كثير من الأشخاص يعتبون على الأطباء النفسيين بعد انتهاء الزيارة قائلين: "لم يستمع لي بدرجة كافية." هذا الانتقاد الذي ينال الأطباء النفسيين ليس في محله. لا أخفيكم سرًا لقد وقعت أنا أيضًا في هذا الفخ، واتهمت إحدى الطبيبات بأنها ليست مستمعة جيدة :)

ولكني توصلت مؤخرًا إلى أنّ الاستماع في الواقع لم يكن وظيفتها الأساسية! 

أطرح اليوم موضوعًا في غاية الأهمية، حتى أنّني وجدت كثيرًا من المتعلمين والمثقفين لا يعرفون الفرق بين الطبيب النفسي والمعالج النفسي، ويخلطون بينهما. فما الفرق بين كليهما؟

شخصيًا لا أحب أن أقلل من دور أحدهما لحساب الآخر؛ فأنا أجد عمل كل منهما يتكامل مع الآخر بطريقة مثالية.

في البداية: ما هو الطب النفسي؟

هو تخصص طبي في المقام الأول؛ حيث يحتاج الشخص حتى يقوم بالتخصص فيه الالتحاق بكلية الطب واجتياز المرحلة الجامعية، ثم يأتي اختياره لهذا التخصص بعد التخرج. وهو يتداخل مع تخصص العصبية بدرجة ما. 

هو ينظر للمخ (الدماغ) بصفته عضو من أعضاء الجسم، يمرض وتنشأ عنه اختلالات!

الطبيب النفسي هو الوحيد المسموح له بوصف الدواء لمن يترددون على عيادته، هذه الأدوية التي يصفها تلعب في كيمياء المخ، تقوم بتعديل الهرمونات بما يساعد المريض على التماثل للشفاء. 

حسنًا، وما هو علم النفس؟

أما علم النفس فيمكن دراسته دون الحاجة إلى المرور مراحل دراسة الطب، تخصص علم النفس يميل إلى تحليل تصرفات الأشخاص وتوقع ما سيبدر منهم على أساس ذلك. لكن دون وصف أي أدوية، إنهم يحللون ويستنبطون ويستمعون لزائرهم قدر رغبته، ويحاولون توجيهه نحو سلوكيات تحسن من أدائه، وإذا لزم الأمر فإنهم ينصحونه بزيارة طبيب مختص. 

لكن على الرغم من ذلك، يستطيع بعض الأطباء القيام بدور المعالج النفسي؛ فبعضهم يكون قد زوّد نفسه بالمعرفة اللازمة للتعامل مع الحالات التي تتطلب منه الاستماع والتحاور بشكل أساسي، دون اللجوء للأدوية كَحَل.

وأخيرًا: لنحفظ جيدًا هذه الجملة في عقولنا، ليس كل اضطراب يستحق زيارة الطبيب النفسي، وليس كل حزن اكتئابا.

والآن الحديث لكم.. هل كنتون تدركون الفرق قبل هذه التدوينة؟ وبرأيكم كيف يمكن وصف العلاقة بين هذين النوعين من شكال العلاج النفسي؟ هل هما مرتبطان حقًا؟ أم يتنافسان بسبب القرب بينهما؟