قبل سنوات، كنت أعتقد أن العمل الحر هو الجنة الموعودة: لا مدير يراقبني، لا مواعيد صارمة، ولا صباح متجهم يجبرني على ارتداء ملابس رسمية. الحرية المطلقة! لكن ما لم يخبرني به أحد أن هذه الحرية تأتي بفاتورة مستحقة الدفع على مدار الساعة.
في اليوم الأول استيقظت متأخرة، صنعت كوب قهوتي المفضل، وجلست أمام اللابتوب، ثم أغلقت اللابتوب، لأنني "مستقلة"، لا داعي للاستعجال! قمت بجولة في المنزل، أعدت ترتيب الرفوف، تابعت فيلمًا وثائقيًا لا علاقة له بعملي، ثم قررت أنه حان وقت الإنتاجية… لكن، أليس من الأفضل تأجيلها للغد؟
بعد الشهر الأول تساءلت هل أنا عاطلة أم مستقلة؟، واكتشفت أن العمل الحر لا يعني أن المال يتدفق إليكِ بينما تحتسين القهوة في مقهى أنيق. بل يعني أنكِ إذا لم تعملي، فلن تأكلي. وبدلاً من أن يكون لديَّ مدير واحد، أصبحت أتعامل مع ثلاث مدراء، كلهم "عملاء" لهم طلباتهم الخاصة وأذواقهم العجيبة في التعديلات التي لا تنتهي.
بعدها أدركت أن يوم العطلة لا يأتي، لأنكِ إن لم تعملي اليوم، فستعملين غدًا لتعويضه. عطلة نهاية الأسبوع؟ تعني أنكِ ستدفعين ثمنها يوم الإثنين بمضاعفة المهام. الأصدقاء والعائلة بدأوا يتساءلون إن كنتِ أعمل حقًا أم "أقضي وقتي على الإنترنت".
في لحظة يأس، قررت أن أضع قواعد: ساعات عمل محددة، عطلة رسمية أسبوعية (حقيقية، وليست كذبة أقولها لنفسي)، وحدود واضحة مع العملاء. المفاجأة؟ الأمور لم تنهَر، بل أصبحت أكثر تنظيمًا، وأنا لم أعد تلك الفتاة التي تكتب تقارير الساعة الثالثة فجرًا بعيون نصف مفتوحة.
العمل الحر ليس نزهة، لكنه أيضًا ليس عبودية. هو مزيج غريب من التحكم في وقتكِ وفقدانه تمامًا. وبين الحلم والواقع، هذه كانت تجربتي مع العمل الحر…
وماذا عنكم؟ كيف ترون العمل الحر؟هل هو حقًا "اعمل وقتما تشاء"... أم أنه في الحقيقة "يجب أن تعمل طوال الوقت"؟
التعليقات