دخلتُ عالم العمل الحر محمّلةً بالطموح، إلى أن اصطدمتُ سريعًا بمتطلبات عميل كان يطالبني بالإنجاز في التو واللحظة. كانت تلك تجربة غريبة، فمنذ اليوم الأول وحتى التسليم النهائي، لم يمر حوار بيننا إلا وتخللته مطالب قاطعة بسرعة التنفيذ.

كان صندوق رسائلي على مستقل يشتعل بسببه! وهذا الضغط دفعني في البداية لتسريع خطواتي بشكل جنوني، مضحّيةً بهدوئي وتوازني الشخصي على حساب إرضائه. لكنني أدركت لاحقًا أن هذا التسليم السريع والمُستمر للطلبات لا يؤدي إلا إلى ترسيخ قناعته بأن الإنجاز المثالي يتم في لحظات، وهو ما أرهقني بشكل غير صحي.

وجعلني فجأة للأسف لا أفتح رسائله، لا أرد عليه، لم أقدر حقيقةً! كانت كل رسالة منه ثقيلة عليّ ولا أعرف ماذا أفعل! توقفت عن العمل وتركته.

بالطبع تصرفي معه ليس بالشيء الذي أفتخر به، ولكن الضغط كان أكبر مني ومن كل شيء حينها.

انتهى المشروع وعلّمتني هذه القصة أن رسم الحدود المهنية من البداية يوفر علينا الدخول في هذه التحديات لاحقًا، ومنذ ذلك اليوم وأنا أتصرف بحذر وأوضح الحدود الزمنية للمشروع لأي عميل.