أتذكر تلك الليلة وكأنها محفورة في ذاكرتي. كان والدي غاضبًا بشدة لأنني لم أقم بإنهاء واجباتي المدرسية مرة أخرى. حاولت أن أشرح له أنني كنت مرهقًا، لكن كلماتي سقطت على آذان صماء. العقاب كان سريعًا وصارمًا. شعرت حينها بالعجز، وكأنني محاصر في دوامة من الخطأ والعقاب.

العقاب الشديد غالبًا ما يؤدي إلى مشاعر الخوف والعار، هذه المشاعر تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب. هناك دراسة أجرتها "الجمعية الأمريكية لعلم النفس" (APA) أكدت أن العقاب الشديد والمتكرر يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الأهل أو المعلم والشخص المعاقب، مما يولد شعورًا بعدم الثقة والخوف. هذا يؤدي إلى تفاقم السلوك السلبي بدلاً من تصحيحه. فالطفل، على سبيل المثال، قد يصبح أكثر تمردًا وسرية، ويبحث عن طرق لتجنب العقاب بدلًا من تعلم الدروس المفيدة التي يمكن أن تساعده في تحسين سلوكه.

تشير أيضًا الأبحاث إلى أن العقاب قد يؤدي إلى تأثير "الانسحاب النفسي"، حيث يشعر الشخص بأنه غير قادر على التحكم في محيطه، مما يؤدي إلى نوع من الاستسلام أو الشعور بالعجز المكتسب. في هذا السياق، يصبح الشخص أقل ميلًا للمحاولة أو التغيير، مما يضعف دافعيته الداخلية ويقوض بناء ثقته بنفسه.

العقاب، رغم أنه يبدو وسيلة مباشرة لتعديل السلوك، إلا أن تأثيره قد يكون أعمق وأشد ألمًا مما نتخيل. العقاب يترك وراءه ندوبًا نفسية قد تستمر لسنوات لأن الشعور بالخوف أو العار يمكن أن يدفع الإنسان للتمرد، وكأننا نبحث عن مهرب من تلك القيود. قد نعتقد أننا نعلم الشخص درسًا، لكننا في الحقيقة ندفعه بعيدًا عن التغيير الإيجابي، حيث يتحول السلوك الممنوع إلى رمز للحرية في نظره.

 ما رأيكم في نظرية الثواب والعقاب؟