حينما بدأت دراسة مادة علم الأمراض "الباثولوجي" كنا نواجه يوميًا عددًا من الأمراض منها المعروف ومنها الجديد على مسامعنا جميعًا. وفي هذا الفصل الدراسي تحديدًا عانيت من بعض الآلام العضلية وألم الأعين. ولكن عبر الفحص وإجراء التحاليل اللازمة لم يكن هناك أي مرض عضوي يتعلق بالآلام التي شعرت بها، والغريب أن بعض زميلاتي بدأن يشتكين من وجع في الأسنان ووجع في الأعين وأخرى تشعر بطنين في أذنها، وكان الموضوع غريبًا! ولكن ما وجهتنا إليه إحدى الزميلات أننا قد نعاني من توهم المرض، ولكنه يختلف مع دارسي المواد الطبية والأمراض بتفاصيلها، ولذا فقد أطلق عليه متلازمة طالب الطب Medical Students’ Syndrome، وهو اضطراب توهمي يصيب طلاب الطب وبالأخص من يتدربون ليصبحوا أطباء. وقد شغلت المتلازمة بال الكثير من الأطباء فبدأوا في التقصي لمعرفة إن كانت منتشرة أم لا. ففحص بعضهم عدد من أطباء الطب ليجدوا أن نسبة تقارب 70% يعانون من مخاوف طبية غير حقيقية، ووجدوا 90% من حالات الدراسة يواجهون متلازمة طالب الطب مما يضعهم أمام احتمال الوصول لحالة من الاختلالات العضوية والنفسية المتعددة.

أسباب الإصابة بالمتلازمة:

إن السبب الرئيسي لمتلازمة طالب الطب هي المعرفة، تصور أنك تعرف الكثير من الأمراض وتعرف كل ما يخصها من أعراض وأسباب إصابة. تلك الأمراض ليست بالهينة وإنما يدرس الطالب أمراض صعبة مثل السرطان وفيروس الإيدز وأمراض القلب والسكر والضغط وغيرها. كل هذا الأمراض تضع طالب الطب أمام احتمالية الإصابة نتيجة تهويله لعرض بسيط ظهر عليه مثل إصدار المعدة لبعض الأصوات الطبيعية ولكنه يحولها إلى احتمالية الإصابة بسرطان القولون!

كذلك يلجأ الطالب إلى تشخيص نفسه نتيجة زيادة الثقة في علمه، فيتوقع أمراضًا لا علاقة لها بحالته.

وربما تنقلب الآية فيعاني مصاب متلازمة طالب الطب من بعض الأعراض كالغثيان والتعرق الزائد وعدم القدرة على التنفس أو النوم جيدًا وارتفاع معدل نبضاته. يمكنني تقليب هذه المتلازمة بمثل مشهور مضمونًا فقط وهو "انقلب السحر على الساحر"، فنتيجة القلق الزائد من ظهور مرض ما تبدأ أعراض القلق تتحول إلى أعراض جسدية حقيقية.

ماذا عنكم.. هل عانيتم من أعراض مرض ما بمجرد السماع عنه، وكيف نتجنب الدخول في هذه الحالة من التوهم المرضي؟