من أكبر مميزات العمل الحر أنه يتيح لنا اختيار أوقات العمل بحرية، ولكن في المقابل، نجد أنفسنا نعمل دون توقف تقريباً، إما بسبب ضغط المشاريع، أو لأن الدخل مرتبط بعدد الساعات التي نعملها. البعض يحاول وضع جدول زمني صارم، بينما يعتمد آخرون على العمل وفق الحاجة فقط، لكن كلا الطريقتين قد تؤديان إلى الإرهاق أو عدم الاستقرار. لذا، كيف ننظم أوقات العمل بطريقة متوازنة؟
العمل الحر يعني أنك تعمل وقتما تشاء، لكن الحقيقة أنك تعمل طوال الوقت
العمل الحر ليس حرية مطلقة، بل معركة مستمرة مع الوقت والإنتاجية. الفكرة القائلة بأنك تعمل وقتما تشاء خادعة، لأن الواقع أنك تعمل طوال الوقت أو تفقد دخلك. لا جدول زمني يحميك، ولا راتب ثابت يضمن استقرارك. كل ساعة لا تعمل فيها هي ساعة بلا مقابل، وهذا ما يجعل الكثير من المستقلين عالقين في حلقة لا تنتهي من العمل والإرهاق.
إذا كنت تجد نفسك تعمل ليلًا ونهارًا بلا راحة، فالمشكلة ليست في طبيعة العمل الحر، بل في غياب نظام واضح يدير وقتك بفعالية. بعض المستقلين يضعون جداول زمنية صارمة، فيجدون أنفسهم مقيدين وكأنهم في وظيفة تقليدية، بينما يعتمد آخرون على العشوائية، فينتهون بعدم الاستقرار والقلق المستمر بشأن الدخل.
الحل ليس في مزيد من العمل، بل في العمل بذكاء. لا تقيس نجاحك بعدد الساعات، بل بجودة المشاريع والعائد الذي تحصل عليه مقابل كل ساعة. لا تقبل كل مشروع لمجرد زيادة الدخل، ولا تترك وقتك مفتوحًا للعمل بلا نهاية. إذا لم تضع حدودًا لنفسك، فلن يضعها أحد لك، وستتحول حريتك إلى عبودية مقنعة.
العمل الحر له مميزات، معظم المستقلين لا يستغلونها فيقعون في سيناريو اسوء من الموظف العادي. وهو ماتفضلتم به!
العمل الحر هو مثل انشاء مشروع جديد، يجب التخطيط له على المدى البعيد وليس تحصيل رزق اليوم فقط! يجب الاستثمار في المشاريع التي تعمل عليها وكذلك بناء خطة تطويرية تصل الى حد توظيف عاملين تحت ادارتك وعلى المدى البعيد توظيف مدير عمليات ومدير تسويق
ان لم تكن هذه الخطط المستقبلية ضمن اطار خطة عملك فانت تتجه نحو الجانب المظلم من العمل الحر والافضل التخلي عنه والعمل في شركة واعتماده كمصدر دخل ثانوي فقط
لكن في الوقت نفسه، قد يواجه بعض المستقلين صعوبة في تطبيق هذه الخطط بسبب محدودية الموارد أو الخبرة. كيف يمكن للمستقلين الجدد وضع خطط قابلة للتنفيذ دون أن يشعروا بالإرهاق أو الفشل في بداية الطريق؟
اولا الاهتمام بالمهارات الشخصية، فبناء الثقة صعب وخسارتها سهل!
ثانيا التسويق الشخصي وعدم الاعتماد فقط على مواقع المستقلين، ومن اهم عناصر التسويق هي الفيديوهات (ريلز) في انستقرام وتيكتوك ومراجعة احصائيات المشاهدة وكيف يمكنك ان تنتشر اكثر واكثر لان جزء من هذا الانتشار سيعزز مبيعاتك
الموضوع سهل كفكرة لكن بالفعل صعب كتطبيق، احد مدراء الاعمال اخبرني انه يقضي مالايقل عن ساعتين يوميا لانشاء فيديو او اكثر (حسب الخبرة والسرعة) ينشره في ريلز. ويجب عدم ترك النشر ولا ليوم واحد لان من الصعب الانتشار ومن السهل خسارته.
من الممكن الانتقال من مرحلة الى اخرى بعدما تزداد المبيعات لدى المستقل، صحيح ستتراجع ارباحك مؤقتاً لكنه كتراجع السهم في كبد القوس.
