابل ما الذي سيحصل؟ سيؤمّنك هو من الأذى. وأنتم الأثنين سوف تسمحون لبعضكم بعضاً بالعمل معاً طالما أنّ الحال كهذا.

هذا الأمر الذي ذكرته، الفلسفة تطلق عليه مصطلح لا بُدّ وأنّهُ مرّ على حضرتك عشرّات المرّات قبل الآن، وهو مصطلح: العقد الاجتماعي. وهنا لن أدخل في تفاصيل معنى العقد الاجتماعي حرفياً، أنصح ويمكنك في ذلك قراءة توماس هوبز وجان جاك روسو وغيره من الفلاسفة الذين فنّدوا كثيراً بهذه القضيّة.

إذاً لماذا الحاصل في سوريا مثلاً طبيعي وغير غريب بالمرة؟ لإنّ هذه البقع الجغرافية أخلّت بالعقد، بمثل هذه الكوارث في حال لم تكن هناك حكومات قادرة على تقديم ولو وعود أو آمال قليلة على الأقل بأنّ هناك واجبات اتجاه من أوذي، فإن الطبيعي أن يتم فسخ العقد الاجتماعي وأن يتصرّفوا البشر تلقائياً بمثل هذه البربرية وهذا لا يُمكن أن يحصل بمجتمعات متطوّرة قادرة وتحترم عقودها الاجتماعية.

بصراحة لا أجد أن هذا التفسير منطقي أبدًا، قبل عامين توفى زوج عمتي فجأة لم يكن يشكو من شيء ولديه متجر تحت بيته، عندما حدثت الفاجعة وبالتأكيد لا يكونوا أهل المتوفي واعيين لشيء غير ما حدث، بعد فترة وعندما استفاقوا قليلًا تفقدوا أحوالهم ولاحظوا نقص في نقودهم والتي كانت في الغرفة التي توفى بها تخيلي أنهم يحملون الميت والبعض رآها فرصة للنهب؟ وحتى من المتجر كان يوجد سرقات في البضائع والنقود.

لم يكونوا مضطرين ولا حتى سرقوا من أجل البقاء على قيد الحياة، هذا بطبعهم هم. وكذلك في الزلازل والكوارث، مثلًا لو كانوا فعلًا لهدف البقاء فكانوا يوزعون الكثير من المعونات لجميع المتضررين حتى يبقون على قيد الحياة، فلا أقتنع بأنه سبب الفرار أو القتال ليس فيما يخص السرقة.

سبب منطقي لا يوجد لدي سوى أنه شخص سارق بالأساس واستغل حالة الفوضى لأن الجميع مشغولون وبذلك سوف يجمع أكبر عدد من السرقات لا بارك الله فيهم.

ما الأسباب الأخرى أو التفسيرات التي تجدها منطقية وراء السرقة أوقات الكوارث برأيك؟

مساهمتك هذه ذكرتني بالمساهمة التي تشير إلى أن الإجرام معزو للمشكلة بفص الدماغ الأمامي .

انا إنسانة مؤمنة بالعلم ولكن هذه الأقوال والتفسيرات غير مبررى على الإطلاق ، لا يصبح المرء مجرم في لحظة وضحاها، لا يمكن لشخص سوي أن يقبل فكرة تعديه على ممتلكات الغير ، ولكن هي ظاهرة منتشرة فنحن في الحروب هنا الكثير من الأسر التي تغادر بيوتها لاقترابها من خطوط التماس مع العدو ، فيتسغل الفرصة السارقين والمجرمين للاستيلاء على ممتلكات البيت ، ولكن لا ارى سوى دافع قلة الدين والإحساس هو الذي يمكن أن يوجه الإنسان لعمل شنيع كهذا .

الإستغلال أيضا .. وضعف الضمير

لقد قرأت ان شابا توفي في الجزائر عندما كان يقود دراجة نارية وأصطدم بسيارة .. فتوفي

وقام أحد المارة بسرقة محفظته !

قد نجد ذلك بالفعل في حالات الفاجعة، يميل البعض إلى النهب والسرقة بسبب الخوف وعدم اليقين بشأن المستقبل. يعتقد البعض أن الحصول على الموارد الضرورية في الوقت المناسب سيساعد في البقاء والنجاة.

لذلك من الضروري توفر للتدابير الأمنية والإجراءات الاحترازية المناسبة أن تقلل من السلوكيات السلبية المرتبطة بالفاجعة. على سبيل المثال، يمكن للحكومات والمنظمات المحلية توفير الموارد الضرورية والإعلام الفعال لتعزيز الشعور بالأمان والثقة في المجتمع.

ولكن في الفترة الأخيرة قد نشهد نهب من نوع اخر، وهي عندما تحدث ندرة في السلع خصوصا مع اقتراب شهر رمضان يبدا الكثير من الأفراد أن يتخذوا إجراءات وقائية مثل تخزين المواد الغذائية والمياه والأدوية والمستلزمات الأخرى للاستجابة للأزمات وهنا تحدث الكثير من السرقات والنهب غير متوقع.

هنا ندرك قيمة الدولة والأمن ، فألانسان عندما تعم الفوضى من حوله، تتحرك غرائزه الذاتية التي ليس لها حد يشبعها، فيجد الفرصة في الاستحواذ على كل ما يستطيع ان يتملكه، في لحظة لا حسيب بها ولا رقيب ، سوء الانا والغريزة .

وهكذا كان الأنسان في مرحلة ما قبل الدولة