أفضل طريقة هي أن أضع نظام لنفسي يشبه الوظيفة التقليدية، يعني أخصص ثماني ساعات للعمل وثماني ساعات للنوم وثماني ساعات لاحتياجاتي الشخصية، وبالتالي سيكون هناك توازن بين الحياة والعمل، بمعدل يسمح بتنظيم وقتي وبنفس الوقت يمكنني أن أحقق دخلا مرضيا
لكن هل يمكن لنظام ثابت مثل هذا أن يتناسب مع طبيعة العمل الحر، حيث تختلف أوقات المشاريع ومتطلبات العملاء؟ أم أن التوازن هنا يعتمد على المرونة أكثر من الالتزام بجدول محدد؟
المشكلة ليست في العمل الحر، بل فينا نحن. في ادارة لهذه المشاريع دون أن تترك اثرا سلبيًا على علاقاتنا وصحتنا النفسية والعقلية.
واجهت هذه المشكلة في بداية مشواري في العمل الحر، ولكن مع الخبرة والوقت لم تعد المشكلة قائمة، فأحاول في كل مرة التأكد من أن المشروع الذي سأعمل عليه سيكون مناسب لخبرتي وبالتالي أنجزه خلال المدة المحددة لي ودون الشعور بالضغوطات وألا يؤثر هذا المشروع على صحتي النفسية والعقلي وحتى على علاقتي مع من دائرة الاقارب والاصدقاء، لذا لا مشكلة في أن اقول "لا" لأي مشروع لا يناسبي قدراتي أو وقتي، كما أحرص على إدارة أولوياتي في كل صباح، فالمشروع الذي يتطلب صفاء ذهني وبالتالي تركيز قوي لأقوم بالقيام به في الصباح، وفي فترة ما قبل العصر أخصصها للمهام التي تتطلب هذا الجهد الذهني، ما بعج المساء فهو مخصص لي بعيدًا عن المشاريع والعملاء، فهو لي أنا، سواء لقضاء وقت مع الاخرين أو لتنمية المواهب أو غيره من الأمور التي تشعرني بالراحة.
لذا لا مشكلة في أن اقول "لا" لأي مشروع لا يناسبي قدراتي أو وقتي
هل تعتقدين أن قول (لا) دائماً هو الحل الأمثل؟ ماذا لو كانت هناك فرصة مهنية مهمة لكنها تتطلب مجهود إضافي؟ كيف تتعاملين مع التحديات غير المتوقعة التي قد تعطل هذا التوازن؟
ليست دائمًا صحيحة، ولكنها في أغلب الاحيان نتائجها تفوق قول كلمة نعم. لذا دائمًا أسأل نفسي قبل رفض او الموافقة على مشروع ما ما تأثيره عليا صحيًا ونفسيا وعقليا، هل سيتطلب مني قضاء وقت عليه أكثر من المعتاد؟ هل بالفعل سيوفر لي دخل جيد؟ ببساطه أقيم هذه المشاريع من جميع الجوانب، وإلا سأخسر صحتي وسأنفق عليها المال الذي ربحته من مشروع أنهيته كوني لم أقل لا في بعض الاحيان. يكفي أنها تخفف من مستويات التوتر، ادارة الاولويات والقدرة على انتقاء المشاريع ووضع حدود بين العمل وحياتنا الخاصة أمور مهمة أضعها في عين الاعتبار.
من الممكن ان نتعلم قول "لا" في بعض الأحيان، قد يكون العمل الحر محاطًا بالكثير من الفرص، لكن ليس كل مشروع يستحق الموافقة عليه. اذ تعلمنا كيف نضع حدودًا و نقول "لا" للمشاريع أو الأوقات التي قد تؤدي إلى زيادة الضغط والإرهاق سنستطيع اداره الوقت بشكل اكثر كفائه.
من واقع تجربتي الشخصية، محاولة الالتزام بجدول زمني صارم في العمل الحر غالبًا ما تفشل، لأن طبيعة المشاريع تتغير باستمرار. لكن ترك الأمور عشوائية أيضًا يؤدي إلى الإرهاق وعدم الاستقرار. الحل الأمثل يكمن في نظام يجمع بين التخطيط والمرونة. مثلًا، تقسيم الأسبوع إلى أيام ثقيلة للعمل وأيام أخف، أو تخصيص ساعات محددة يوميًا لكن مع هامش تعديل حسب الحاجة. الأهم هو وجود هيكل عام، وليس جدولًا جامدًا ينهار مع أول طارئ.
التعليقات